المشاهد نت

حضرموت… مرض السرطان يتزايد قريباً من حقول النفط

حضرموت – محمد سليمان:

اختفت ابتسامة الطفلة نجود أحمد (11 عاماً)، بعد اكتشاف الأطباء إصابتها بمرض السرطان بالغدد اللمفاوية، مطلع هذا العام، وتحولت حياة أسرتها إلى حزن دائم.
نجود بدأت رحلة التنقل بين مركز السرطان في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (شرق اليمن)، ومنزلها الواقع في منطقة وادي دوعن بالمحافظة ذاتها، قاطعة مسافة 250 كم بين المكانين، قبل 9 أشهر من إصابتها بالمرض.
ويقول والد نجود الذي يعمل في إحدى الدوائر الحكومية، لـ”المشاهد”: نضطر أسبوعياً للذهاب إلى مدينة سيئون، وذلك لتعطى نجود جرعة العلاج الكيماوي بمركز علاج الأورام السرطانية بوادي حضرموت، حيث تكلفنا الرحلة ما يقارب 10000ريال يمني للذهاب والعودة”، مضيفاً: “رغم مجانية العلاج في المركز، إلا أننا لم نعد قادرين على تحمّل تكاليف التنقل وبعض التكاليف الأخرى، وخصوصاً في ظل هذه الظروف التي لم يعد الراتب فيها يكفي لشراء الطعام للأسرة”.

ووصل عدد الحالات التي يستقبلها المركز الوطني لعلاج السرطان الحكومي بوادي حضرموت، شهرياً، 32 حالة، حسب التقرير الشهري الصادر عن المركز في أكتوبر الماضي، والذي قدم خدماته لـ2028 حالة موزعة على 6 أقسام، إذ بلغ عدد مرتادي عيادة أخصائي الأورام 552 حالة، بينما يتلقى الجرع الكيميائية 247 حالة، وتمنح الصيدلية المجانية الأدوية لـ865 حالة، فضلاً عن تقديم المختبر المجاني خدماته لـ336 حالة، واستفاد من عيادة الكشف المبكر وجهاز أشعة الماموجرام 28 حالة، بحسب التقرير ذاته.
ويلقي المصابون بالمسؤولية على الشركات النفطية العاملة بالمسيلة وصحراء حضرموت، التي تتخلص من مخلفاتها النفطية بطريقة غير صحيحة، الأمر الذي تسبب بظهور أمراض لدى الساكنين بالمناطق القريبة من الحقول النفطية.
وتؤكد دراسة زاهر بن الشيخ أبوبكر البحثية، التي أجراها على سكان منطقة ساه إحدى مناطق الامتياز بوادي حضرموت، من خلال توثيقه 88 حالة مصابة بأمراض سرطانية مختلفة سببها التلوث البيئي وما نتج عن مخلفات مركبات أو مخاليط غازية أو سائلة أو صلبة مصدرها النفط، إلى عناصر البيئة المتمثلة بالماء والهواء والتربة، والتي أكدت أن آثار التلوث البيئي الناتج عن مخلفات تلك الشركات، لا تظهر إلا بعد عدة سنوات.
وتشير الدراسة ذاتها إلى وفاة 15 حالة مصابة بالسرطان، وأن نسبة المصابين بالأمراض السرطانية تصل إلى 3.6% من السكان، ومن المتوقع خلال السنوات القادمة أن يصل إلى 4%، وهذا مؤشر خطير، حيث حصلت مديرية ساه ثاني أكبر مديرية في حضرموت، على المركز الأول من حيث عدد المصابين بالأمراض السرطانية، ومن المتوقع زيادة نسبة المصابين في نهاية 2018، إلى 100 حالة.

إقرأ أيضاً  «أنيس».. أقدام مرتعشة على طريق محفوف بالمخاطر

إمكانيات علاجية شحيحة

مركز علاج السرطان أحد أبرز نوافذ الأمل لمرضى السرطان بوادي حضرموت، بات مهدداً بتوقف العمل فيه، حسب تأكيد مديره الدكتور هشام بن سميط، لـ”المشاهد”، مضيفاً بالقول: “رغم تقديم المركز كل هذه الخدمات للمرضى، وبهذا الضغط الكبير، كونه يستوعب عدداً إضافياً من المصابين، نتيجة وجود عدد كبير من النازحين بالوادي، إلا أنه لم يعتمد له أية ميزانية تشغيلية، وغالبية العاملين بالمركز يعملون بنظام التعاقد وبمبالغ لا تحقق لهم الحد الأدنى من متطلبات الحياة”.
وتغطي منظمات المجتمع المدني 10% من الميزانية، حسب الدكتور بن سميط، مشيراً إلى أن العبء الذي يتحمله المركز بتقديم خدماته المجانية كبير، خاصة أن أسعار العلاج الكيميائي والمحاليل المختبرية وغيرها من متطلبات علاج المريض بالسرطان، مرتفعة جداً.
ويؤكد على ضرورة توفير أجهزة مهمة للمركز، مثل جهاز فصل كريات الدم والأشعة التشخيصية، وتوفير كادر مقتدر للعمل بالمركز بجانب المتواجدين، لتقديم خدمات أكبر للمرضى في المركز الوحيد بمدينة سيئون.
وسجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 10,000 حالة سرطان في اليمن، مؤكدة أن 40% فقط من هذه الحالات تلقت العلاج الكامل في العام 2017. وهذا مؤشر واضح للظروف القاسية التي يمر بها هؤلاء المرضى، بحسب المنظمة.

مقالات مشابهة