المشاهد نت

كيف تحول المزاج الشعبي ضد هادي في يوم انتخابه؟

تعز – سالم الصبري، صالح الصريمي: 

مرت الذكرى الـ7 لانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيساً الجمهورية في 21 فبراير 2012، دون أن يعرها محمد عادل أي اهتمام، ولو بمنشور على صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الذي كان يتغنى بها طوال سنوات مضت.
ويقول: “لم تعد تمثل لي أي شيء، صارت ذكرى مؤلمة لي ولغيري من الشباب الذين كنا دائماً نعتبرها تتويجاً لتضحياتنا في ثورة 11 فبراير عام 2011م، التي أزاحت علي عبد الله صالح الرئيس السابق، من الحكم”.
عادل الذي يعد أحد ناشطي ثورة 11 فبراير الشبابية، يضيف لـ”المشاهد”: “التمسنا العذر للرئيس هادي والحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية، من قبيل أن هناك ثورة مضادة، وأنه تسلم السلطة ولم يتسلم المؤسسة العسكرية التي كان ولاؤها للرئيس السابق، وهو الأمر الذي تسبب في انهيار الدولة، وأدى إلى انقلاب الحوثى وصالح، وسيطرتهم على الدولة، لكن أداء الحكومة ظل ضعيفاً وهزيلاً خلال معارك استعادة الشرعية، وحتى في إدارة المناطق المحررة، رغم الدعم الكبير الذي قدمه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وغيرها من الأخطاء التي لا تغتفر، ومنها الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، وغيرها من الأخطاء التي جعلت من الشرعية مادة للسخرية لدى المواطن، وبالتالي فقد ثقته بها من وجهة نظري”.

استحقاق ثقة المواطنين

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]عمار السوائي :أن اليمنيين لم يفقدوا بعد ثقتهم بالحكومة، لكن يبدو أنها تسلك الطريق الأسرع لفقدان هذه الثقة.[/box]

ويقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالله الدهمشي، لـ”المشاهد” إن لحظة التوافق على هادي كانت لحظة تاريخية أضاعتها الحسابات الخاطئة والتدخلات الخارجية، وللأسف لم ينجح هادي في إدارة المرحلة الانتقالية، بسبب القوى التي حركتها الأطماع لتصنع الفشل، ومن ثم حلت المأساة، مضيفاً أن الذين يحملون الرئيس الانتقالي مسؤولية الفشل، يعبرون عن ذات القوى التي أفشلت المرحلة الانتقالية.
ويرى الناشط المدني عمار السوائي، أن اليمنيين لم يفقدوا بعد ثقتهم بالحكومة، لكن يبدو أنها تسلك الطريق الأسرع لفقدان هذه الثقة، معتبراً أن استحقاق ثقة المواطن لا يكون بغير تقديم الخدمات، وتوفير الأمن، وعدم التمييز بين المواطنين، والقضاء على الفساد، وكذا الحفاظ على مؤسسات الدولة ومكتسباتها. وهذه هي الطريق الأنسب للمحافظة على ثقة المواطنين.
ويقول لـ”المشاهد”: “الواقع يقول شيئاً مختلفاً عن ذلك، فالفساد الذي يمارسه المسؤولون القابعون على رأس مؤسسات الحكومة، بالإضافة إلى المحسوبية والتعيينات العشوائية، والأداء الهدام لدور الدولة وعلاقتها بالمواطن، صار محل نكتة وتندر، فاليمني بطبيعته يتمتع بحس الفكاهة، وإن كان يرزح تحت وطأة الظروف القاهرة، فنظير كل قرار خاطئ ونظير كل سلوك محسوبية ونظير كل قضية فساد يواجهها اليمني بالنكتة اللاذعة كنوع من التناول النقدي لواقعه اليومي ولأداء المسؤول الحكومي.
لكن الوزير السابق في حكومة الوفاق الوطني عبد السلام رزاز، يرى أن القصور في أداء الحكومة في المناطق المحررة يعود إلى شحة الإمكانيات وضعف الإدارة، كما يقول، مضيفاً: “هذا شيء غير غائب على الناس، فالوسائل الإعلامية تتناوله بشكل يومي، وما يقوم به الرئيس هادي من تغييرات مستمرة للمسؤولين في أجهزة الدولة، يأتي ضمن معالجة هذا القصور”.
ويؤكد لـ”المشاهد” بالقول: “لا ننسى أن اليمن لازالت في حالة حرب ضد الانقلاب الحوثي، والحروب عادة مكلفة تلتهم نسبة كبيرة من الموارد لتغطية حاجاتها، وهذا يشكل عجزاً في التزامات الحكومة في المجال الخدمي وغيره. أيضاً لازالت الموارد الرئيسية للدولة متعثرة بسبب الظروف التي فرضها الانقلاب على كل اليمن، وفي كل الأحوال الجميع يعرف أن الحكومة جاءت على أوضاع صفرية في المناطق التي حررتها، فالحوثي لم يترك شيئاً من الممتلكات العامة.
ويضيف رزاز: “بالنسبة لرضا الناس من عدمه حول أداء الحكومة، فالناس طموحهم أعلى، وهذا من حقهم. لاحظ ماذا يجري في فرنسا التي تعتبر من البلدان الغنية، شعبها خرج إلى الشوارع يتظاهر ضد الحكومة، معبراً عند عدم رضاه عن أدائها، فما بالك باليمن التي نهب الحوثي دولتها، ودمر كل شيء فيها”.

