المشاهد نت

تفنن بصناعة المجاعة في اليمن

صنعاء – خليل مراد :

مرت أشهر معدودة على حالة الاستقرار النسبي في أسعار السلع الأساسية عقب تمويل استيرادها من قبل البنك المركزي اليمني في النصف الثاني من العام الماضي، إلا أن ذلك لم يرق لصناع المجاعة في اليمن.

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]جمعية البنوك واحدة من التكوينات المدنية التي لعبت أدواراً مهمة كسياج لحماية البنوك المحلية، لكنها الآن تواجه التحدي قبل غيرها، وقد رفعت صوتها مؤخراً حين خاطبت القائمين على البنك المركزي في صنعاء بأن ما يتم ممارسته من احتجاز لقيادات في البنوك من قبل الأجهزة الأمنية ليس مبرراً، وبأن هذه التصرفات مردود سلبي على سمعة البنوك وثقة الجمهور بها.[/box]
خطوة من هذا النوع حدت كثيراً من المضاربة بالعملة والتوجه من قبل التجار لشراء العملة الصعبة من السوق السوداء، وعززت من حضور البنك المركزي اليمني كسائس للسياسة النقدية في البلد، لكن جماعة الحوثي واجهت ذلك بجملة من الاجراءات استهدفت من خلالها البنوك التي تفتح الاعتمادات لاستيراد السلع.
فقد قامت مؤخراً باعتقال عدد من قيادات وعاملين في البنوك المحلية بمستويات إدارية مختلفة، وكان السبب المعلن عدم تحويل الفلوس النقدية لفتح الاعتمادات إلي البنك المركزي في عدن، لكن الهدف الخفي تمثل في عرقلة أي نشاط يستعيد عافية البنك المركزي اليمني والقطاع المصرفي عموماً.
تعرض المعتقلون وفق مقربين منهم لتحقيقات مطولة، واحتجز بعضهم لما يزيد عن عشرة أيام في مبنى الأمن القومي، حيث ما يزال البعض هناك، حيث تمت معاملتهم كمجرمين، كما تعهد من تم الإفراج عنهم بعدم تسليم أي مبالغ مالية للبنك المركزي في عدن مقابل فتح الاعتمادات المستندية.
خطوات من هذا النوع ستعقد عملية استيراد المواد الأساسية، كما تسهم في استنزاف المخزون اليمني من الغذاء، وهو الأمر الذي تحذر منه الكثير من المنظمات الدولية، حيث تعيش اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
على مدى الأشهر الماضية تحولت صنعاء إلى مصدر قلق للكثير من التجار ورؤوس الأموال، وبالإضافة إلى شركات الاتصالات التي باتت قاب قوسين من الإفلاس والرحيل من السوق اليمنية، جاء الدور على البنوك اليمنية، ثم التجار وهكذا.
تقول مصادر مصرفية إن عمليات الاعتقال شملت أصحاب شركات صرافة وبعض رجال الأعمال الآخرين بعضهم ما يزال معتقلاً في مبنى الأمن القومي، مشيرة إلى الهدف الأساسي من تلك الممارسات و هو إعاقة عمل البنك المركزي اليمني في عدن من الاستمرار في تمويل استيراد السلع الأساسية.
تتصاعد التحديات في وجه القطاع الخاص وكأن المقصود رأسه هذه المرة بعد أن أنهكته الحرب التي من غير المأمول انتهاءها قريباً، وفي حين يصارع تحديات جمة كانهيار العملة، والجبايات والرسوم المتعددة، والمخاطر الأمنية، ولا يبدو أن ذلك كافياً في نظر سلطات الحوثيين بصنعاء، ولا أحد يكترث في الحكومة اليمنية بعدن.
تتعرض البنوك اليمنية لضغوط مزدوجة، حيث تحذرها إدارة البنك المركزي في عدن بالالتزام بكل ما يطلب منها من بيانات ومعلومات، ما لم فإن سلسلة من الغرامات ستكون بانتظارها، وهكذا تجد البنوك نفسها بين نارين، فلا هي قادرة أن تستجير برمضاء الحكومة وبنكها المركزي في عدن ولا تقوى على البقاء في نار الحوثي الملتهبة.
يقف القطاع المصرفي أمام مجهول ينذر بالكارثة، وهو القطاع الأكثر حساسية لحالة اللاستقرار، والأقسى أن تلك التصرفات التي تمارسها سلطات صنعاء تفاقم الأزمة أكثر.
جمعية البنوك واحدة من التكوينات المدنية التي لعبت أدواراً مهمة كسياج لحماية البنوك المحلية، لكنها الآن تواجه التحدي قبل غيرها، وقد رفعت صوتها مؤخراً حين خاطبت القائمين على البنك المركزي في صنعاء بأن ما يتم ممارسته من احتجاز لقيادات في البنوك من قبل الأجهزة الأمنية ليس مبرراً، وبأن هذه التصرفات مردود سلبي على سمعة البنوك وثقة الجمهور بها.
وقالت إن أي تعامل مع القطاع المصرفي خارج إطار القوانين النافذة لن تقدم أي حلول، ولن تساعد على تحقيق أي نوع من الاستقرار في بيئة القطاع المصرفي.
قطاع مصرفي يحاول أن يتعلق بقشة القانون المتبقية لعلها تقي من توحش السيطرة على القرار، ولا يبدو أن مزيداً من الفقراء والمعاناة التي تنتجها مثل تلك التصرفات يمكن أن توقف سطوة القوة وغلبة المكايدات ومنطق “أنا خيرٌ منه” !

مقالات مشابهة