المشاهد نت

كاميرت ومهمته الصعبة في الحديدة

الحديدة – خالد الحميري:

تدخل مهمة طلائع فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة يومها السابع في الحديدة، وسط مخاوف من فشل مهمتها بسبب الهدنة الهشة والتفسيرات المتغايرة التي يقدمها طرفا النزاع حول اتفاق الحديدة الذي وقعا عليه في ختام مشاورات السويد برعاية الأمم المتحدة.

ومع بدء التحركات الأممية لتطبيق مقررات الاتفاق على أرض الواقع، أظهرت التفسيرات المتباينة لطرفي النزاع حول بنود الاتفاق خصوصاً ما يتعلق منها بإعادة انتشار القوات في الحديدة وموانئها أن طريق تنفيذ الاتفاق مليئة بالعراقيل.

ووصل قائد فريق الأمم المتحدة المكلف بالإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت الأحد الماضي إلى المدينة الساحلية، في بداية مهمة شاقة تهدف إلى حماية وقف إطلاق النار فيها وتنسيق عملية انسحاب المقاتلين منها.

وتزامن وصول كاميرت وفريقه إلى المدينة الساحلية مع اشتباكات عنيفة وخروقات لوقف إطلاق النار بين الطرفين شرق وجنوب المدينة، ما يشير إلى أن كاميرت سيكون أمام مهمة صعبة لضمان نجاح وقف إطلاق النار لتأمين استمرار اتفاق الحديدة.

الجنرال المخضرم

وكاميرت مخضرم في مراقبة هدنات صعبة، وسبق أن عمل مع قوة الرد السريع في إطار قوة الأمم المتحدة للحماية في البوسنة والهرسك عام 1995، وقاد كتيبة البحرية الهولندية في إدارة الأمم المتحدة الانتقالية بكمبوديا عام 1992 ليترأس عام 2016 أكبر عملية للأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو.

وتولى كاميرت بحسب موقع الأمم المتحدة مناصب عدة منها قائد قوات بعثة الأمم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا، وعيّن رئيساً للتحقيقات في أحداث جوبا عام 2016 وأداء قوات حفظ السلام في جنوب السودان، بالإضافة إلى قيادته مجلس تحقيق حول ملابسات الاشتباكات، التي جرت في موقع حماية المدنيين بملكال، التابع لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان عام 2016.

وتتمحور مهمة فريق المراقبين الدوليين الذي يقوده الجنرال الهولندي المتقاعد حول تثبيت وقف إطلاق النار ومراقبة آلية تنفيذ إعادة الانتشار والتزام الطرفين بها، إضافة إلى فتح المنافذ البرية والبحرية في الحديدة أمام المساعدات الإنسانية.

بدء المهمة الصعبة

وبدأت اللجنة المعنية بالإشراف على التهدئة في مدينة الحديدة، يوم الأربعاء، أولى اجتماعاتها، برئاسة كبير المراقبين الدوليين، الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت بعد أكثر من أسبوع على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وسلم كبير فريق المراقبين الدوليين المكلف بالإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة باتريك كاميرت خلال الاجتماع ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين في لجنة إعادة الانتشار خطة مكتوبة لإعادة الانتشار والانسحاب من الحديدة وموانئها الثلاثة بموجب اتفاق استوكهولم.

واتفق ممثلو الطرفين على دراسة الخطة ووضع ملاحظاتهم عليها لمناقشتها في الاجتماع القادم، كما تمّ التطرق خلال اجتماع اللجنة إلى الخطوات التنفيذية لاتفاق الحديدة، وتشمل انسحابات كلٍ من الطرفين، بما في ذلك إخلاء موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى من القوات العسكرية، وإعادة انتشار القوات من الطرفين في مواقع خارج المدينة.

مهلة الثلاثاء

وكشف وكيل أول محافظة الحديدة، وليد القديمي أن كاميرت قدم آلية لانسحاب الحوثيين من موانئ محافظة الحديدة الثلاثة “ميناء الحديدة، الصليف، رأس عيسى”، وأجزاء من مدينة الحديدة” خلال مهلة أقصاها الثلاثاء المقبل.

وأوضح في تصريحات صحفية الخميس، أن ممثلي جماعة الحوثي في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار المشتركة قدموا تفسيراً مغايراً لاتفاق السويد الذي ينص صراحة على انسحاب مسلحي الجماعة من الموانئ ومدينة الحديدة.

