المشاهد نت

في يوم الطفولة العالمي … أطفال اليمن وواقع الحرب

القاهرة – صادق القدمي:

 

 

لم تكن الطفلة اليمنية أمل حسين التي أثارت صورتها “ذات الملامح الهزيلة” ضجة بالعالم، والتي ماتت بعد معاناة كبيرة مع الجوع والمرض مطلع الشهر الحالي، إلا نموذجاً لملايين الأطفال اليمنيين الذين يقاسون معاناة الحرب المستمرة منذ ما يقارب أربع سنوات.
ففي الوقت الذي احتفل العالم فيه باليوم العالمي للطفولة، وذكرى صدور اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر عام 1989، تتوالى القصص المأساوية، لآلاف الأطفال اليمنيين الذين يقاسون شتى أنواع المعاناة وصنوف الانتهاكات، من التعرض للقتل والتعذيب، والحرمان ليس فقط من التعليم، وإنما من أبسط مقومات الحياة الأساسية من طعام وماء، ليصل الأمر إلى استغلال الأطفال كدروع بشرية وإجبارهم على حمل السلاح.

جحيم الحرب
ويعيش أطفال اليمن في جحيم الحرب والمجاعة والمرض في ظل انعدام الأمن الغذائي، وانهيار النظام الصحي في البلاد لتقضي هذه الأوضاع على طفل يمني كل عشر دقائق حسب مسؤولٍ في منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف.
المدير الإقليمي “لليونيسيف” غييرت كابيلايري، خلال كلمة ألقاها الأحد الماضي في العاصمة الأردنية عمان، كشف عن أن طفلاً يموت كل 10 دقائق في اليمن، بسبب أمراضٍ يمكن علاجها بسهولة، وأشار إلى أن 30 ألف طفلٍ يموتون كل عام، ويلعب سوء التغذية دوراً أساسياً في موتهم.
مضيفاً أن هناك 1.8 مليون طفل يعانون سنوياً من سوء التغذية في اليمن، و 40 ألف طفل يعانون من حالات سوء تغذية تهدد حياتهم كل يوم.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء الماضي، أن أكثر من 11 مليون طفل في اليمن بحاجة إلى مساعدة إنسانية، جراء الحرب الدائرة في البلاد، جاء ذلك في تغريدة نشرتها المنظمة في صفحة مكتبها باليمن على “تويتر”، بمناسبة اليوم العالمي للطفل.
وقالت المنظمة إن أكثر من 11 مليون طفل يمني، والذين يشكلون 80% من أطفال البلاد، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، موضحة بأن أطفال اليمن، يتحملون العبء الأكبر لأكثر من ثلاث سنوات ونصف من الصراع المدمر.

في يوم الطفولة العالمي ... أطفال اليمن وواقع الحرب
طفلة يمنية مذعورة اثناء قصف الحي الذى تسكن فيه

أطفالٌ آخرون يقضون بشكل يومي في الحرب المستعرة المستمرة، إما بالقصف العشوائي على المنازل والأحياء السكنية، أو بسبب الألغام التي يزرعها الحوثيون في المناطق التي يسيطرون عليها، حيث رصدت وزارة حقوق الانسان 1500 طفل يمني قتلوا، وأكثر من 4000 مصاب، منذ مارس 2015م وحتى أبريل 2018م
وذكر وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبدالحفيظ في تصريح خاص “للمشاهد” بأن الطفولة في اليمن تعيش أصعب أوضاعها على مستوى العالم، وذلك من عدة نواحي، ابتداء بالجانب الصحي، ووصول اليمن إلى المرتبة الأولى من حيث سوء التغذية لدى الأطفال وخصوصاً من سن الولادة إلى عمر خمس سنوات، ما يتسبب في وفاة كثير من الأطفال بشكل يومي، نتيجة ضعف الرعاية الصحية خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تتفاقم الأوضاع بشكل مخيف في تلك المناطق بسبب عدم اهتمام الحوثيين بتلك القضايا حسب قوله.

في يوم الطفولة العالمي ... أطفال اليمن وواقع الحرب
طفل يمني ونظرة حيرة للمستقبل

مستقبل قاتم
مستقبل الأطفال أيضا أصبح مهدداً بسبب تراجع مستوى التعليم خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون حسب تصريح وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ للمشاهد، حيث قال “إن التعليم الحكومي تعرض لحملة تشويه كبيرة من قبل الحوثيين من خلال زرع الأفكار الطائفية داخل المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، وتدميرهم لقيم الإنضباط وإتاحة الغش في المدارس، ليصبح الحصول على الشهادات التعليمية سهلاً وبدون أي امتحان”.
وقد اضطرت أعداد كبيرة من الأطفال في اليمن لترك الدراسة منذ تصاعد النزاع في اليمن لأسباب عديدة، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” مطلع العام الحالي أن عدد الأطفال المحرومين من التعليم في اليمن تجاوز المليوني طفل، مع تزايد عمليات التجنيد في صفوف الأطفال.
وأضافت المنظمة في إعلانها على لسان ممثلتها في اليمن ميريتشل ريلانو لوسائل الإعلام، أن جيلاً كاملاً من أطفال اليمن يواجه مستقبلاً قاتماً بسبب عدم القدرة على الحصول على التعليم، وأن هناك نحو 4.5 مليون طفل معرضون لخطر فقدان التعليم تماماً في اليمن بسبب عدم حصول المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين لرواتبهم منذ أكثر من عامين، في خضم أزمة صنفت رسميا الأسوأ عالمياً.

