المشاهد نت

في ذكرى نوفمبر.. الجنوب يتخلى عن الساحات

عدن – بديع سلطان:

تجتهد القوى السياسية بمختلف انتماءاتها، في استغلال أية مناسبةٍ وطنية أو سياسية، كفرصةٍ لاستعراض قوتها بشكل علني، وتأكيد فوزها بأكبر قدر من مساندة الجماهير.
ودرجت على هذا النحو أغلب الأطراف السياسية اللاعبة والفاعلة على الساحة الجنوبية، حتى أضحى الجنوب مجرد ساحاتٍ للاحتفال والاحتشاد.
منذ نحو عامٍ من الآن كان ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، يتحكم في ساحات عدن والمحافظات الجنوبية، فيما لا تجرؤ الشرعية على إقامة ولو مجرد احتفالٍ بسيط في أصغر معسكرٍ خاضعٍ لها، في مقابل خفوت أصوات ما يسمى الحراك السلمي الجنوبي.
ويقول الصحفي ماجد العدني، لـ”لمشاهد”: “عندما حاول رئيس الحكومة المقال بن دغر، في نوفمبر من العام الماضي، الاحتفال بذكرى الاستقلال، مُنع من دخول مديرية البريقة، واشتبكت قواته مع مليشيات جنوبية حالت دون إقامة الاحتفاء، في أحد معسكرات المديرية”.
وبحسب العدني، فإن التصعيد الذي شهدته احتفالية نوفمبر العام الماضي، كان مفتعلاً من قبل بعض الأطراف المدفوعة من الخارج، بغرض إحراج الحكومة وكسر شوكتها، مشيراً إلى أن هدف هذه الأطراف كان تمهيداً لخوض مواجهة مع الحكومة، وهو ما حدث بالفعل في يناير 2018.
وأضاف العدني أن المعادلة انقلبت في احتفال نوفمبر هذا العام، حيث تم منع ما يُسمى المجلس الانتقالي من إقامة أية فعالية في ساحة العروض، المكان الذي يزعم المجلس أنه اكتسب شرعيته وتفويضه الشعبي منه.

لا حشد للانتقالي

الجهات التي دفعت الانتقالي إلى التصعيد مع الشرعية، قبل عام، هي ذاتها التي منعته من إقامة فعالية نوفمبر هذا العام، في ساحة العروض، وفق العدني.
واكتفى المجلس الانتقالي بعرضٍ عسكري أقيم الخميس الماضي، في معسكر (الجلاء)، غرب عدن، بحضور بعض قيادات الصف الثاني للتحالف، وشخصيات أمنية.
المقرب من اللجنة التحضيرية لاحتفالية الانتقالي، والأمين العام للحركة الشبابية الجنوبية، حمدي منصور، قال لـ”المشاهد” إن المجلس الانتقالي احتفل بذكرى الاستقلال الوطني في معسكر الجلاء بعدن، بهدف تنويع فعالياته، والخروج من أسلوب التحشيد الجماهيري، والتركيز على الاهتمام بالجانب العسكري للجنوب، والذي كان سبباً رئيسياً في تحرير المحافظات الجنوبية، بدعم من التحالف.
ونفى منصور ما تداولته تقارير صحفية حول أوامر من جهاتٍ في التحالف، بمنع إقامة فعاليات الانتقالي في ساحة العروض بخور مكسر.
لكن الصحفي إبراهيم عبدالقادر يقول: “المجلس الانتقالي لا يفوت أية مناسبة وطنية إلا ويستخدمها للمماحكات والتحشيد، وإثارة المتاعب، غير أن الأوامر هذا العام فرضت عليه الانطواء بعيداً عن الساحات الشعبية”، واصفاً الانتقالي بأنه “أداة” بيد غيره.

إقرأ أيضاً  تعز: العيد دون زيارات في ظل الحصار

احتفالات حكومية

الحكومة بدورها نظمت احتفالية فنية وثقافية وخطابية، في قاعة الاتحادية بمدينة عدن، الخميس الماضي، حملت طابعاً رسمياً، أعاد للكثيرين ذكريات الاحتفالات الوطنية في فترات الاستقرار السياسي لليمن. ويؤكد الصحفي المقرب من رئاسة الوزراء، صابر السعدي، لـ”المشاهد” أن احتفال الحكومة بذكرى نوفمبر هذا العام؛ جاء ليؤكد نبذ الشرعية للمواجهات الإعلامية مع الأطراف السياسية الأخرى، وبعث رسالة بأن الحكومة تسعى للتفرغ للبناء والتنمية، وانتشال المواطن من محنته الاقتصادية.
وقال السعدي: “الظروف التي مر بها المواطنون مؤخراً، تؤكد أن اليمني البسيط لم يعد يهتم بأمور الحشد والاحتفالات الجماهيرية أياً كان موقعها، بقدر اهتمامه بلقمة عيشه وتحسين أوضاعه، وهو ما تركز عليه الحكومة”.
يخالفه الناشط الجنوبي علي حنش، بالقول: “الحكومة تتجنب مواجهة الانتقالي والقوى الجنوبية، لعلمها أنها ضعيفة، ولا تستطيع المواجهة، لهشاشة موقفها الجماهيري والشعبي”.
وأكد حنش أن الحكومة لن تجرؤ على الخروج إلى الشارع والساحات، ولن تستطيع حشد الجماهير كما يفعل الانتقالي كل عام.
ويقول الناشط الشبابي أنور عبدالحكيم، لـ”المشاهد”: “الوعود التي كان يطلقها الانتقالي خلال عامين من التحشيد المتواصل، لم تتحول إلى واقع، ولم تحقق أحلام الجنوبيين، حتى تحولت ساحات عدن والتهديد بها إلى مجرد أضحوكة”، مضيفاً أن الساحات لم تعد كما كانت بالأمس، لقد تم استلاب قوتها الجماهيرية، وإفراغها من حيويتها بالوعود التي لم تتحقق.

مقالات مشابهة