المشاهد نت

مساعي أممية حثيثة…هل تنجح مساعي السلام هذه المرة؟

تعز – معاذ الحيدري :
تتواصل الجهود السياسية والدبلوماسية بشأن السلام في اليمن، والدفع بالمفاوضات إلى الواجهة من جديد. إذ تبدو الجهود هذه المرة مكثفة ومضاعفة أكثر من أي وقت مضى، والمؤشرات السياسية تشير إلى أن المفاوضات قد تحظى بالنجاح بعد تنقل المبعوث الأممي من واشنطن إلى لندن، ثم العاصمة الأردنية عمان، ومنها إلى الرياض، لحشد الجهود والمواقف الدولية في سبيل إنجاح المفاوضات.
وأكد المبعوث الأممي الذي وصل إلى محافظة الحديدة (غربي اليمن) اليوم أن انظار العالم تتجه صوب الحديدة.
وقال في بيان صادر عنه “القادة والرؤساء من كل البلدان دعونا جميعا للحفاظ على السلام في الحديدة. لقد جئت إلى هنا اليوم مع أصدقائي وزملائي ليز غراندي المنسق الإنساني للأمم المتحدة، ومدير برنامج الغذاء العالمي إستيفن أندرسون، لنتعرف بشكل مباشر كيف يمكننا الإسهام في حماية الناس في الحديدة من التعرض لمزيدٍ من الدمار. أرحب بالنداءات الأخيرة التي تدعو إلى وقف القتال، وهذه خطوة أساسية إذا أردنا حماية أرواح المدنيين وبناء الثقة بين الأطراف. كما تعلمون أنني أخطط وأتمنى أن أجمع الأطراف معاً في السويد في وقت قريب جداً لاستئناف المشاورات السياسية”.
وبحث غرافيت مع قيادة أنصار الله في صنعاء، خلال لقاءه بهم أمس في صنعاء، كيفية إسهام الأمم المتحدة في الحفاظ على السلام في الحديدة وفقا للبيان.
وقال “أنا هنا اليوم لأخبركم أننا قد اتفقنا على أن الأمم المتحدة يجب أن تنخرط الآن وبشكل عاجل في مفاوضات تفصيلية مع الأطراف للقيام بدور رئيسي في ميناء الحديدة، وأيضا على نطاق أوسع. نحن نعتقد أن مثل هذا الدور سيحافظ على خط الإمداد الإنساني الرئيسي الذي يبدأ من هنا ليخدم الشعب اليمني. كذلك نأمل أن يسهم مثل هذا الدور أيضاً في الجهود الدولية لزيادة قدرة وفاعلية الميناء”.

اشتراطات حوثية قبل الذهاب إلى السويد

وتقول المصادر السياسية إن الحوثيين وضعوا العديد من الشروط بشأن ذهابهم إلى السويد، ومن بين تلك الشروط، إعطاؤهم ضمانات أممية تتعلق بتأمين انتقال المفاوضين الحوثيين إلى السويد، والعودة إلى صنعاء، دون عوائق. إضافة إلى نقل جرحاهم إلى الخارج للعلاج.
وأبدى مبعوث الأمم المتحدة استعداده باصطحاب وفد صنعاء المفاوض، مؤكدا موافقة التحالف بقيادة السعودية على نقل حوالي 50 جريحاً من تحالف الحوثيين لتلقي العلاج في العاصمة العمانية مسقط، وفقاً لمعلومات حصل عليها “المشاهد”.
وطبقاً للمعلومات، فقد تحدث زعيم الحوثيين، إلى مارتن جريفيث، بشأن معاناة الشعب اليمني نتيجة ما اسماه بـ”العدوان والحصار” اللذان تسببا بمعاناة إنسانية واقتصادية استهدفت كل اليمنيين بلا استثناء، وفاقمت من اتساع الأزمة الإنسانية، متمنياً من التحالف أن يكون صادقاً هذه المرة، وليس ككل مرة يظهر فيها أنه غير جاد في الحوار.
ويحاول المبعوث الأممي مارتن جريفيث من هذه الترتيبات، بناء الثقة، وتجاوز مفاجآت اللحظة الأخيرة التي حالت دون التحاق الحوثيين بمشاورات جنيف، في سبتمبر/أيلول الماضي.
ويأمل الوسيط الدولي، حسم النقاط الخلافية حول ملفات الأسرى والمعتقلين، وتوحيد المصرف المركزي، ودعم فرص التهدئة في مدينة الحديدة وموانئها الحيوية للمساعدات الإنسانية.
حتى اللحظة، تبدو المؤشرات إيجابية، ولكن مراقبون لا يستبعدوا حدوث مفاجآت وتراجع في المواقف، لأن الأمر يتعلق بمدى الجدية وحجم الضغوط التي ستمارس من قبل المجتمع الدولي على الأطراف، إلى جانب الأوراق التي يستطيع أن يلعب عليها جريفيث، واستخدامها في اللحظات الأخيرة.

