المشاهد نت

نسخة محلية من مافيا النظام السابق.. عصابات سرقة الأراضي تعود إلى الواجهة بتعز

تعز – سالم الصبري:

بعد مضي 7 سنوات على نهب أرض عبدالعليم الصبري، في حي المطار القديم غرب مدينة تعز، ما زال يحاول استردادها من العصابة التي سطت عليها بقوة السلاح، لأنها بمثابة طوق نجاة لتجاوز ظروفه الصعبة ومعاناته المعيشية، وهو الذي جمع النقود على مدى عمله في التدريس بإحدى المدارس الحكومية بمدينة تعز، من أجل شرائها وبناء منزل صغير لأبنائه الخمسة.
الصبري الذي يعتمد بشكل كامل على راتبه الشهري، كما هو حال معلمي المدارس، سرد لـ”المشاهد” ملابسات نهب أرضيته المكونة من 160 متراً: “اشتريت الأرض قبل 15 عاماً، بمبلغ 800 ألف ريال، وهي كل ما كنت أملكه حينها من نقود جمعتها على مدى سنوات عملي”، مضيفاً أنه حرم أسرته من أبسط الاحتياجات حتى يشتري هذه الأرض، وفي النهاية نهبت، قبل أن يضع اللبنات الأولى لبنائها.
ويتابع الصبري حديثه: “للأسف فرحتي لم تكتمل، وحلمي لم يتحقق، أعيش كأني في كابوس مخيف لا أستطيع أن أفيق منه”.

نسخة محلية من مافيا النظام السابق.. عصابات سرقة الأراضي تعود إلى الواجهة بتعز
الاراضي شمال مدينة تعز

عصابة تستولي على أراضي السكان

في العام 2012، ذهب الصبري إلى مكان أرضيته، بعد أن أبلغه أحد جيرانه أن عصابة استولت على الأرضية، ولكن العصابة هددته بالقتل، كما يقول، مضيفاً: “عرفت في ما بعد أن هذه العصابة تتبع أحد النافذين الكبار في المدينة، ويعرفه معظم سكان تعز بمغامراته وسطوه على أراضي الناس بقوة السلاح، وحاولت بكل الوسائل، وأرسلت الوسطاء إلى منزله لإقناعه بإعادة قطعة الأرض الخاصة بي، لكن دون جدوى، كما لجأت لأقسام الشرطة والمحاكم، (يحتفظ الموقع بنسخة من الحكم) والكارثة أنني دفعت مبالغ طائلة في المحاكم وأقسام الشرطة، ولم أحصل على شيء، حتى سيطر علي اليأس والإحباط”.
سكان آخرون فقدوا أراضيهم جراء انتشار عصابات سرقة الأراضي في تعز، ومنهم عبد الهادي الرميمة الذي حاول الدفاع عن أرضه حتى لا تقع بأيدي عصابة الأراضي، لكنه قتل على يد العصابة وهو يدافع عن أرضيته، غرب مدينة تعز، وأصيب نجلاه، وفق إفادة مقربين منه.
العميد منصور الأكحلي، مدير عام شرطة تعز، يؤكد أنه تم الضبط على الجناة.
ويؤكد العميد الأكحلي لـ”المشاهد” أن الأجهزة الأمنية تعمل على الحد من تنامي ظاهرة السطو المسلح على أراضي المواطنين بتعز، وحماية ممتلكات المواطنين: مستدركاً بالقول: “كل ملك يكتسبه أي مواطن بطريقة مشروعة، هو محمي بنص الدستور والقوانين، وتقع على عاتق قوات الشرطة والجيش حماية هذه الملكية، وإذا حدث فيها نزاع بين متنازعين عليها، فالأصل أن القضاء هو الذي يفصل في أحقية المتنازعين لهذه الملكية، ولا دخل للشرطة فيها على الإطلاق، لأنها قضايا مدنية، إلا إذا نتج عن النزاع اعتداء، فهنا تتدخل الشرطة والنيابة”، مضيفاً أن الشرطة ترفض مثل هذه السلوك الإجرامي، وتقف ضد كل من يحاول الاعتداء وحيازة ملك غيره بالقوة، أو بالاحتيال.
وأصدرت إدارة الأمن تعميماً لمنتسبيها بالتوجيهات الصارمة للقيام بهذا الواجب، وكذلك التعاون والتنسيق مع قيادة المحور، باعتبار أن بعض من يسطون على الأراضي قد ينتمون للجيش، بحسب الأكحلي، داعياً القضاء إلى أن يكون له دور في سرعة الفصل والبت في القضايا المنظورة أمامه.

