المشاهد نت

المرأة في مرمى العنف الزوجي

صنعاء – سمر الأزرقي

لم تتوقع (ذ.م) وهي شابة ثلاثينية وزوجة وأم لـ4 أطفال، أن الحرب ستضعها في ظروف بالغة الصعوبة، فقد فرض عليها ضيق الحال الخروج في محاولة لكسب الرزق والعمل في الأشغال اليدوية لإعالة أطفالها، وتوفير قوت يومهم، بعد انقطاع راتب زوجها الذي عجز عن توفير مصاريف البيت. باتت هي المعيل الوحيد للأسرة بعد أن عجز الزوج عن توفير القوت وبات اتكال العائلة بالكامل عليها.
وهذا الشابة ليست حالة نادرة، فقد فرضت الحرب على اليمنيين خيارات بالغة الصعوبة، فمن لم يمت بالقصف، قد يودي به بالجوع، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة التي فاقمت من حدة الفقر والبطالة، لاسيما بعد انقطاع الرواتب. الحال المتردي هذا فرض قيوداً وأغلالاً جديدة على الفتاة والمرأة اليمنية عموماً، إذ تصاعدت حالات التعنيف والاستغلال من خلال إجبار فتيات ونساء على التسول، والخروج للقيام بعمل غير آمن في أحيان كثيرة لتدبير مصروف البيت. مع هذا الواقع برز تعرض يمنيات كثيرات للتحرش والابتزاز من قبل بعض أصحاب العمل، الذين يستغلون حاجة المرأة اليمنية للعمل والنظرة الاجتماعية التي قد تحول دون أن تعلن المرأة أنها قد تعرضت لتحرش واعتداء ما.
هذا ما حدث مع (س.م) التي كانت تحاول البحث عن فرصة عمل فتعرضت للتحرش من قبل مدير مكتب توظيف، في مكان العمل ففرت هاربة إلى الخارج، لتكتشف في ما بعد أن هناك العديد من الفتيات تم التحرش بهن ومضايقتهن من قبل هذا المدير، مستغلاً حاجتهن للمال.

المرأة معيلة للأسرة

وبحسب التقديرات يعتقد أن 50% من الأسر تعيلها نساء، في حين يعتقد 38% من النساء أن المرأة أصبحت تلعب دور المعيل الرئيسي، ويوافقها في ذلك الرجال بنسبة 22%. في المقابل يعتقد 28% من الرجال أن المرأة لازالت تعتمد على المعيل بشكل أساسي، سواء على الأب أو الزوج.
هذه النسب تؤكد مدى تزايد مشاركة المرأة في إعالة الأسرة، وفاعليتها في المجتمع، وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة آوام، بالتعاون مع منظمة أوكسفام ومؤسسة تنمية القيادات الشابة.

زواج مبكر

المرأة في مرمى العنف الزوجي
الصورة تظهر قاصرتين أجبرتا علي الزواج في إحدى المناطق القبلية شمال اليمن

وجدت الكثير من الفتيات
القاصرات أنفسهن مرغمات على الزواج المبكر، بعد عجز أسرهن عن توفير العيش الكريم لهن، لاسيما النازحات من مناطق الصراع، الأمر الذي حرمهن من فرصة التعليم، ويعرض حياتهن لخطر الإنجاب المبكر. من بين هذه الحالات (ح.م)، التي تعد نموذجاً لما تعانيه فتيات كثيرات في اليمن، فقد تزوجت (ح.م) في سن مبكرة واستمر زواجها عامين ليتوفى زوجها وتعود الى بيت أهلها وهي أرملة طفلة وأم، إذ معها رضيع. اضطرت للفتاة للعمل في خدمة البيوت لتوفير احتياجاتها واحتياجات طفلها.
ترى أشواق شجاع الدين، المختصة في التنمية والنوع الاجتماعي، أن عمل المرأة في ظل الحرب يعود بالآثار الإيجابية والسلبية في الوقت نفسه، ف”بقدر ما يسهم عمل المرأة في مشاركة النساء في اقتحام مجالات جديدة لم يخضنها من قبل وأسهم في مساحة كبيرة لتكوين رأسمال ومشاريع ناجحة، لكن في الوقت نفسه يشكل عمل المرأة ضغطاً عليها، لاسيما وأنها لازالت تعمل خارج وداخل البيت في الوقت نفسه”. وأشارت شجاع إلى أحد أوجه العنف ضد المرأة هو دفعها إلى التسول من قبل الزوج.

إقرأ أيضاً  استعادة زراعة وتصدير البصل في المخا

اختلال في المسؤوليات

المرأة في مرمى العنف الزوجي
معاناة المرأة من اجل الحصول في ظل الحرب بمدينة تعز

اختلال الأدوار والمسؤوليات الاجتماعية بعد الحرب، أسهم في حدوث الكثير من الضغوط النفسية على المرأة، مما ينتج عنها المشاكل بين الأزواج، بحسب إيمان العرشي، مختصة نفسية لدى اتحاد نساء اليمن.
وتقول العرشي إن المرأة تظل غير قادرة على تقبل الوضع، ما يثير الكثير من المشاكل الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق وشتات الأسرة. هذا الرأي تؤيده الأخصائية الاجتماعية باتحاد نساء اليمن أروى الشميري، مشيرة إلى أن دور المرأة تغير من خلال عملها وإنفاقها وتحملها كامل المسؤولية في توفير دخل الأسرة، وهذا بدوره يجعل الرجل يتكل عليها، ويتراخى عن القيام بمسؤوليته، وفي حال الرفض تعرض للتعنيف من قبله، وتنتهي الحياة في الغالب إلى الطلاق.

المرأة أكثر تأثراً بالوضع المعيشي للأسر، وبفرصها في الحياة، حيث الأحلام التي كانت ممكنة من قبل، لم تعد ممكنة في ظل هذه الظروف، وهناك الكثير ممن يكافحن اليوم لأجل الحصول على ما يشبع أسرهن، وهناك الكثير من الأشياء أصبحت مفقودة، وتفتقدها المرأة كل يوم، بسبب الوضع في اليمن، بحسب الصحفية صفية مهدي.

مقترحات للحل

المرأة في مرمى العنف الزوجي
من فعالية لاتحاد نساء اليمن في محافظة ابين حول العنف القائم علي النوع الاجتماعي

ويكمن الحل – بحسب المختصة العرشي – بالتوعية للمرأة بكافة حقوقها من خلال اللجوء إلى منظمات داعمة لحقوق المرأة، ومنها اتحاد نساء اليمن، لمساعدتها في الاستشارات النفسية والقانونية المجانية، والتي أسهمت بفتح الخط الساخن المجاني (8000999) في حالة الحاجة إلى مساعدة واستشارة نفسية وقانونية. فيما ترى الشميري أن الحل لتخليص المرأة من عنف واستغلال زوجها، يكون في إبعاد المرأة المعنفة من مصدر العنف أولاً، ومن ثم تلقي التوعية والعلاج النفسي.
وتفتقر المرأة المعنفة إلى المأوى، وعندما تلجأ إلى مراكز الإيواء للنساء المعنفات تحرم من أطفالها، حسب سياسة مراكز الإيواء، وهو ما لا تستطيع المرأة تقبله، ما يجعها تتقبل الأمر الواقع، بحسب الشميري، مقترحة على مراكز الإيواء للنساء المعفنات مراجعة الحلول وسياسة قبول المرأة مع أطفالها، فالمرأة بحاجة للدعم المادي والنفسي، وإبعاد أطفالها يزيد من معاناتها النفسية.

مقالات مشابهة