المشاهد نت

أزمة المياه في تعز وخطة طوارئ غير فاعلة

تعز – علا الحداد:
بالقرب من محطة تحلية لمياه الشرب، بشارع وادي القاضي، وسط مدينة تعز، يصطف العشرات من الرجال والنساء والأطفال، جوار خزان ماء نفد كل ما بداخله، على أمل أن يملأه صاحب المحطة بالمساء. ومن بين أولئك المحتشدين الستينية فاطمة، التي ظفرت بتعبئة جالون من الماء سعة 10 لترات.
3 ساعات هي المدة التي استغرقتها فاطمة محسن، في تعبئة الجالون، فيما لم يحالفها الحظ بتعبئة الآخر، بسبب انتهاء الماء من الخزان.
وتقول لـ«المشاهد»: «منذ شهرين ونحن على هذا الحال، كل صباح نصطف في طابور طويل من أجل تعبئة ما يكفينا من ماء الشرب”.
وتؤكد فاطمة أنها لا تملك مبلغ 20 ألف ريال يمني لشراء وايت ماء سعة 3000 لتر للشرب، مشيرة إلى أنها تضطر في معظم الأحيان إلى غلي الماء المالح، واستخدامه للشرب والطبخ، عند عدم قدرتها على الخروج إلى خزان السبيل.
وتشهد مدينة تعز أزمة خانقة في مياه الشرب، بعد وصول سعر الوايت إلى 20 ألف ريال، الأمر الذي جعل السكان يصطفون في طوابير طويلة للحصول على شربة ماء من فاعلي الخير، بحسب مشاهدات محرر “المشاهد”.
أزمة المياه في تعز وخطة طوارئ غير فاعلة
معاناه في البحث عن الماء في نعز
آبار على وشك النضوب
عملية جلب الماء من آبار الضباب، غرب تعز، والتي كانت لا تستغرق قرابة ساعة واحدة مسبقاً، وبسعر زهيد لا يتجاوز مبلغ 1500 ريال يمني، لصهريج الماء الواحد، سعة 6000 لتر، أصبحت اليوم، وبحسب عادل حسان، مالك محطة تحلية مياه الشرب، تستغرق قرابة 12 ساعة، وبمبلغ 20 ألف ريال.
ويؤكد حسان، في حديثه لـ«المشاهد»، أن التوسع في زراعة القات بمناطق الضباب وجبل حبشي والبيرين، غرب المدينة، أدى إلى استنزاف الماء من آبار الضباب، الشريان الأهم لتغذية مدينة تعز بالماء، مشيراً إلى أن شحة المياه في المدينة والتوسع الكبير في زراعة القات، فتح شهية الجشع لدى ملاك الآبار الذين استغلوا غياب دور الرقابة لرفع سعر الماء بشكل جنوني.
ولم تعد المحطة الواحدة قادرة على إنتاج 50% من احتياج المدينة، مقارنة بالأشهر القليلة الماضية، بحسب حسان، لافتاً إلى أن هناك الكثير من محطات تحلية مياه الشرب، توقفت عن العمل، بسبب ارتفاع سعر الشراء والازدحام الشديد فوق آبار الماء، والذي يستغرق جهداً ووقتاً أكثر.
أسباب فاقمت من معاناة الناس
أزمة مياه الشرب فاقمت من معاناة الآلاف من أهالي مدينة تعز، سط عجز واضح من قبل الجهات المعنية، عن إيجاد حلول للحد من توسع أزمة المياه في المدينة المنكوبة والمحاصرة، ما أثار الكثير من التكهنات، وردود الفعل المتباينة، ففي الوقت الذي اعتبرته الجهات المعنية «أزمة قديمة جديدة»، سببها الرئيس هو النقص الكبير في مخزون المياه الاستراتيجي، عده آخرون «سوقاً سوداء» تنذر بكارثة إنسانية محققة.
ويقول سليم الضبابي، من سكان تعز، لـ«المشاهد»، إن شحة المياه فاقمت من الوضع الإنساني في المدينة، وتنذر بكارثة إنسانية محققة إن لم يتم تدارك الأمر من قبل الجهات المختصة والمنظمات الإنسانية.
