المشاهد نت

البطيخ موسم كساد في حجة

حجة – خالد الحميري:

لم يكن المزارع أحمد الحيراني، يتوقع أن يتحول محصول البطيخ الوافر الذي حصده هذا العام، إلى صداع يؤرقه يومياً، بعد فرض الحوثيين حصاراً على مديرية حيران بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)، ومنع المزارعين من تسويق إنتاجهم إلى مديريات المحافظة الخاضعة لسيطرتهم.
ويقول الحيراني إنه لا يعرف من أين يأتي هذا العام بمصروفات ومتطلبات أسرته المكونة من 8 أفراد، علاوة على أنه كان يعتزم الاستعداد لتجهيز اثنين من أبنائه للزواج بعد بيع محصول البطيخ لهذا العام.
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد”: “محصولنا يتلف في أرضه، ولا نستطيع بيعه، نجاهد بقوة علنا نتمكن من خفض الخسائر وتأمين قوت عيالنا من هذا الموسم، لكن تأتينا الضربة تلو الأخرى، لينتهي الموسم بخسائر كبيرة”.
ويتابع بأسى: “وفرت لنا السلطات الحكومية المشتقات النفطية عقب فرض الحوثيين حصاراً على المديرية، ونتمنى أن يتم السماح لنا بتسويق المحصول بشكل استثنائي إلى الأراضي السعودية، عبر المنفذ العسكري في مديرية ميدي الحدودية مع السعودية”.
وأنشأت السلطات المحلية بمحافظة حجة، في سبتمبر الماضي، سوقاً حرة لبيع المواد الغذائية والمشتقات النفطية لسكان مديرية حيران، بعد أن فرض الحوثيون حصاراً خانقاً على المديرية التي حررها الجيش، منتصف أغسطس الماضي.
وسمحت السلطات السعودية لمتعهدين يمنيين بنقل البضائع والمشتقات النفطية عبر منفذ الحافية العسكري الرابط بين مدينة الموسم السعودية المحاذية لمديرية ميدي المجاورة، ومديرية حيران، بالتنسيق مع السلطات المحلية بمحافظة حجة.

كابوس يهدد النشاط الزراعي

لم يكن الحيراني وحده الذي خسر محصول مزرعته من البطيخ، بسبب منعهم من تسويقه إلى المديريات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بل يعاني العشرات من أصحاب مزارع الحبحب في المديرية التي تشتهر بخصوبة أرضها، من خسارة محصولهم هذا العام.
مخاوف الحيراني يحملها المئات من المزارعين في مديرية حيران شمال غرب محافظة حجة، وعلى رأسهم عبدالله جابر، الذي يقول في حديثه لـ”المشاهد” إن آمالهم في تسجيل موسم زراعي وافر هذا العام، تحولت إلى كابوس يهدد نشاطهم الزراعي بالانهيار.
ويضيف جابر أن صرخات المزارعين في المديرية الحدودية تتعالى، وهم ينظرون إلى كميات كبيرة من البطيخ متروكة في حقولها طعاماً للطيور وقطعان الماشية، دون أن يتمكنوا من تسويقها في أسواق المديريات المجاورة.