هل السعودية جادة في السلام؟

الملفت هو أن الترحيب من قبل التحالف العربي والسعودية تحديداً، يبدو كبيراً، وهو مؤشر على جدية السعودية هذه المرة في إيقاف الحرب والذهاب نحو السلام.
وأكدت المصادر السياسية في الرياض لـ”المشاهد” أن السعودية تمر بأصعب ظروفها التاريخية، ما جعلها الآن تبحث عن إيقاف الحرب في اليمن بأية طريقة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن السعودية أبلغت المبعوث الأممي مارتن جريفيث استعدادها للسلام والتفاوض مع جماعة أنصار الله بشأن إيقاف الحرب، بعيداً عن المناورة، وعن التمسك بالمواقف السابقة، أو المواقف التي ظلت تطرح من قبل الشرعية وتبرز كعراقيل، على سبيل المثال ما يطرح من مرجعيات وأساسيات وقرارات دولية.
ولفتت المصادر المطلعة، إلى أن مقتل خاشقجي ليس وحده فقط من جعل السعودية تتحرك نحو البحث عن مخرج من الحرب في اليمن، بل إن “السعودية ومشاكلها الداخلية ومشاكلها مع قطر وتركيا والأوروبيين وإيران والديمقراطيين بأمريكا، كلها مسائل جلعت السعودية وولي العهد محمد بن سلمان يبحث عن حلول للحرب.

إقرأ أيضاً  خديجة.. قصة التغلب على العنف وخذلان الأسرة

مشروع قرار بريطاني

وبالتوازي مع جهود استئناف مشاورات السلام المتعثرة منذ أكثر من عامين، تسلم مجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، مشروع قرار بريطانياً يدعو إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة، ويضع مهلة للطرفين المتنازعين لإزالة جميع الحواجز أمام المساعدات الإنسانية.
ويدعو نص المشروع الطرفين المتقاتلين إلى “الالتزام بوقف الأعمال العدائية في محافظة الحديدة، وإنهاء جميع الهجمات على المناطق السكنية، ومناطق المدنيين في كل اليمن، وإنهاء الهجمات بالصواريخ والطائرات بلا طيار على دول المنطقة وعلى المناطق البحرية”، كما يدعو إلى “تسهيل حركة عبور المساعدات الإنسانية من طعام ومياه، ووقود وأدوية وغيرها من الواردات الضرورية، بإزالة جميع الحواجز الإدارية التي تعيق حركة المساعدات، خلال أسبوعين من صدور القرار”.
ورغم أن المجلس لم يحدد تاريخاً للتصويت على مشروع القرار، إلا أن الهدنة المنصوص عليها تدخل حيز التنفيذ منذ يوم التصديق، على أن يتولى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، وفق الإجراءات المنصوص عليها، عرض تقرير عن “وقف الأعمال العدائية خلال أسبوعين”.
بدوره، أوضح مجلس الأمن أنه ينظر في اتخاذ إجراءات إضافية “لدعم حل سياسي للنزاع المسلح”، ومن تلك الإجراءات “ضخ مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية في البنك المركزي اليمني لدعم العملة المحلية، وتوفير رواتب الموظفين الحكوميين، والأساتذة والعاملين في قطاع الصحة خلال شهر واحد”.
وتضاف هذه الإجراءات إلى سلسلة من إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، بهدف تمهيد الطريق إلى محادثات السلام، بما فيها الإفراج عن السجناء، وإعادة فتح المطار في صنعاء أمام الرحلات التجارية، ودعم البنك المركزي.

الشرعية متمسكة بالمرجعيات

أعلنت حكومة الشرعية، قبل يومين، موافقتها على المشاركة في المشاورات المقبلة المزمع عقدها في السويد.
وأوضحت وزارة الخارجية في حكومة هادي، في بيان نشرته وكالة “سبأ” التابعة للشرعية، أن الحكومة أبلغت المبعوث الأممي جريفيث، أن توجيهات الرئيس هادي “قضت بتأييد جهود المبعوث الأممي ودعمه لعقد المشاورات القادمة، وإرسال وفد الحكومة للمشاورات بهدف التوصل لحل سياسي للأزمة مبني على المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216”.
وأكدت حكومة هادي في خطابها إلى المبعوث الأممي، على أهمية الضغط على الحوثيين من أجل “التجاوب مع الجهود الأممية، والحضور إلى المشاورات دون قيد أو شرط”.

التشكيك حاضراً

وعلى الرغم من الجهود التي تبذل لإجراء المفاوضات، إلا أن اليمنيين يشككوا بإمكانية ذلك، في ظل التواطؤ من قبل المجتمع الدولي، الذي يتهم باستثمار الحرب في اليمن بحسب أكاديميين يمنيين، ومنهم أستاذ الإعلام بجامعة صنعاء، الدكتور وديع العزعزي، الذي كتب في صفحته على “فيسبوك”: “أفكر بالقرار الأممي رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والخاص بالحرب في اليمن، ترى أين ذهب؟ هل تبخر؟ أم ذاب حبره؟ فالأمم المتحدة ودول مجلس الأمن العظمى لم تستطع أن تلزم الانقلابيين بتنفيذ بنود القرار كأساس للحل في اليمن، أو لنقل إن هذه الدول الكبرى لا تريد للقرار الدولي أن ينفذ، وتبقى الحرب مستمرة إلى أمد طويل، لكسب مصالحها وممارسة سياستها الابتزازية لمختلف الأطراف، لاسيما حكومة الشرعية ودول التحالف العربي. ولا علاقة للإنسانية بالأمر”.
ويضيف العزعزي: “ها هي نفس الدول، وفِي نفس المجلس، تقدم مشروع قرار جديداً عندما شعروا بهزيمة المليشيا، وأن معركة الحديدة شبه محسومة، وكعادتها تتدثر برداء الإنسانية لتمرير القرار وإنقاذ مليشيا الحوثي”. متابعاً: “خلاصة الكلام أن تحقيق السلام أحياناً يحتاج إلى قوة على الأرض تفرضه، وبالتالي حسم الشرعية والتحالف لمعركة الحديدة سيكون عاملاً مهماً في صناعة السلام باليمن. ما لم فإن الأمم المتحدة والدول الكبرى تبيع لنا أوهام السلام”.

مقالات مشابهة