ويؤكد الضبابي، أن توسع ظاهرة حفر الآبار بطرق عشوائية، أسهم بشكل كبير بتوسع أزمة مياه الشرب في المدينة، مشيراً إلى أن الآبار الارتوازية العميقة التابعة لبعض الشركات والمصانع في منطقة الضباب، تعتبر من أبرز العوامل التي أدت إلى نضوب الماء من الآبار السطحية التي تغذي سكان المدينة بمياه الشرب.
ويؤكد الصحفي وديع الشيباني،  في حديثه إلى «المشاهد»، أن «عملية حفر الآبار العشوائية بالمدينة وبعض المديريات، خلال السنوات الأخيرة من الحرب، بناء على تقارير الهيئة العامة للموارد المائية، أحد أهم العوامل التي أدت إلى شحة مياه الشرب في المدينة».
وأوضح الشيباني، أن أصحاب بعض محطات التحلية بالمدينة مستأثرون ببعض الآبار في منطقة الضباب لتمويل محطاتهم فقط، بالإضافة إلى أن هناك آباراً داخل المدينة تحتاج إلى الصيانة لإعادة تشغيلها، وأخرى ممتلئة بالمياه في (صينة – حول عطية – وادي المعسل)، وآبار أخرى تابعة لمشروع المياه، لكنها متوقفة عن الضخ، كون الشبكة غير مكتملة، وكحل مؤقت خصصت البيع للجمهور.
يوافقهم في ذلك مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في محافظة تعز، المهندس بدري الإبي، مشيراً إلى أن من أبرز الأسباب هي توسع زراعة القات في مناطق الضباب وجبل حبشي ويفرس وما جاورها، إلى جانب الاستنزاف من خلال الحفر العشوائي للآبار، وتناقص نسبة تساقط الأمطار خلال العام المنصرم، وتأخره في الموسم الحالي.
رد رسمي
يرد مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في محافظة تعز، المهندس بدري الإبي، على الانتقادات الموجهة لمؤسسته، بالقول: «أزمة المياه في تعز، ليست حديثة، بل تتكرر سنوياً، بسبب النقص الكبير في مخزون المياه الاستراتيجي، وعجز الإنتاج مقابل الاحتياج الاستهلاكي الذي يبلغ 35 ألف متر مكعب في اليوم الواحد”.
ويضيف أن آبار المؤسسة البالغة 60 ألف بئر، كانت تنتج قبل الحرب من 18 ألفاً إلى 19 ألف متر مكعب في اليوم، وكان العجز حينها يصل إلى 35%، فالمشكلة قائمة أصلاً، ولكن الحرب زادت الطين بلة، حد تعبيره.
لكنه يؤكد أن مؤسسته استطاعت أن تعيد تأهيل الآبار الإسعافية التي كانت تعتمد على الكهرباء داخل المدينة، والبالغة 21 بئراً، إلى جانب تأهيل آبار الأوقاف، حيث وصل إنتاج هذه الآبار ما بين 20 و30 ألف متر مكعب.
وطالب الإبي المنظمات الدولية والإنسانية، بالتدخل السريع والعاجل للضغط على الحوثيين لتشغيل الحقول الكبيرة البالغة أكثر من 40 بئراً، والواقعة تحت سيطرتهم، والتي كانت تمد المدينة بـ5 ملايين لتر، وتعتمد عليها تعز بشكل أساسي.
خطة طوارئ غير فاعلة
يؤكد إلابي، أن السلطة المحلية وضعت خطة طوارئ للحد من أزمة المياه، من خلال عدة إجراءات، تتمثل بمنع مرور الوايتات إلى مزارع القات، وتكليف مكتب النقل مع مكتب التموين والتجارة، وهيئة الموارد المائية، بوضع سعر محدد، وإيقاف التلاعب بأسعار بيع وشراء الماء، إضافة إلى تشغيل الآبار المتوقفة داخل المدينة، سواء كانت خاصة أم عامة.
لكن خطة الطوارئ التي يتحدث عنها الإبي، لم يلمسها سكان المدينة، لأن المشكلة ماتزال قائمة، وقابلة للتفاقم بشكل مخيف، وفق ما تحدث به الشيباني والضبابي
مقالات مشابهة