المشاهد نت

مفاوضات الحلول الجزئية.. عجزت عن بناء الثقة بين طرفي النزاع

القاهرة – وهيب النصاري:

لليوم الخامس على التوالي، تتواصل مفاوضات السلام في ستوكهولم بالسويد، بين الحكومة اليمنية وأنصار الله الحوثيين برعاية الأمم (المتحدة)، لكنها لم تحقق تقدماً ينبئ بتوقف الحرب، وهو ما يأمله اليمنيون، إذ طغت الخلافات بين وفدي الصراع على معظم الملفات الساخنة، أبرزها فتح مطار صنعاء وتسليم مدينة وميناء الحديدة وفك الحصار على مدينة تعز، عدا ملف الأسرى والمعتقلين الذي اتفق فيه الطرفان على الإفراج عن 400 من الطرفين.
وعلى وقع هذا، تشتعل العمليات العسكرية في اليمن بين المتحاربين، حيث تشهد عدة مناطق تصعيداً عسكرياً كبيراً على الأرض، مما يؤكد عدم الوصول إلى إجراءات بناء الثقة بينهما حتى الآن.

مفاوضات الحلول الجزئية

وقال الكاتب ونقيب الصحفيين الأسبق عبدالباري طاهر، لـ”المشاهد”: “واضح أن هناك احتمالات عديدة لنجاح مفاوضات السلام اليمنية في السويد، وإيجاد حل، بسبب وجود ضغوط دولية حول الوضع الإنساني، كون جرائم الحرب تعاظمت مع توسع رقعة الفقر والمجاعة والأمراض الوبائية القاتلة التي زادت من معاناة الشعب اليمني”.
لكن الباحث السياسي والصحفي عبدالله الدهمشي، يتوقع أن تسفر هذه المفاوضات عن حلول جزئية، وليس إيقاف الحرب.
ويقول لـ”المشاهد: “ممكن أن تسفر مفاوضات السويد عن حلول جزئية لملفات مختلفة ذات صلة بالوضع الإنساني، مثل تبادل كبير للأسرى والمعتقلين، والتوافق على آلية لصرف المرتبات وتحسين الاقتصاد المعيشي، وربما فتح مطار صنعاء، لكن النجاح في ملف الحديدة غير ممكن حالياً، وربما لجولة قادمة”.

بناء الثقة المفقود

وخلال الأيام الأربعة الماضية من مفاوضات السلام في ستوكهولم، مازالت الفرق التي تم تشكيلها من الفريقين لم تحقق أي تقدم نحو تعزيز الثقة بين الطرفين، في ظل استمرار الضغوط الدولية على الأطراف المتحاربة للوصول إلى اتفاقات ولو جزئية لتعزيز الثقة وتخفيف معاناة الشعب اليمني.
ويرى نقيب الصحفيين الأسبق طاهر، أن الضغوط الدولية قد ترجح تجنيب مدينة الحديدة واليمن عموماً استمرار الحرب، وذلك بالاتفاق على عمل هدنة وفك الحصار على تعز وفك الحصار أيضاً عن مطار صنعاء، وهو ضمن تعزيز الثقة بين الجانبين، وتساعد على الذهاب إلى حل سياسي شامل.
وتختلف مفاوضات السويد عن المفاوضات السابقة التي عقدت في الكويت وجنيف، كونها تأتي بعد عامين من الصراع، وبمبعوث أممي مسنود بدولة أوروبية، بحسب الباحث السياسي الدهمشي، مشيراً إلى أن مفاوضات ستوكهولم تبحث ملفات مجزأة من المأساة اليمنية، ولا تسعى إلى حل شامل كما كانت رؤية المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ.
وأكد الدهمشي أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطاً على أطراف الاقتتال في اليمن، وعلى التحالف الذي تقوده السعودية، بسبب سوء الأوضاع الإنسانية، وتردي الوضع المعيشي لملايين اليمنيين.

