المشاهد نت

مرض الجدري المائي… يعود إلى اليمن

صنعاء – خالد الحميري:

بينما يترقب الطلاب نتائج اختبارات الفصل الدراسي الأول، يستعد الطفل محمد حسن (13 عاماً)، لخوض الاختبارات عقب انتهاء إجازة نصف العام الدراسي، بعد أن منعته إصابته بمرض الجدري المعدي، من أدائها مع زملائه.
ويقول محمد ببراءة لـ”المشاهد”: “منحوني إجازة من المدرسة في أيام الاختبارات النصفية، كي لا أنقل عدوى المرض بين الطلاب، وحتى رفاقي في الحي كانوا لا يسمحون لي باللعب معهم، حتى لا أصيبهم بالعدوى”.
ويضيف: “كان والدي في رحلة بحث يومية عن علاج لي، والحمد لله حالتي الصحية تحسنت، وتجاوزت مرحلة الخطر، لكن المرض ترك على وجهي آثاراً واضحة، أتمنى أن تزول”.
الطفل محمد حسن من ضحايا مرض الجدري، أو ما يعرف علمياً بـ(Chickenpox)، والذي كان قد اختفى من اليمن في سبعينيات القرن الماضي، لكنه عاد مجدداُ بعد اندلاع الحرب.

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””] أعراض الجدري المائي التعب والهزال، المصحوب بارتفاع حاد جداً في درجة حرارة الجسم، ثم يظهر، بعدها، طفح شديد على الجلد، لتبدأ الأعراض بالظهور، بشكل عام، بعد 12 يوماً من الإصابة بالفيروس[/box]

أرقام مفزعة

أعلنت وزارة الصحة والسكان في حكومة ما يسمى الإنقاذ بصنعاء، الاثنين، عن إصابة أكثر من 12 ألف طفل بمرض الجدري المعدي، في اليمن، خلال عام 2018.
وقال المتحدث باسم الوزارة، يوسف الحاضري، في بيان حصل “المشاهد” على نسخة منه، إن إجمالي عدد الحالات المصابة بمرض الجدري بلغ 12194 طفلاً، خلال عام 2018، أغلبهم في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء.
وأشار البيان الى إصابة 12995 طفلاً بمرض النكاف (التهاب الغدة النكفية)، ونحو 1133 طفلاً بمرض اللشمانيا، إضافة إلى 330 طفلاً بمرض السل الرئوي، خلال العام المنصرم.
وأعادت الحرب المندلعة منذ 4 أعوام، الأمراض المنقرضة في اليمن كالجدري، والكوليرا، والدفتيريا، والحصبة، والسل، وغيرها من الأمراض التي انتشرت خلال الأعوام الأخيرة، وراح ضحيتها الآلاف، جراء انهيار الوضع الصحي في البلاد، وتدهور الوضع المعيشي، وارتفاع حدة المجاعة، بحسب ما أعلنت عنه العديد من منظمات الأمم المتحدة.

انتشار واسع للمرض

وانتشر فيروس الجدري المائي مؤخراً، بشكل واسع، بين الأطفال في مختلف مناطق العاصمة صنعاء، وبالأخص بين طلاب المدارس، بحسب تأكيدات سكان محليين.
ويقول علي عيسى (معلم من صنعاء) إن مرض الجدري انتشر بشكل كبير في العاصمة صنعاء، دون أي تحرك من الجهات المسؤولة أو المنظمات العاملة في القطاع الصحي، للكشف عن أسبابه وعلاجه، والحد من انتشاره.
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد”: “أصيب أحد أفراد أسرتي مؤخراً بالمرض، ولعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة تزايدت حالات الإصابة، حتى أصيب 5 من أطفالي بالمرض المعدي”.

إقرأ أيضاً  إعلانات زائفة وبرامج سطحية... عيوب الإذاعات في صنعاء

ويشير علي إلى انتشار مرض الجدري بصورة مخيفة، في العاصمة صنعاء، بسبب تدهور الوضع الصحي، والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم المواطنين، خصوصاً الموظفين منهم، مؤكداً أن الموظفين لم يستلموا رواتبهم لأكثر من عامين، وهذا أمر يجعل الكثيرين منهم يتأخرون في نقل مرضاهم إلى المستشفيات، بسبب عجزهم عن دفع تكاليف المستشفى والأدوية غير المتوفرة.
وفي محافظة حجة (شمالي غرب اليمن)، انتشر مؤخراً فيروس “جدري الماء” بين النازحين والأهالي في ريف المحافظة، ما دعا ناشطين إلى إطلاق نداءات استغاثة للمنظمات الطبية، بضرورة توفير لقاحات ومستلزمات طبية لوقف تفشي المرض.
ونشر الصحفي عيسى الراجحي، في حسابه على “فيسبوك”، صوراً مؤلمة لأطفال مصابين بالمرض الذي انتشر في بعض مديريات المحافظة، كأسلم وعبس وخيران المحرق، وكذلك في مخيمات النازحين في تلك المديريات.
وأكد الراجحي تسجيل أول حالة وفاة بمرض الجدري في محافظة حجة، وهي لطفل من مديرية أسلم شمال المحافظة، توفي بالمرض بعد أيام من إسعافه إلى المستشفى السعودي في مدينة حجة.

أسباب بيئية وراء الانتشار

وترجع طبيبة الأطفال في صنعاء، الدكتورة حنان المساوى، أسباب انتشار الجدري في أوساط الأطفال في اليمن، إلى عوامل البيئة السيئة من تلوث المياه وانتشار النفايات وقلة النظافة، مشيرة إلى أن تدهور الوضع المعيشي وتكرار حالات النزوح من مكان إلى آخر، أسهمت بشكل كبير في انتشار المرض.
ومن أعراض الجدري المائي التعب والهزال، المصحوب بارتفاع حاد جداً في درجة حرارة الجسم، ثم يظهر، بعدها، طفح شديد على الجلد، لتبدأ الأعراض بالظهور، بشكل عام، بعد 12 يوماً من الإصابة بالفيروس، وفق تأكيد المساوى لـ”المشاهد”.
وعن كيفية انتقال عدوى المرض، تبين طبيبة الأطفال المساوى، أن الفيروس قد ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق السعال، العطس أو التنفس، أو عن طريق ملامسة الأغراض الشخصية، أو أغطية السرير التابعة للشخص المصاب.
وتقول إن المصاب بالجدري بحاجة إلى الراحة التامة خلال فترة المرض، مع مراعاة استخدام بعض الأدوية المضادة للتحسس، لتقليل نسبة الحكة، وكذلك استعمال بودرة الأطفال لتقليل نسبة ظهور الطفح الجلدي.

مقالات مشابهة