إقرأ أيضاً  الأسر المنتجة تسعد الفقراء في العيد

تجنيد إجباري
التجنيد الإجباري واستخدام الأطفال كوقود للحرب ودروع بشرية أسباب أخرى تسببت بمقتل آلاف الأطفال اليمنيين في جرائم جسيمة ترتكب بحق الطفولة.
وزير حقوق الإنسان الدكتور محمد عسكر قال في صفحته على تويتر “يحتفل العالم باليوم العالمي للطفل للتأكيد على حقوقه الأساسية، في الصحة والتعليم، ونحن نعاني من جريمة تجنيد الأطفال التي يرتكبها الحوثيون بشكل غير مسبوق”، مؤكداً أن الإحصاءات تشير إلى وجود حوالي عشرين الف طفل مجند في صفوف الحوثيين، كما رصد تحالف رصد الحقوقي تجنيد الحوثيين 1200 طفل خلال عام وربع، محذراً من أن تلك الانتهاكات تنذر بجيلٍ كامل يكبر ولا يعرف إلا مشاهد العنف والقتل والخراب.
وإزاء ذلك تسعى عدد من المنظمات والمراكز الإنسانية والإغاثية بالتعاون مع الحكومة، إلى إعادة تأهيل الأطفال المجندين حيث بلغ عدد الأطفال ممن أعيد تأهيلهم من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 241 طفلا، ضمن خطة المركز التي تستهدف إعادة تأهيل 2000 طفل مجند في اليمن.
ويخضع الأطفال المستهدفين لبرنامج نفسي واجتماعي يهدف إلى تخليصهم من آثار الزج بهم في معارك القتال، وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية عبر التعلم باللعب والرسم وممارسة أنواع الرياضة المختلفة، إضافة إلى تقديم برنامج ترفيهي ورحلات خارجية لهم.

دور غائب
ورغم كل الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية والإغاثية إلا أن اليمنيين يسمعون جعجعتها ولا يرون طحينها، وقد وقعت بعضها أسيرة ضغط الحوثيين بتوظيف عدد كبير منهم داخل مكاتبها، الأمر الذي انعكس سلباً على عملها رعاية الطفولة حسب تصريح وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبدالحفيظ حيث دعا المنظمات الدولية إلى بذل جهد حقيقي يوازي الكارثة الإنسانية التي تمر بها البلاد.
ويغيب دور الحكومة بشكلٍ تام في المناطق الخارجة عن سيطرتها علاوة على ضعف أدائها في مناطق سيطرتها، وعلل عبدالحفيظ تعثر الحكومة في التخفيف من معاناة الأطفال إلى عرقلة الحوثيين لجهودها في المناطق التي يسيطرون عليها، مؤكداً أن الحكومة لا تألو جهداً في العمل بالمناطق المحررة وتحاول الوصول للمناطق غير المحررة عن طريق المنظمات الإنسانية حسب قوله، وذلك بالعمل على تدعيم الجانب الصحي ومعالجة سوء التغذية والحد من تجنيد الأطفال.

حلول عاجلة
الناشطة الحقوقية الدكتورة رائدة الذبحاني في تصريح خاص للمشاهد قالت إن الطفل اليمني يفتقر إلى الطفولة البريئة والجميلة بكل مقاييسها، وذلك بفقده للتعليم والصحة والحياة الإنسانية الكريمة، مضيفة أن أعداداً كبيرة من الأطفال اليمنيين قتلوا برصاص وقذائف الحرب الظالمة وآخرين أخذوا إلى ساحات القتال.
وأضافت الدكتورة الذبحاني: لا يوجد سبيل لإنقاذ الطفل اليمني إلا بإحلال السلام على الأرض وإنهاء الحرب ليعيش الطفل بسلام، داعية إلى ضرورة إيجاد حلول عاجلة ليتمكن الأطفال من العودة إلى مدارسهم ويعيشوا حياة الاستقرار، مع الاهتمام بصحتهم وتوفير أهم مقومات الحياة لهم.
وتعاني اليمن، منذ نحو 4 سنوات، من حرب بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي من جهة، والحوثيين الذين يسيطرون على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014 من جهة أخرى، وخلفت الحرب المستمرة أوضاعاً معيشية وصحية متردية للغاية، وبات معظم سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية في مقدمتهم الأطفال.

مقالات مشابهة