الانقلاب اغتال مستقبل اليمنيين

الصحفي مصطفى ناجي الجبزي، أرجع حالة التذمر الموجودة التي ظهرت تجلياتها في ذكرى تنصيب هادي، إلى إطالة أمد الحرب وما ترتب عليها من مشاكل مست حياة المواطنين الاقتصادية والصحية والأمنية وغيرها، بينما يرى الناشط في الثورة الشبابية الصحفي وضاح الجليل، أن حالة التذمر الموجودة تقف خلفها الثورة المضادة التي تتعمد تصيد استغلال أخطاء الشرعية والإساءة إليها، باعتبارها إحدى ثمار ثورة 11 فبراير، مشيراً إلى أن الهدف هو الإساءة لثورة فبراير.

إقرأ أيضاً  رداع.. ضحية جديدة في قائمة «تفجير المنازل»

ولم يعفِ الصحفي الجليل الحكومة، ممثلة بالرئيس هادي، من المسؤولية، مشيراً إلى أن ثمة قصوراً، وأسباباً موضوعية، تخص الشرعية، ويتمثل في القصور في أدائها، وفي استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
وقال الجليل إن حالة التذمر لوحظت في ذكرى انتخاب الرئيس هادي، والهدف منها -حد تعيره- هو الإساءة لثورة فبراير، واتهم الثورة المضادة في كل ما يحدث في البلاد من دمار.
وعلى الرغم من كل التعقيدات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية التي واجهتها الحكومة، فإن الرئيس واجه كل المشاريع بصلابة وشجاعة، ودفع ثمناً باهظاً لمواقفه الوطنية، بحسب عبد الله العليمي، مدير مكتب رئيس الجمهورية، مؤكداً في تغريداته في “تويتر”، أن هادي أدار الفترة الانتقالية بحكمة وبسالة، وأوشكت البلاد على الخروج الآمن، حاملة معها شهادة كل العالم على حكمة اليمنيين وشجاعتهم لولا الأيادي الآثمة التي امتدت لتغتال المستقبل، في إشارة إلى جماعة الحوثي الانقلابية.
وأرجع العليمي الظروف التي تمر بها البلاد حالياً، إلى إرث ثقيل من الفوضى والدسائس والمشاريع الهدامة وكتل التخريب والحسابات الضيقة والجماعات المتربصة والمدعومة خارجياً، والتي تكالبت على أحلام اليمنيين، وأدخلت البلاد في العنف والحرب، مشيراً إلى أن مستقبل اليمن مرهون بتماسك أبنائه ضد الانقلاب، والالتفاف حول الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية القائمة على مبادئ النظام الجمهوري والمواطنة المتساوية والعدالة والحكم الرشيد الذي جسدته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
لكن الصحفي خالد العلواني يقول إن سقف طموح الشعب كان عالياً، وهو يصوت لعبد ربه منصور هادي، كرئيس انتقالي، في الـ21 من فبراير 2012، وكان يتوقع من القيادة السياسية أن تكون في مستوى طموحه، وأن تعمل على ترجمة إرادة التغيير بعزيمة لا تعرف المستحيل، ومع مرور الأشهر وتوالي الأحداث، أدرك الشعب أن الفجوة تتسع باستمرار بين رؤيته للمستقبل وبين أداء الرئاسة والحكومة.

