المشاهد نت

ثورة فبراير… رمزية الماضي وجدل الحاضر

صنعاء – حسان محمد:

الذكرى الثامنة لثورة 11 فبراير السلمية، تعيد الحراك الشعبي والاتهامات بين الأقطاب السياسية المؤيدة والمعارضة، وتحول صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى منابر للمهاترات والملاسنات.

المؤيدون يعتبرونها فاتحة الكتاب، ونافذة ضوء إلى المستقبل، مهما كانت التداعيات، بعد إسقاط رأس النظام. والمعارضون يعتبرونها سبب وصول البلاد إلى حرب ودمار ومجاعة.

جدل الثورة

مواقف ناشطي حزب المؤتمر الشعبي العام المناهضة لثورة فبراير، لم تتغير، رغم التحاق الكثير منهم بركب الشرعية. ويقول الصحفي محمد قائد، أحد أعضاء حزب المؤتمر، لـ”المشاهد”، إن الشعب كان يعيش في وضع أفضل وأمن واستقرار خلال فترة الرئيس السابق صالح، حتى جاءت ثورة فبراير، ومكنت الحوثيين من صنعاء، بعد أن كانوا مشردين في جبال صعدة، مضيفاً أن تحالف صالح معهم قد يعد من باب المكايدة السياسية للخصوم، بالإضافة إلى محاولة الاحتواء للإبقاء على المكاسب الوطنية والدولة. يخالفه في ذلك، الدكتور فيصل علي، بالقول: “مهما ادعت أدوات الثورات المضادة أن الحراك الذي انطلق في عدد من الدول العربية، كان مدبراً من الخارج، أو أن ما تلى الثورات من نتائج مؤسفة ومؤلمة، كان بسبب ارتفاع الصوت العربي المطالب بالحرية والتغيير، فلن يستطيعوا تغيير التاريخ”.

ويضيف لـ”المشاهد”: “خرج الشعب بثورة 11 فبراير، ينشد الخلاص، ويطمح لحال أفضل، غير أنه سلم القيادة في نهاية المطاف لنفس القوى التي كانت جزءاً من المعاناة طوال الفترة الماضية، وعجز عن إفراز قيادة متجردة من تبعات الماضي والتزاماتها للقوى التقليدية”.

ويرى علي، أن “تحميل ثورة فبراير وزر ما عاناه الشعب بعد 2011، لأجل استرضاء البعض لموكب الثورات المضادة، لن يغير من واقعنا اليمني شيئاً، والشعب المعطاء الذي قدم ويقدم أغلى ما لديه في مختلف المراحل، لايزال محكوماً بالمعاناة والألم الذي تسببت به نخبه من السياسيين، ولهذا ستبقى روح الثورة في ضمير كل حر”.

ويرى أحمد الحوثي، الناشط بجماعة الحوثي، أن ثورة فبراير ما تزال مستمرة، مشيراً إلى أن ما سماها ثورة 21 سبتمبر ليست ثورة مضادة، كما يقول البعض، ولكنها امتداد لثورة فبراير وتصحيح لمسارها، وتحريرها من الوصاية الخليجية ومراكز النفوذ التي حاولت السيطرة عليها من خلال تدوير نفسها وفقاً للمعطيات والمستجدات الحديثة. استعادة المبادرة الشعبية

ثورة فبراير غيرت معادلة الواقع المنحاز لصالح ذوي النفوذ، وأن يصبح اليمن بلداً للقلة من سكانه، باستعادة المبادرة الشعبية، وطرحت مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية ونظامها المدني الذي يرتكز على المواطنة والقانون، كما يقول الدكتور ياسين سعيد نعمان، سفير اليمن لدى المملكة المتحدة، في منشور له على “فيسبوك”.

إقرأ أيضاً  غياب الطب النفسي يدفع مرضى الأرياف نحو «الشعوذة»

ويؤكد نعمان: “ستظل ثورة فبراير مستمرة، خاصة وقد أثبتت الأحداث اللاحقة صحة المسارات التي انتهجتها سلمياً، وحققت عبر حوار وطني شامل ذلك العقد الاجتماعي الذي ارتضاه الجميع ليكون خارطة طريق لبناء تلك الدولة”، مشيراً إلى أن الذين وقفوا خارج معادلة هذا المسار التاريخي، أو انقلبوا عليه، ظلوا يقاومون بناء الدولة لتسويق مشاريع الغلبة بالاستناد إلى خرافات لاتاريخية، سواء في صيغتها الكهنوتية، أو الاجتماعية. ويقول إن ثورة فبراير كانت المجس الذي سبر غور المجتمع اليمني، وفتش أعماقه، ليكتشف العلاقة بين التاريخ والمستقبل في بلد لديه كل المقومات للنهوض رغماً عن كل الزواحف التي تسلقت أعمدة نهوضه لتعيق مسيرته.

قيمة الثورة تأتي من ذات “الفعل”، لا في ما يترتب عليه، وفي ما تحدثه من حراك على صعيد المضمون، لا على صعيد الشكل، بحسب تأكيد الناشطة والقيادية في حزب التجمع اليمني للإصلاح، مسك الجنيد، لـ”المشاهد”، مضيفة: “ليس مطلوباً من أية ثورة تحقيق انتصار، أو نتائج”.

وترى الجنيد أن الإنجاز الحقيقي للثورة، هدم النماذج التقليدية والموروثة التي تعمد السلطة على الإبقاء عليها، أما البناء فليس من وظائف الثورة، وإنما من وظائف الذين سيولدون من رحم المعاناة، وليس مطلوباً من الثورة أن تحقق أهدافاً، إنما تهيئ الناس فقط كي ينجزوا إرادتهم. الجيل الذي يفترض أن يعمر الأرض بعد خرابها، لم يتهيأ بعد، التغيير الاجتماعي يحتاج وقتاً، كل ما يحدث هو توطئة لزمن أنظف مما نحن فيه، بحسب الجنيد.

انتكاسة التسوية

11 فبراير، ثورة مستمرة، رغم ما رافقها من انتكاسة التسوية، وما لحقها من ضياع للدولة والانقلاب، بحسب محمد صادق العديني، الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحفية (CTPJF).

ويضيف لـ”المشاهد”: “سيأتي الغد الذي لن يقبل الشعب بأنصاف الحلول وتسويات الأوغاد ومؤامرات اللصوص والسماسرة والقتلة، وسيتخلص من الانتهازيين الذين كان يجب على الثورة أن تطالهم، لكنهم تصدروا المشهد، وكانوا سبب ما وصلنا إليه”. ويؤكد العديني أن معظم الثوار الحقيقيين اكتفوا بما فعلوه فقط، ولم يواصلوا دورهم لاحقاً، والثورة لكي تحمى، تحتاج لأجهزة رقابة ومتابعة متواصلة، وفعل ثوري متواصل يقطع الطريق عن عودة الانتهازيين أو تسلل انتهازيين جدد.

مقالات مشابهة