المشاهد نت

اتفاق الحديدة… تفاؤل محفوف بمخاطر الفشل

صنعاء -معاذ الحيدري:

لا يزال اتفاق الحديدة في ستوكهولم، محل جدل سياسي واسع، بدءاً من الإعلان الذي تم في الساعات الأخيرة من المشاورات، إلى المحتوى والمضمون الذي تضمنه الاتفاق، وتعامل كل طرف معه حتى اللحظة، إلى الآلية في التنفيذ والدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة الإشرافي، وصولاً إلى القوى المحلية التي يتحدث عنها الاتفاق.
ومثل الاتفاق خطوة إيجابية في المشاورات حتى اللحظة، خصوصاً أن الحديدة لم تكن محل توقع بأن تقبل من المشاورات حول الملف الاقتصادي والبنك المركزي ومطار صنعاء وملف المعتقلين وتعز، لكن تم تأجيل بقية الملفات، وحضر ملف الحديدة بقوة.
مصادر سياسية مطلعة في السويد، أكدت لـ”المشاهد” أن الجميع تفاجأ فعلاً في يوم اختتام المشاورات وإعلان الموافقة على اتفاق الحديدة، ويبدو أن ضغوطاً دولية مورست على الأطراف من أجل الموافقة، ويبقى تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع.

خطوات ما بعد الاتفاق

وقال المبعوث الأممي مارتن جريفيث، في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن: “أهم شيء تم الاتفاق عليه أولاً، هو إنهاء المعارك في الحديدة. لقد دعا هذا المجلس منذ شهور للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق، أعتقد أننا توصلنا إليه الآن. دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد نشر الوثائق في 13 ديسمبر. ويشمل الاتفاق الانسحاب المتبادل التدريجي والسريع للقوات من موانئ الحديدة الثلاثة والمدينة. وسيتم تطبيق ذلك في سياق وقف إطلاق النار على مستوى المحافظة، ومطلوب من الأمم المتحدة أن ترصد امتثال الأطراف لهذه الالتزامات. أنا متأكد من أن هذا المجلس يرغب في تلبية هذا المطلب. إن نظام مراقبة قوياً ومختصاً ليس ضرورياً فقط، بل هو حاجة ملحة أيضاً، وقد أخبرنا الطرفان أنهما سيرحبان به وسيعتمدان عليه”.
ويقول المحلل السياسي، الدكتور نبيل الشرجبي، أستاذ الأزمات الدولية في جامعة الحديدة، لـ”المشاهد” إن مثل هذا النوع من الاتفاقات الذي تم في اللحظات الأخيرة من المشاورات، هو هروب للأمام، مشيراً إلى أن سبب الاتفاق يعود إلى التفاهمات الأوروبية الإيرانية التي مارست دوراً ضاغطاً أكبر على الحوثيين، وإلى الحملة القوية التي شنها الكونجرس الأمريكي على محمد بن سلمان، وعلى سياسة السعودية في حرب اليمن، إذ لجأت الإدارة الأمريكية للتخفيف من الضغوط على سياستها الداعمة للسعودية، وعلى دور السعودية في ممارسة ضغط مقابل للانخراط في السلام والتوافق على خطة سلام”.
ويتابع الشرجبي: “هذان هما العاملان الوحيدان والأساس في الاتفاق الذي حصل، وثالثاً وصل كلا الطرفين: الشرعية والحوثي، إلى حقيقة أن أياً منهم قد يعمل على نسف الجولة الحالية، بأنه سوف يتحمل كل التبعات الدولية عن فشل مساعي السلام، ومن ثم اعتباره معرقلاً، وهو ما يعني تحميله كل التبعات السياسة والاقتصادية والقانونية والأخلاقية أمام المجتمع الدولي، نتيجة استمرار الحرب، وهذا يعني عقوبات وقرارات إدانة وغيرها، وكان هذا عامل ضغط شديد حاول كل طرف تجنبه من الخروج من ذلك المأزق، فتم التوقيع على أفكار لم يستطع كل طرف فهمها أو تفسيرها، لذا نرى حجم تناقض تصريحات الأطراف على ذلك الاتفاق”.

