المشاهد نت

بوادر أزمة سياسية تفتح الباب لمواجهات عسكرية جديدة في عدن

 عدن – بديع سلطان:

بعد عام كاملٍ من الهدوء الحذر، عادت أجواء التوتر إلى مدينة عدن، بين طرفي الصراع في المدينة، اللذين كانا يقضيان استراحة محارب، على ما يبدو، خلال الفترة الماضية. ودارت مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية المعترف بها دولياً، وقوات موالية لما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، في 28 يناير 2018، سقط خلالها ضحايا من الجانبين، ناهيك عن نهب الأسلحة من المعسكرات الحكومية التي تعرضت لقصف من الطريران الحربي الإماراتي.

وفي 27 يناير الماضي، عاودت الأطراف السياسية والإعلامية لكلا الطرفين، رفع وتيرة التوتر، وإن كان ناعماً وبطريقةٍ أقل حدة هذه المرة، لكن التوقعات تشير إلى اندلاع مواجهات في حال ظل التوتر قائماً.

بوادر أزمة سياسية في عدن

وكانت مخرجات الحوار الوطني التي تدعو إلى تحول الدولة إلى النظام الاتحادي، الفتيل الذي أشعل الأزمة الأحدث عهداً في عدن.

رفض ما يسمى المجلس الانتقالي، في اجتماع هيئة رئاسته، بتاريخ 26 يناير الماضي، ما وصفها بالاستفزازات التي تقوم بها الحكومة، معتبراً تحركاتها محاولة لإثارة الفتنة وتأجيج الخلافات. وطالب الانتقالي وزير شؤون تنفيذ مخرجات الحوار ياسر الرعيني، بالذهاب إلى المحافظات الشمالية للترويج لمخرجات الحوار، أو تنفيذ أنشطته في صنعاء (لو استطاع)، بحسب بيان صادر عن اجتماع المجلس. وفي اليوم التالي، خرجت جموع من أنصار الانتقالي إلى شوارع المعلا، وأسقطت اللوحات التوعوية الخاصة بمشاريع وأنشطة الحوار الوطني، أمام مبنى محافظة عدن؛ لتسير عليه المركبات والسيارات.

محاولة حكومية للتهدئة هذه التصرفات، أدت بالوزارة المعنية إلى العدول عن عقد الندوة الفكرية حول دلالات مخرجات الحوار، لعددٍ من الوزراء، في قاعةٍ عامة وسط عدن، واكتفت بعقدها في قصر الاتحادية بمنطقة معاشيق. وقال الموظف في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء بمعاشيق، عبدالفتاح الرداعي، لـ”المشاهد” إن تحويل مكان الندوة إلى قصر الاتحادية بمعاشيق، جاء بعد يومٍ واحدٍ من اجتماع ما يُعرف بالمجلس الانتقالي، وإصداره بيانه الحاد تجاه الشرعية. وأضاف الرداعي أن الحكومة الشرعية تسعى للنأي بنفسها بعيداً عن أي صراعات، وتتجنب الاحتكاك بأية جهة، انطلاقاً من حرصها على السلام المجتمعي داخل مدينة عدن وكافة المناطق المحررة، مؤكداً على أن مخرجات الحوار الوطني قدمت وستقدم لعدن ولكل المحافظات الجنوبية، كل ما يحلمون به ويطالبون به، في مجالات السلطة والثروة والحقوق والحريات.

إقرأ أيضاً  مخاوف الصيادين من تداعيات "روبيمار"

واعتبر أن الحكومة تقوم بكل مسؤولياتها في عدن والمحافظات المحررة، رغم محاولات التضييق والتخوين وإلقاء التهم دون وجه حق، علماً أن العديد من الوزراء يتواجدون في العاصمة المؤقتة عدن، في محاولة منهم لتغيير الواقع المزري، وتحسين الخدمات العامة، متهماً جهات، لم يسمها، تقف خلف عرقلة أنشطة وفعاليات الحكومية، ليس في ما يتعلق بمخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها كافة مكونات الشعب اليمني، بمن فيهم الجنوبيون، ولكن هذه المحاولات المعرقلة للحكومة، طالت كل المجالات الحيوية، وتسعى إلى تعطيل عملية تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، بحسب الرداعي.

دور إقليمي في تغذية الصراع من جانبه، علق الناشط في تكتل شباب الجنوب، حمدي منصور، على مشاريع التوعية بمخرجات الحوار، بقوله: “إن مجرد التفكير في الحديث عن مثل هذه الأعمال داخل عدن تحديداً، يعتبر إهانة لدماء الشهداء وتضحيات أبناء الجنوب، خاصة في الحرب الأخيرة عام 2015.

ويقول منصور، في تصريحات لـ”المشاهد”، عن توصيفات المجلس الانتقالي لمشاريع للترويج لمخرجات الحوار، بأنها استفزاز غير مبرر لمشاعر الجنوبيين، حد وصفه. الاصطفاف والموالاة بين طرفي النزاع في عدن، وجد طريقه في كل معالم الحياة بالمدينة، حتى الشوارع العامة ذاتها لم تخلُ من الانقسامات، من خلال اللوحات الإعلانية العملاقة التي تحمل تارةً صوراً للرئيس هادي، وتارةً أخرى صوراً للرئيس الزبيدي.

وهو الأمر الذي أرجعه الصحفي ماجد العدني، إلى التغذية السلبية التي تتبناها أطراف عليا، وتستفيد منها في فرض أجنداتها على الواقع اليمني بامتداده، مشيراً في تصريحه لـ”المشاهد” إلى جهاتٍ إقليمية متدخلة بقوة في الشأن اليمني.

وأرجع العدني استمرار الاختلافات في عدن بين الشرعية والانتقالي، إلى توجهات سياسية باتت مكشوفة ينفذها التحالف العربي لإبقاء سيطرته على أدوات اللعبة في اليمن، مشيراً إلى أن الانتقالي بات معروفاً لدى عامة الناس في عدن، قبل المثقفين والسياسيين، بأنه مجرد أداة بيد الإماراتيين، فيما تؤكد الحجج ارتهان الشرعية للجانب السعودي.

ولم يغفل الصحفي العدني الدور الذي تقوم به أطرافٌ أخرى إقليمية ودولية، وأثرها على مجريات الأمور في اليمن، كالدور الإيراني والتدخل القطري أيضاً

مقالات مشابهة