المشاهد نت

كلمة أخيرة لسجين “أتمنى الموت يا أمي”

صنعاء – منال نعمان :

بعد خروج عبدالله من المسجد في أحد أحياء العاصمة صنعاء، اعتقله مسلحون تابعون لجماعة الحوثي، دون أن تعرف أسرته شيئاً عن مكان اختفائه طيلة 3 سنوات مضت، وبعد وساطات عرف مكان اعتقاله، لكنهم لم يتمكنوا من زيارته إلا مرتين قبل وفاته، بحسب والدته.
وتقول والدته: “بحثنا طويلاً عن عبدالله، لكن دون جدوى. لم يكن لدينا إلا شهادة من البعض بأنه قد أُخذ على متن طقم تابع للحوثيين، لم نترك قسم شرطة، إلا وبحثنا فيه، بعدها بدأوا يتواصلون بنا ليأخذوا منا مبالغ مالية مقابل الكشف عن مكانه، لكن ذلك لم يكن ليحدث”.
وتضيف: “دلتني فاعلة خير على زوجة مشرف، وزوجة المشرف تحدثت مع زوجها، ليدلنا أخيراً على مكان احتجاز عبدالله، وساعدنا باستخراج تصريح لزيارته”.
بدا عبدالله بجسم نحيل، في منظر لم تتخيله أمه، التي زارته للمرة الأولى بعد 3 سنوات من إخفائه، كما تقول.
وكررت الأم الزيارات لابنها في السجن، وفي كل مرة تحمل له الطعام والشراب، علها تراه مجدداً، لكنها تظل من الصباح الباكر حتى الظهر، وتفاجأ مثل كل مرة أن الزيارة ممنوعة، فتنهار، ويأخذونها إلى منزلها، وقبل وفاته في السجن بأسبوعين، سمحوا للعائلة بزيارته، بحسب أمه.

أتمنى الموت يا أمي

في الزيارة الأخيرة رأته أمه، وقد زادت حالته سوءاً، بحسب أمه، التي تتابع: “لم أتمالك نفسي حين رأيته، وسقطت على الأرض من هول ما رأيت، أخبرني يومها بألا أتعب نفسي بإرسال الطعام له، فهو لا يصل إليه أبداً، كما أخبرني بأنه متعبٌ جداً، وبأنه يتمنى الموت، وأخبرني أيضاً بأنهم في السجن يحقنونه بمادة لا يعرف ما هي، ولماذا؟ لكنه بعدها يشعر بألم كبير في صدره وظهره، حذرنا أيضاً من دفع أي مبالغ مالية، ولأي سبب، لأنهم كما قال لنا يبتزونكم وحسب، أخبرنا كذلك عن تعذيب وإهانة وتجويع وأمراض منتشرة بين السجناء بسبب غياب النظافة وقذارة المأكل والمشرب هناك”.

وهو ما أكدته منظمة هيومن رايتس ووتش حيث قالت ” أن معتقلين سابقين لدى الجماعة قد تحدثوا عن معاملةٍ وحشية، منها الضرب بقضبان الحديد، والعصي الخشبية، وبأعقاب البنادق، والكي بالنار، والحرق بمواد حمضية.
بعد الزيارة الأخيرة، توسلت الأم لمعتقليه أن يسمحوا لهم بأخذه وعلاجه على نفقتهم الخاصة، لكنهم رفضوا، رغم عرضهم ضمانات بما فيها بصائر البيت، أو سجن والده، بدلاً عنه، فرفضوا أيضاً.
وكان الرد قاسياً هذه المرة، إذ مُنعت الزيارة عنه نهائياً، كما تقول والدته، مضيفة: “بعد منع الزيارة عنه كانوا يتصلون لنا ويخبروننا، ابنكم مريض، أرسلوا له أكلاً وعصائر ليتحسن، كنا نفعل ذلك، ولمدة أسبوعين، لكن دون أن يسمحوا لنا برؤيته”.