إقرأ أيضاً  بعد مرور عام من الوساطة الصينية بين السُّعُودية و إيران، أين يسير اليمن؟

تباين في فهم الاتفاق

فوفد الحكومة يؤكد أن جماعة الحوثي ستنسحب من المدينة، وستحل محلها القوات الأمنية التي كانت تعمل في العام 2014م، بإشراف من وزارة الداخلية في عدن، وسيشرف الجنرال الهولندي على عملية الانسحاب التي سيقوم بها الحوثيون، وكذلك الحال بالنسبة للموانئ، حيث ستخضع لإشراف وزارة النقل اليمنية، وتورد الإيرادات لفرع البنك المركزي في الحديدة، تحت إشراف البنك في عدن، بحسب خالد اليماني، في تصريحات له بقناة اليمن الرسمية.
والحوثيون لهم رؤية مناقضة لحديث وفد الحكومة، إذ أكد القيادي الحوثي عبدالملك العجري، لصيحفة “الثورة” الرسمية الخاضعة لسيطرتهم، أن قوات الحكومة والتحالف ستتراجع عن الحديدة إلى الوضع الذي كان عليه قبل رمضان الماضي، وأن السلطة القائمة حالياً في الحديدة هي التي ستتولى الإشراف على المحافظة، بما في ذلك الموانئ.
وبناء على تعليمات الأمين العام، فإن الإدارات المعنية في نيويورك وأماكن أخرى، بدأت بالفعل في التخطيط للانتشار العاجل رهناً بقرارات هذا المجلس، بحسب المبعوث الأممي.
ويذهب جريفيث إلى القول: “كانت الحديدة وما زالت محل الاهتمام الدولي هذا العام، فهي ليست فقط مركز ثقل هذا الصراع، بل هي شريان الحياة الحيوي للبرنامج الإنساني الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين. إن احتمال حصول مجاعة مروعة جعل التوصل لحل في الحديدة أمراً مهماً وضرورياً. ولهذا السبب، فإن الطبيعة الدقيقة لعمليات الانسحاب المتفق عليها تتمحور حول المتطلبات الإنسانية، والسماح للأمم المتحدة بلعب دور رائد في الموانئ، هو استجابة أولى لذلك. ويجب أن نرى تطبيقاً لذلك في غضون أيام. وستتولى الأمم المتحدة دوراً رائداً في دعم مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، في عمليات الإدارة والتفتيش في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، والتي ستشمل مراقبة معززة من قبل مراقبي آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش”.

اتفاق الحديدة... تفاؤل محفوف بمخاطر الفشل
صورة ارشيفية لميناء الحديدة

عودة المعارك مؤشر فشل

الملفت أن الحديدة تشهد معارك بين الطرفين، الأمر الذي سيصعب من مهمة الأمم المتحدة في تطبيق الاتفاق، بحسب مراقبين.
ومن الواضح أن الحكومة تدرك أن الحوثي لن يفي بالاتفاق، ولذلك ستكون جولة المشاورات هذه مبرراً لتدخل عسكري قادم في الحديدة، كمعركة نهائية تختطف المدينة من الحوثيين.
والحوثيون يدركون هذا الأمر، فوافقوا في السويد على الاتفاق، بينما يستعدون لجولة قادمة من الحرب، وهو ما يحدث في الحديدة على أرض الواقع، وفقاً لمراقبين.
ويقول الدكتور الشرجبي: “من وجهة نظري، عودة المعارك العسكرية بين الطرفين، وبهذه القوة، هي مؤشر قوي وواضح على رغبة كلا الطرفين في إفشال الاتفاق، وهو ما أعتقده، لذا فإن الأمم المتحدة تسابق الزمن لوصول طلائع القبعات الزرقاء لاحتواء الموقف”.

 

مقالات مشابهة