المشاهد نت

ثورة فبراير في ميزان التقييم

حضرموت – عبدالمجيد باخريصة. إب – كمال عبدالله:

ماذا حققت ثورة فبراير؟ تساؤل يتكرر مع تجدد ذكرى الثورة الشبابية التي بدأت خطواتها الأولى في 11 فبراير 2011، لكن الكثيرين لا يستطيعون تقديم إجابة واضحة لهذا السؤال، مع تعقيدات الوضع اليمني، الذي زاد تفاقماً في سبتمبر 2014، أثناء سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء، والعمل على وأد الثورة من خلال تحالف الأخير مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، قبل أن ينقلبوا عليها في ديسمبر 2017.

ماذا حققت الثورة؟

تحققت جملة من أهداف ثورة فبراير المرحلية العاجلة، كإسقاط النظام الفاسد الذي كان قائماً، وتم الشروع في تحقيق بعض من الأهداف الأخرى، كالتأسيس لبناء نظام سياسي جديد يرتضيه الشعب، وبناء جيش وطني مهني، وحل أهم المشاكل التي تهدد كيان الوطن، وغير ذلك، من خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع أهم مكونات الشعب اليمني على صعيد واحد، لأكثر من 10 أشهر، خرجوا فيها بأهم وثيقة وطنية يمنية جامعة لم يشهد لها التاريخ اليمني نظيراً، بحسب قول أبو مروان محمد بالطيف، الناطق الرسمي باسم المجلس الثوري لقوى الثورة السلمية بحضرموت، لـ”المشاهد”، مضيفاً أن “الثورة اليمنية وتداعياتها ما تزال مستمرة ومتفاعلة على الأرض، ومن الصعب أن نحدد ما إذا حققت نجاحات أكثر أم أقل، إلا إذا قررنا أن الثورة قد وضعت أوزارها، وهذا ما لا أراه إلى حد الآن على الأقل”.
ويؤمن الدكتور متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء، عضو مؤتمر الحوار الوطني (فريق بناء الدولة)، بأن فبراير قد أرست دعائم الدولة اليمنية الحديثة بشكلها الاتحادي من خلال مؤتمر الحوار الوطني، مؤكداً لـ”المشاهد” أن ثورة فبراير، ومن قبلها النضال السلمي في المحافظات الجنوبية، والمطالب الفئوية أو المناطقية في مناطق ومحافظات كثيرة، كان دافعها التهميش والإقصاء الذي عانته هذه المناطق.

إجهاض حلم اليمنيين

ويقول الدكتور بازياد: “صحيح أن الحرب التي يشنها الحوثي من أجل إجهاض حلم اليمنيين في بناء دولتهم، باتت حجر عثرة أمام مسيرة الانتقال السياسي السلمي في البلد، لكنه لا يعطي هذه العنصرية -حسب وصفه- أية مشروعية في حكم اليمنيين دون إرادتهم”.
“المتاعب كثيرة، والعقبات كبيرة، وهذا هو الواقع كما نعيشه”، يضيف الدكتور بازياد، لكن في نفس الوقت المشروع الوطني يتقدم، ويكسب مواقع جديدة محلياً وإقليمياً ودولياً. وقبل ذلك كله مساحة الوعي بين اليمنيين تتسع بأهمية التمسك بمشروعهم الوطني الجامع، مقابل عبث المليشيات ومخططاتها التدميرية، حسب قوله.
“8 سنوات من المعاناة كشفت عن حقيقة المواقف والتموضع والاصطفاف”، والانقلابون -كما يقول الدكتور بازياد- لا يخسرون على الأرض فقط، ولكنهم يخسرون أخلاقياً وسياسياً في معركة بلا أفق وطني أو غطاء أخلاقي، مقابل شعب متشبث بثورته، مؤمن بقضيته، واثق بقيادته، ثابت على مبادئه.
ويقول محمد صالح، وهو أحد من شارك في اعتصامات 11 فبراير في ساحة الحرية بمحافظة إب (وسط اليمن): “الثورة مثلت لنا الكثير، وما زالت، لكن بعض القوى السياسية هي من ركبت الموجة، واستغلت أهداف الثورة الشبابية لغرض مصالحها الضيقة”.
ويقول صادق الصايدي، أحد شباب ثورة فبراير، لـ”المشاهد”: “أعداء ثورة 11 فبراير هم أعداء ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وهم أعداء الدولة المدنية والمواطنة المتساوية، لكن ثورة 11 فبراير ستبقى رمزاً لكل يمني حر”.

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

تحامل غير مبرر

يستغرب سعد العماري، من سكان مدينة إب، كثيراً، لتحميل بعض أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، ثورة 11 فبراير، وزر ما آلت إليه الأوضاع الآن، إذ وصل الأمر بالبعض منهم إلى السب والشتم، كما يقول.
ويضيف لـ”المشاهد”: “نحن بحاجة إلى نسيان الماضي وإزالة الأحقاد التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه”.
ويؤكد الدكتور صفوت المطر، على ضرورة احترام كل وجهات النظر، مهما اختلفت الآراء حول ثورة فبراير. لكن المؤسف -كما يقول- أن الثقافة المجتمعية لدى الكثير، تعكس غير ذلك، من خلال السب والشتم للآراء التي تخالف، “وهذا أمر سيئ للغاية، وهو ما أدى إلى ما وصلنا إليه الآن”.
ويضيف لـ”المشاهد”: “لابد من احترام وجهات النظر، وتجسيد معنى الأخوة والاحترام المتبادل في ما بيننا”.
ويعبر جميل عبدالله، أحد سكان محافظة إب، عن هذا التوجه الإيجابي، بالقول: “أنا من أشد معارضي انتفاضة 11 فبراير. لكني سوف أحتفل مع أصدقائي بثورتهم، لأزيل أية شحنات قد تحدث في ما بيننا”.
ويقول أبو مروان محمد بالطيف، الناطق الرسمي باسم المجلس الثوري لقوى الثورة السلمية بحضرموت، لـ”المشاهد”: “للأسف الشديد هناك قصور لدى الكثير من الناس في إدراكهم لمفهوم الثورة، فلازال الكثير منهم لا يميز بين الثورة والانقلاب. الثورة التي هي عبارة عن فعل طبيعي شعبي عارم وعام غير منظم وغير موجه، يمثل حالة انفجار شعبي غاضب في وجه واقع مأساوي مرفوض، بغية الوصول إلى حال أفضل كما يتمنى ويرجو ذلك الشعب، وهو يقارن بين ما هو قائم فعلاً وما يجب أن يكون”.

تفاؤل بتجاوز الإرهاصات

التحرك الشعبي العام وغير الموجه في غالبيته، لتغيير النظام السياسي القائم، حتماً سيترك فراغاً سياسياً ولمدة من الزمن، بحسب بالطيف، مشيراً إلى أن هذا نتاج طبيعي كون دوافع الثورات الشعبية في غالبية من يشارك فيها، لا يمتلك رؤية جماعية بديلة موحدة ومنسجمة، رغم تشارك الجميع في الدوافع ووحدة الشعور بالحاجة للثورة ضد الواقع القائم.
ويقول بالطيف إن الأمر يتطلب فترة من الزمن قد تطول لاعتبارات كثيرة، حتى يتسنى للاستقرار والتوافق أن يعودا بين فصائل ومكونات الشعب، لكي يبدأوا مرحلة جديدة من بناء نظام سياسي توافقي يرتضيه الجميع.

مقالات مشابهة