وأشار القديمي إلى أن رئيس فريق المراقبين الدوليين باتريك كاميرت هو المعني بتنفيذ الاتفاق وتحديد الأطراف التي يجب انسحابها، لافتاً أنه سيقدم في اجتماع اللجنة المشتركة القادم “آلية خاصة بمراقبة وقف إطلاق النار”.

تحفظ حوثي

في سياق متصل كشف مصدر مقرب من الاجتماع لـ”المشاهد” أن ممثلي الحكومة اليمنية في لجنة التنسيق واعادة الانتشار المشتركة طرحوا قضية قطع شبكة الانترنت عن مدينة الحديدة، إلا أن الحوثيين عارضوا فتح هذا الملف خلال الاجتماع.

وأوضح المصدر أن ممثلي جماعة الحوثي في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار المشتركة أظهروا تحفظهم خلال الاجتماع الثاني الذي أقيم في فندق تاج أوسان وسط المدينة على الآلية المزمنة لتنفيذ الانسحاب من الميناء والمدينة.
ولفت المصدر إلى تبادل الطرفين خلال الاجتماع الاتهامات بخرق الهدنة، إلا أن كاميرت أسكت تبادل الاتهامات، وأعاد ترتيب جدول الأعمال الذي يبدأ باستلام كل طرف آلية الأمم المتحدة لـ”إعادة الانتشار” ثم يناقشها مع الجانب الذي يمثله حتى موعد تسليم الملاحظات في الاجتماع القادم.

ومن المقرر أن تظل اللجنة المشتركة في حالة انعقاد برئاسة كاميرت ولن تغادر مدينة الحديدة، قبل انتهاء المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار وإعادة انتشار القوات الحكومية والحوثيين إلى خارج مدينة الحديدة ومينائها.

وتضم اللجنة المشتركة عن الجانب الحكومي، نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء صغير عزيز، ونائب رئيس جهاز الأمن القومي اللواء محمد عيضة، بالإضافة إلى قائد اللواء الأول تهامة العميد أحمد الكوكباني، وعن الحوثيين، نائب رئيس الأركان التابع للجماعة اللواء علي الموشكي وقائدين آخرين، هما العميد علي سعيد الرزامي، والعميد منصور أحمد السعادي.

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

فتح الممرات

أعلنت الأمم المتحدة موافقة ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار على البدء في فتح الممرات الإنسانية المغلقة بدءًا من طريق الحديدة صنعاء، تتبعها طرق أخرى على مراحل وذلك كإجراء لبناء الثقة.

وذكر موقع أخبار الأمم المتحدة، في بيان أمس السبت، أن قافلة إنسانية ستتحرك من ميناء الحديدة على طول الطريق الرابط بين الحديدة وصنعاء أمس السبت غير أن المبادرة التي وافق عليها الطرفان الجمعة المنصرمة تعذر تنفيذها.

وقال البيان إن اللجنة ناقشت في اجتماعات استمرت ثلاثة أيام المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاقية ستكهولم التي تستند إلى ثلاثة محاور ذات أولوية هي، وقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة لتقديم المساعدات الإنسانية، وإعادة الانتشار.

وبحسب البيان فإن الأطراف تستعد لتزويد رئيس اللجنة بالخطط التفصيلية لإعادة الانتشار الكامل التي ستتم مناقشتها في اجتماع اللجنة القادم والمقرر عقده الأول من يناير بالحديدة.

الانسحاب من ميناء الحديدة

أعلنت جماعة “الحوثي”، السبت، أنها بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى من عملية الانسحاب من ميناء الحديدة غربي اليمن بناءً على ما نص عليه اتفاق ستوكهولم.

وقال المتحدث العسكري للحوثيين العميد يحيى سريع، في تصريح لوكالة “سبأ” التابعة للجماعة إن قواتهم بدأت من مساء (الجمعة) تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار من ميناء الحديدة”.

في المقابل، نفت الحكومة اليمنية مساء السبت، الأنباء التي تحدثت عن انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة الاستراتيجي غربي البلاد.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر حكومي، لم تسمه أن “تصريحات الحوثيين، حول إعادة انتشارهم في ميناء الحديدة محاولة التفاف واضحة على ما تضمنه اتفاق ستوكهولم بشأن المدينة”.