إقرأ أيضاً  محطات تعبئة المياه... استغلال ضعف الرقابة 

انفلات أمني

لكن محمد القاسمي – وهو واحد من الأفراد الذين التحقوا بالمقاومة الشعبية بتعز – أرجع سبب انتشار عصابات سرقة الأراضي بتعز، إلى الانفلات الأمني الذي شهدته المحافظة منذ بداية الحرب، والتي طالت معظم المناطق داخل مدينة تعز وخارجها، وازدياد موجات النزوح الجماعي لأبناء المحافظة.
ويقول لـ”المشاهد”: هناك أفراد وقيادات سيئة داخل المقاومة الشعبية أساءت إلى المقاومة بأفعالها الإجرامية وسلوكها المنحرف، المتمثل بالاعتداء على ممتلكات المواطنين ونهب وسرقة منازلهم ومحلاتهم والسطو على أراضيهم، لكن هؤلاء قله قليلة لا تمثل المقاومة التي تحمل قيماً وأهدافاً سامية، وقدم أفرادها تضحيات جبارة للذود عن تعز وحماية المواطنين من همجية مسلحي جماعة الحوثي، مضيفاً أنه لا يجوز التعميم بأن المقاومة الشعبية بتعز متورطة بنهب أراضي المواطنين.
ودعا القاسمي أجهزة الأمن إلى حماية ممتلكات المواطنين وضبط المعتدين عليها، بغض النظر عن ارتباطات بعضهم بفصائل المقاومة، أو الأجهزة الأمنية والعسكرية.

مافيا أراضي النظام السابق

عصابات نهب الأراضي التي انتشرت مؤخراً، تعيد إلى أذهان سكان مدينة تعز، المعاناة التي عاشوها خلال سنوات حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبالتحديد إلى سنوات ما قبل الوحدة، عندما كان قادة الجيش والأمن التابعون لـ”صالح” يسيطرون على أراضٍ واسعة من ممتلكات سكان المدينة، مستغلين نفوذهم وسطوتهم في نهب أراضي الدولة وأراضي المواطنين، وبالتحديد في منطقتي الحوبان والجند (شرق مدينة تعز) القريبتين من معسكرات الحرس الجمهوري والأمن المركزي، ومنطقة المطار القديم (غرب المدينة)، وهو ما كان يعرف بمعسكر خالد بن الوليد الذي كان يقوده أحمد فرج، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم.
ويروي نجل أحد ضحايا نهب وسرقة الأراضي في تعز (رفض الكشف عن اسمه)، أن والده خسر أراضي كثيرة جراء أعمال السطو المسلح من قبل نافذين من أركان النظام السابق، خصوصاً في مناطق الجند والحوبان وصالة وغيرها، مشيراً إلى أن هؤلاء القادة، وأبرزهم عبد الإله القاضي، وأحمد فرج، وغيرهما من قادة الجيش والأمن في تلك الفترة، سطوا على أراضي مواطنين، ولم يكن أحد يجرؤ على مواجهتهم، لأنهم كانوا يهيمنون على أجهزة الأمن والقضاء وجميع أجهزة الدولة بمحافظة تعز.
ويضيف الرجل: “الكثير من القصور والفلل والعمارات الضخمة التي شيدها هؤلاء القادة في مختلف مناطق تعز، ترجع ملكية الأراضي الخاصة بها لأبناء تعز، من أمثال والدي الذي تم نهب أرضه بقوة السلاح واستغلال نفوذ الدولة.

مقالات مشابهة