وقال العلواني إن الشعب وجد نفسه فجأة في جحيم الانقلاب، الذي أخذ ينتفش في الفراغات التي خلقها ترهل السلطة، ومراوحتها واغترابها شعورياً ومادياً، الأمر الذي صنع حالة التباس لدى البعض بين العرس الديمقراطي في 21 فبراير، من حيث المبدأ والحدث، وبين سياسات السلطة السياسية المتسمة بالضعف والعجز عن تلبية تطلعات الجماهير وأشواقها.

مواجهة عدو مشترك

في خضم التعقيدات التي ترافق عمل الحكومة في الجوانب المختلفة، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، أصبح المواطن ينظر للسلطة الشرعية بمكوناتها ورموزها، على أنها مسهمة بشكل رئيسي في استشراء الفساد، وهو الذي كان يلقي باللوم على جماعة الحوثي، بحسب الصحفي المعتصم الجلال، الذي قال لـ”المشاهد”: “تغيرت كثير من الأمور، ومعها ازدادت شهية المحسوبين على الشرعية في ممارسة الفساد، وجعلوا المحسوبية في سلم اهتماماتهم”.
ويضيف: “مسألة بقاء الشعب اليمني، وتمسكه بمظلة السلطة الشرعية، هي مسألة مواجهة الحوثية كخطر استراتيجي”.
ويؤكد الدهمشي أن الرئيس هادي لم يكن مسؤولاً عن المأساة التي انزلق إليها اليمن، مشيراً إلى أننا بحاجة إلى قدر من الإنصاف والموضوعية.
ويقول مختار الرحبي، مستشار وزارة الإعلام، وسكرتير إعلامي سابق في رئاسة الجمهورية، إن ذكرى انتخاب الرئيس هادي هي إعلان مرحلة جديدة في حياة الشعب اليمني، وبأنها مثلت ثورة الشباب السلمية بداية لتلك المرحلة، وأن يوم ٢١ فبراير يمثل انتقال السلطة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى الرئيس عبدربه منصور هادي.
ويضيف: “لا يخفى على الجميع أن اليمن كانت تعاني من إشكاليات متعددة حاول الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة باسندوة، حل بعضها، لكن قوى الشر -حد تعبيره- أرادات غير ذلك، مستمدة دعمها من دول إقليمية للنيل من مخرجات الثورة الشبابية، حيث تم دعم ثورة مضادة قامت بها مليشيات الحوثي. ولعل الجميع يعرف تفاصيل ما حدث بعد ذلك من انقلاب على الدولة والشرعية”.
وأرجع الرحبي تغير المزاج الشعبي بعد 7 سنوات إلى الأحداث الكبيرة التي عاشها الشعب، خصوصاً بعد 2014، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يتغير مزاج البعض الذين ذهبوا لانتقاد الرئيس والحكومة، والانتقاد في إطار القانون هو شيء إيجابي لإصلاح ما يرى الآخرون أنه خلل في المؤسسات الحكومية. ويرى الصحفي مختار ضرورة الوقوف مع الرئيس، ليس لشخصه، وإنما لما يحمله من شرعية وضمان لبقاء الدولة، حتى نتجاوز انقلاب الحوثي، وتعود مؤسسات الدولة، ويتم الوصول لانتخابات رئاسية وبرلمانية، وإقرار للدستور وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وكان عبد ربه منصور هادي انتخب رئيساً للجمهورية عن طريق استفتاء شعبي، في 21 فبراير 2012م، بعد توقيع المبادرة الخليجية، من قبل الأطراف السياسية، والتي كانت نتاجاً لثورة 11 فبراير الشعبية.

 

مقالات مشابهة