إقرأ أيضاً  نظرة قاصرة تجاه الصيدلانية في اليمن

 

متصل مجهول: “ابنكم بالثلاجة

أسبوعان فقط، يفصلان بين زيارتهم له، واستقبالهم اتصالاً من رقم تليفون لا يعرفونه، أخبرهم أن ابنهم في ثلاجة المستشفى الجمهوري الحكومي بصنعاء، “صدمنا الخبر، وذهبنا للتأكد، وكان ما أخبرنا به ذلك المتصل المجهول للأسف صحيحاً”؛ تقول أمه. كان عبدالله واحدا من مائة معتقل تعرضوا لتعذيب أفضى الي الموت وفقا لما كشفته رابطة أمهات المختطفين.
وتضيف والدته : “أصر زوجي على تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة، خصوصاً أن ولدي في آخر زيارة أخبرنا عن الحقن التي كانت تعطى له بالإكراه”. تمسح دموعها وتكمل: “هنا بدأوا بتهديد زوجي، وتوعدوه بأنه إن فعل ذلك، أو تواصل بالإعلام، أو الصحفيين، سيكون مصيره وبقية أولادي مثل مصير عبدالله”.
“قالوا لزوجي بالحرف “ادفن واحد أحسن ما تدفن البقية معه”. ورفضوا تسليمنا الجثة للدفن، إلا بعد توقيع تعهد بعدم التشريح، أو التواصل مع الإعلام والصحف، وتحت التهديد والوعيد وقعنا على ذلك مكرهين، ودفنا ولدي دون معرفة سبب وفاته”.
أنهت أم عبدالله حديثها والدموع تملأ عينيها، رافعةً يديها للسماء، راجيةً عدالة لم تجدها على الأرض.

تعذيب يفضي إلى الموت

تكشف رابطة أمهات المختطفين، عن أساليب وطرق تعذيب بشعة يتعرض لها المختطفون، منهم مائة حالة  تعرضوا لتعذيب أفضى للموت كان عبدالله احدهم.
وأشارت الرابطة، في تقرير لها، إلى أن قرابة 5347 مدنياً قد جرى اختطافهم في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون الحوثيون.
وعبرت عن استيائها من استمرار هذه الانتهاكات على مرأى العالم، كما استغربت رفض المبعوث الأممي مارتن غريفيث، مقابلتهن أكثر من مرة.
تتعرض المئات من اسر المعتقلين للترهيب والابتزاز الذي تعرضت له اسرة عبدالله، مؤخرا سجلت العديد من حالات الترهيب والمطارة لأسر وأهالي الضحايا ؛ أقرب تلك الحالات مهاجمة منزل السياسي والقيادي في حزب الاصلاح محمد قحطان، المختطف لدى الجماعة منذ منتصف العام 2014، وتهديد أسرته لإخلاء منزلهم، وإمهالهم 3 أيام لفعل ذلك.
وهو المختطف لدى الجماعة حيث لا يعرف مصيره، أو مكان تواجده حتى اللحظة وتزامن ذلك مع تواجد المبعوث الأممي غريفيث في صنعاء ويعد ملف الاسرى احد ملفات المفاوضات التي يعمل عليها المبعوث الاممي ويقول انه حقق تقدما مهما فيها.
وتفيد منظمة هيومن رايتس ووتش، أن معتقلين سابقين لدى الجماعة قد تحدثوا عن معاملةٍ وحشية، منها الضرب بقضبان الحديد، والعصي الخشبية، وبأعقاب البنادق، والكي بالنار، والحرق بمواد حمضية.
وتقول المنظمة إنها قد وثقت العديد من حالات الاعتقال غير القانونية لدى الجماعة، أغلبها كان الدافع الأساسي وراءها إما ابتزاز المال من ذويهم، أو المبادلة بسجناء تحتجزهم القوات المعارضة للحركة.

  • رسوم  -هاجر محمد
مقالات مشابهة