المشاهد نت

الصحفي سارية و”اللاعودة ” قصة المثابرة والفوز

عمان – علي حسن:

حصل الصحفي اليمني أصيل سارية على جائزة شبكة أريج للصحافة الاستقصائية المركز الأول فئة “الأفلام القصيرة”، عن تحقيقه المعنون ب”رحلة اللاعودة”.

لم تكن ظروف إنتاج الفيلم الذي أعده وأخرجه “سارية” الشاب العشريني المنتمي لمحافظة “مأرب”، ذات التضاريس المتنوعة، ظروفاً اعتيادية، بسبب الحرب التي عصفت بحياة اليمنيين منذ نحو أربعة أعوام.

فكرة التحقيق جاءت في العام 2015، مع تزايد اعتقالات الصيادين اليمنيين من قبل السلطات الإرتيرية، الأمر الذي دفع بمجموعة من الصيادين اليمنيين للخروج بمظاهرات احتجاجية أمام وزارة الثروة السمكية في صنعاء في2015م، وبعد تحديد الفكرة، تم وضع خطة بحث متكاملة ارتكزت على عمل رصد عدد الصيادين المعتقلين، وعدد آخر من الصيادين المفرج عنهم، خلال الفترة من عام 2010 وحتى 2015، ومن ثم تم النزول للاستطلاع والتصوير إلى مناطق واسعة في ساحل البحر الأحمر، كمدينة ( الحديدة، اللحية، حيس، وعبس)، وبسبب الحرب، توقف تصوير الفيلم، بسبب خطورة الانتقال في مناطق الساحل الغربي التي كانت تشهد قصفاً مكثفاً للطيران، وتبادلاً عنيفاً للاشتباكات المسلحة، على مدار الساعة كما يقول سارية لـ”المشاهد”، ويضيف: “وفقاً لتلك المعطيات، تمت دراسة المخاطر من قبلي، وقبل فريق شبكة أريج، وفي عام 2017 وبعد أن تأكدنا من استمرار عمليات الاختطاف التي تنفذها السلطات الإرتيرية، قررنا مواصلة العمل رغم علمنا بظروف التنقل في مناطق تشهد عمليات حربية واسعة، على امتداد الساحل الغربي من أقصى ميدي إلى أقصى باب المندب، لكنني وفريق العمل خاطرنا وعزمنا على استكمال وانجاز التحقيق مهما كانت الظروف، وقمنا بتصويره في المناطق التي ذكرتها في السابق، فكانت رحلتنا شاقة ومتعبة، رغم الدعم الذي وفرته لنا شبكة أريج، فمرحلة التصوير لوحدها استغرقت 6 أيام”.

تجسيد للواقع:

وعرض التحقيق نماذج لقصص مأساوية عاشتها أسر صيادين يمنيين ذهبوا إلى البحر من أجل لقمة العيش ولم يعودوا، من بينهم “محمد البغيدي”، وهو واحد من مئات الصيادين الذين اعتقلتهم إريتريا من داخل المياه الإقليمية اليمنية في العام 2014 ليموت داخل السجون الإرتيرية ويدفن بعيداً عن أهله ووطنه.

ونقل التحقيق عن “ملتقى الصيادين والجمعيات التعاونية” أن “إريتريا اعتقلت خلال الفترة من 2010 وحتى 2016م أكثر من 4600 صياد يمني، فيما كشفت وثائق قال إنها تنشر لأول مرة تتضمن اعترافاً للحكومة اليمنية عام 2014م بأن “الاختطافات تتم داخل المياه الإقليمية اليمنية، بينما لم تقم بأي توجه جدي لوضع حدٍ للانتهاكات الإرتيرية”.
وأشار إلى “أن انشغال جميع الأطراف بالحرب منذ عام 2015م كان له أثر سلبي على ارتفاع حدة الاعتقالات التي تنفذها إريتريا بحق الصيادين اليمنيين”.
وأظهر التحقيق “الاعتداءات المتكررة من قبل البحرية الإرتيرية في عمق المياه الإقليمية اليمنية، واقتيادهم إلى السجون الإرتيرية ومعاملتهم بشكلٍ سيئ ومهين واستخدامهم كعمال في مشاريع هناك، وحتى بعد الإفراج عنهم لا يتم إطلاق سفن صيدهم مما يجعلهم يفقدون مصدر دخلهم الرئيس ومشروعهم الصغير”.
عندما شارك سارية في مؤتمر أريج السنوي للعام 2018، لم يكن متوقعاً بأنه سيحصل على جائزة أريج، يقول سارية “التحقيق بث قبل شهر فقط من إعلان الجوائز، وأنا سعيد جداً بهذه الجائزة، فخروج أي منتج اعلامي من اليمن في ظل الظروف السيئة التي يعاني منها اليمنيون، بحد ذاته يعتبر انجازاً، لذا فالجائزة مهداة لكل الصحفيين اليمنيين، أيضاً أهديت هذه الجائزة لوالدي ووالدتي وزوجتي وابنتي الصغيرة، الذين كانوا داعمين لي، في إنتاج هذه القصة وغيرها.”

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

من هو سارية؟

وقبل حصوله على جائزة أريج، حصد سارية المركز الثاني في جائزة سمير قصير الدولية لحرية الاعلام لعامين متتاليين هما 2017 و 2018م.
وكان الصحفي والمنتج التلفزيوني اليمني أصيل سارية قد عمل مراسلاً لقناة “إكسترا نيوز” في اليمن عام 2017، وأنتج تحقيقات تلفزيونية بالتعاون مع شبكة أريج، بُثت عبر قنوات مختلفة منها دويتشه فيله، وعمل مع منظمات المجتمع المدني منذ عام 2009 كمسؤول إعلامي لعددٍ من المشاريع المدعومة من منظمات دولية ومحلية، وفي العام 2011م حصل على البكالوريوس في العلاقات العامة والإعلان من كلية الإعلام بجامعة صنعاء، وفي عام 2012 التحق للعمل بقناة اليمن اليوم كمعد لبرنامج ”بالمفتوح” حتى توقف البرنامج عام 2015 بسبب الأحداث الأخيرة في اليمن، وقبل ذلك كتب سارية عدداً من الأعمال الصحفية في صحيفة “الثورة الرسمية، اليمن اليوم، وإيلاف” وغيرها من الصحف اليومية وتلقى العديد من التدريبات في مجال الصحافة الإلكترونية والورقية، بالإضافة إلى بروز موهبته في الإخراج، حيث أخرج عدداً من الأفلام الوثائقية مع العديد من المنظمات والمبادرات الشبابية .

مقالات مشابهة