إهمال الملف الاقتصادي والإنساني

تصل نسبة من هم تحت خط الفقر في اليمن إلى 60% من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليوناً، الأمر الذي يتطلب مناقشة الملف الاقتصادي في هذه الجولة من المفاوضات، الذي يبدو أنه مهمل حتى الآن، رغم أهميته.
وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن أكثر من 8 ملايين معرضون للمجاعة، بالإضافة إلى إفلاس 90% من المؤسسات والشركات المهمة التي كانت تسهم في تخفيف البطالة وتشغيل الإنتاج، بحسب الدكتور عدنان الصنوي، أستاذ الاقتصاد الزراعي المشارك بجامعة صنعاء، ورئيس مركز البحوث الاقتصادية الاجتماعية، الذي أكد على أهمية أن يكون الملف الاقتصادي أساس محور النقاش بين طرفي الصراع، لكنه يقول لـ”المشاهد”: إن الطرفين لم يعطيا هذا الملف أي اهتمام، بل هناك أحاديث عن موضوع البنك المركزي، وكيف يسيطر كل طرف على الإيرادات.
ويعني الملف الاقتصادي خلق فرص عمل وتحسين دخل المجتمع وتخفيض البطالة التي وصلت لأرقام مخيفة، قضت على الطبقة الوسطى التي تمثل الطبقة النشيطة اقتصادياً، بحسب الصنوي، موضحاً بالقول: “لم نجد من كل الأطراف، حتى مبعوث الأمم المتحدة، نقاش أو طرح هذا الموضوع للنقاش، والذي يعتبر مدخلاً لتحسين ظروف المجتمع معيشياً”.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء إن الطرفين يناقشان السياسة الضيقة المحصورة في إيرادات البنك المركزي، مع أن الوضع الاقتصادي كارثي، ولم يحظَ باهتمام الطرفين المتصارعين، ولا باهتمام الأمم المتحدة، مضيفاً أن الاقتصاد مرتبط بالوضع السياسي المباشر، وله تأثيرات خطيرة لا يمكن الاستهانة بها، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها السياسة النقدية ممثلة بالبنك المركزي، من أجل ثبات سعر الريال دون الانزلاق الكارثي نحو الهاوية، التي لا قيام للريال منها بالسهولة التي يتوهمها أو يتصورها البعض.
وناشد رئيس مركز البحوث الاقتصادية الاجتماعية، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إعطاء الملف الاقتصادي الاهتمام الفوري قبل فوات الأوان، لأنه من بين الأولويات العاجلة التي لا تحتمل الانتظار، وتتطلّب الخروج سريعاً من منطق الأنانيات والمصالح الشخصية والتجاذبات السياسية القاتلة، متمنياً من الدول الراعية للمفاوضات محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حصول الكارثة.

إقرأ أيضاً  المرأة الريفية.. حضور متزايد في الزراعة 

دعوة للتسامح والقبول بالآخر

وناشد نقيب الصحفيين الأسبق طاهر، طرفي الصراع مراعاة الضمير الوطني والإنساني والجمعي، جراء ما يتعرض له البلد من كارثة، وإيقاف الحرب، موضحاً بالقول: “لابد أن يتيقن الجميع أنه يستحيل على أي طرف أو حزب أو قبيلة أو سلالة، أن تحكم اليمن بمفردها، لابد أن يتشارك الجميع في الوصول إلى حل سلمي يجنب اليمن الكارثة، ويسمح بتشارك الجميع في التوافق على إدارة واحدة مشتركة تجنب اليمن الكارثة، إذ تشير كل التقارير الدولية إلى أن اليمن يواجه أسوأ كارثة في العالم، هذه الكارثة لن تحكم بالغلبة والتفرد والسيطرة”، مضيفاً أن البلد بحاجة إلى التسامح والتعايش والقبول بالآخر، والاحتكام إلى منطق العقل ومراعاة واقع الحال والظروف التي تعيشها اليمن، والقبول بالوصول إلى حل ضمن ما يتوافق عليه كل اليمنيين.

مقالات مشابهة