خسائر فادحة

ويتقاسم المزارع أحمد سيد، من ذات المديرية، المعاناة نفسها، جراء منع الحوثيين المزارعين من تسويق محصول البطيخ إلى أسواق المديريات المجاورة، ما تسبب في تكبد المزارعين خسائر فادحة هذا الموسم.
ولخص المزارع أحمد سيد واقع المزارعين في حيران على خلفية منعهم من تسويق محصول هذا العام، بالقول: “إننا في غرفة الإنعاش”، فالبضائع تتكدس في سوق المديرية الوحيد بأسعار متدنية جداً، والحكومة لا تتدخل لتغيير هذا الحال.
وأضاف سيد في حديثه لـ”المشاهد”: “ليس هناك مع الأسف أي اهتمام بالمزارع من قبل الجهات المعنية، التي عليها واجب الاهتمام بالقطاع الزراعي في هذه المنطقة، التي عانت الكثير من الحصار الحوثي. علماً أن هذا القطاع يشكل مصدر رزق وحيداً لمئات الأسر”.
ودعا سيد إلى ضرورة مراعاة ظروف مزارعي حيران، باعتبارها منطقة تم تحريرها من سيطرة الحوثيين، مشيراً إلى أن أغلب المواطنين الذين عادوا مؤخراً لزراعة أراضيهم، لحقت بهم خسائرهم فادحة.
وعلى الرغم من الصرخات المتكررة لمزارعي المديرية الحدودية، إلا أن صداها لم يصل إلى آذان الجهات المسؤولة، التي لم تحرك ساكناً، خاصة في مساعدتهم على تسويق محصولهم الوفير إلى السعودية.
حاول “المشاهد” التواصل، على مدى أيام، مع وكيل أول محافظة حجة، ناصر دعقين، للحصول على توضيح أو تعقيب على الموضوع الذي طرحه مزارعو مديرية حيران، إلا أنه امتنع عن الرد.
وحذرت مصادر محلية من حصول “كارثة” قد تطيح بموسم البطيخ في مديرية حيران الحدودية، هذا العام، والتي تعد أكبر مصدري هذا المحصول في محافظة حجة شمال غرب البلاد.

إقرأ أيضاً  تهريب القات إلى السعودية... خطوة نحو المال والموت
البطيخ موسم كساد في حجة
احد مزارع البطيخ في مديرية حيران بمحافظة حجة (شمال اليمن )

من مزارع إلى حقول ألغام

تسويق الإنتاج ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه مزارعي مديرية حيران، فهناك العشرات من المزارعين يعجزون عن ممارسة النشاط الزراعي، بعد أن حول الحوثيون مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة إلى مزراع ألغام.
وقال المزارع حسن علي لـ”المشاهد” إنه لم يستطع زراعة أرضه هذا العام، ولأول مرة منذ سنوات، بسبب الألغام العشوائية التي باتت تزاحم المزارعين على أرضهم، بحسب قوله.
وطالب الحكومة اليمنية بصرف التعويض المناسب للمزارعين الذين خسروا محصولهم هذا العام، وتضرروا من الألغام التي خلفها الحوثيون في المديرية التي يعتمد غالبية سكانها على الزراعة.
وشهدت مديرية حيران عقب سيطرة القوات الحكومية عليها، مطلع يونيو الماضي، حوادث عدة لإصابات المدنيين بانفجارات الألغام، إلا أنه لا توجد حتى الآن إحصائية رسمية بعدد الضحايا.
وفي 23 أغسطس الماضي، أصيب 3 مدنيين بانفجار لغم أرضي زرعه الحوثيون بالطريق العام بقرية العوجاء، والتي تربط القرية بمزارعهم شرق مركز المديرية.
وقتل الشاب فواز يحيى الحيراني، في الـ28 من الشهر نفسه، إثر انفجار لغم أرضي كان قد زرعه مسلحو جماعة الحوثي في إحدى مزارع مديرية حيران بمحافظة حجة، قبل انسحابهم منها.
ومنتصف سبتمبر الماضي، قتل المواطن محمد إبراهيم كديم زين، من أبناء مديرية حيران، وأصيب أفراد أسرته المكونة من امرأتين و3 أطفال، بجروح مختلفة، إثر انفجار لغم أرضي بسيارته.
وتسببت شبكة ألغام زرعها الحوثيون بنفوق 30 رأس غنم يمتلكها المواطن علي أحمد الجعيدي، أثناء رعيها في إحدى المزارع المجاورة لمنزله، في مديرية حيران بمحافظة حجة، في 25 نوفمبر الماضي.
وتتهم القوات الحكومية مسلحي جماعة الحوثي بزراعة العشرات من شبكات الألغام العشوائية، في مزارع المواطنين بقرى مديرية حيران شمال غرب محافظة حجة، قبل فرارهم منها، دون مراعاة للقوانين والأعراف الدولية، ما تسبب في إعاقة مئات المزارعين عن ممارسة نشاطهم الزراعي.

مقالات مشابهة