وكانت جماعة الحوثيين أعلنت صباح السبت، انسحابها من الميناء الاستراتيجي وتسليمه لقوات من خفر السواحل تقول الحكومة أنها موالية للجماعة.

تفسيرات متباينة

يرى مراقبون أن كاميرت وفريقه تواجههم الكثير من الصعوبات، في ظل تباين تفسيرات طرفي النزاع حول اتفاق الحديدة والذي يجب على الأمم المتحدة أن تقدم تفسيراً واضحاً لمخرجات اتفاق الحديدة الذي وقع عليه طرفا النزاع في ختام مشاورات السويد.

وتظهر المواقف الصادرة عن الحكومة اليمنية والحوثيين أن لكلا الطرفين تفسيرات مختلفة لبنود اتفاق استكهولم بشأن الحديدة وعلى رأسها إدارة الحديدة ومينائها، حيث يؤكد كلا الطرفين أن إدارة الميناء والقوات التي ستتسلم المدينة عقب الانسحاب ستؤول إلى جهات ذات صلة به.

وقال الصحفي والمحلل السياسي نبيل المصباحي لـ”المشاهد” إن مهمة كاميرت وفريقه في الحديدة تبدو معقدة للغاية كون كل طرف يقدم تفسيراً يتناقض مع ما يقدمه الطرف الآخر حول اتفاق السويد بشأن الحديدة وطبيعة مهام اللجنة التي يقودها الجنرال الهولندي المتقاعد.

وأوضح أن اتفاق الحديدة الذي وقعت عليه الأطراف اليمنية في ختام مشاورات السويد برعاية أممية يتضمن نقاطاً لم تحسم بعد كإدارة المدينة وأمنها وتحويل الإيرادات من الميناء إلى البنك المركزي في الحديدة، حيث يفسر كل طرف هذه البنود وفق مصالحه.

ويرى المصباحي أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث هو الوحيد المخول بتفسير بنود الاتفاق بشكل واضح وخطوات تنفيذه كما أصدر في وقت سابق بياناً تفصيلياً حول اتفاق تبادل الأسرى.

وأكد المصباحي لـ”المشاهد” أنه إذا لم يقدم غريفيث وبشكل عاجل توضيحاً لبنود اتفاق الحديدة خصوصاً فيما يتعلق بطبيعة القوات الأمنية والسلطات التي ستؤول إليها حماية مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي فإن الاتفاق مهدد بالفشل.

دعم دولي لاتفاق الحديدة

صادق مجلس الأمن الدولي وبالإجماع على قرارٍ يقضي بإرسال بعثة مراقبين عسكريين غير مسلحين إلى اليمن لمراقبة مدى التزام الحكومة اليمنية والحوثيين باتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة الذي دخل حيز النفاذ في الـ 18 من ديسمبر ولم يسلم من الانتهاكات التي جعلت وصفه بالهش مناسباً إلى حدٍ كبير.

ودعا القرار طرفي النزاع لتنفيذ اتفاق ستوكهولم وفقاً للجداول الزمنية المحددة، والاحترام الكامل لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وإعادة الانتشار المتبادل للقوات في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ خلال 21 يوماً من سريان مفعول وقف إطلاق النار، والالتزام بعدم جلب أي تعزيزات عسكرية إلى المدينة والموانئ وإزالة المظاهر العسكرية.

وأقر القرار البريطاني، الذي اعتمده مجلس الأمن بالإجماع، مساء الجمعة الماضي، مدة عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة بقيادة كاميرت ،في الفترة الأولية 30 يوماً من اعتماد القرار، بما يمهد لجولة المشاورات المقبلة نهاية يناير المقبل.

وتتركز مهمة اللجنة في مراقبة وقف إطلاق النار وسحب قوات الطرفين من مدينة وميناء الحديدة، وميناءي الصليف ورأس عيسى إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ خلال 21 يوماً من سريان وقف إطلاق النار، الذي بدأ في 18 ديسمبر الجاري.

وانتهت مشاورات السويد التي رعتها الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية الشهر الجاري باتفاق قضى بوقف فوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة مع إعادة انتشار مشترك لقوات الطرفين من الموانئ إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ.

مقالات مشابهة