المشاهد نت

مرضى الثلاسيميا في اليمن يستغيثون: “نريد أدوية”

 

صنعاء – فارس قاسم:

يتردد مريض “الثلاسيميا” محمد قائد، على المركز الوطني لنقل الدم بالعاصمة صنعاء، للحصول على مادة البلازما، والعلاج، حتى لا يتعرض لتشوهات، كما يقول، مستدركاً بحزن: “نحتاج للدم بشكل مستمر كل 3 أسابيع على الأقل. معاناتنا تعب وألم لا يتوقف”.
ويوجد في اليمن نحو 1300 مصاب بمرض “الثلاسيميا”، وأكثر من 25 ألف مصاب “بالأنيميا المنجلية”، حتى نهاية العام 2018، وفقاً للمدير التنفيذي للجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي، جميل الخياطي. “لكن الأخطر أن كل حالة منها تخفي خلفها حالات تحمل الجينات المسببة لتلك الأمراض”، كما يقول الخياطي لـ”المشاهد”، مضيفاً أن الثلاسيميا، مرض وراثي انحلالي يسبب فقر الدم المزمن، وقد يؤدي إلى الوفاة.
والمؤسف أن أغلبية المصابين لا يستطيعون الحصول على العلاج اللازم لهم.

يصارعون الحياة

في ساحة المركز الوطني لنقل الدم بالعاصمة صنعاء، يجلس عديد مصابين بانتظار فرصة الحصول على علاج.
ويشكو المرضى من عدم قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ويقولون إنهم يصارعون الحياة من أجل البقاء.
وقال محمد الصبري، وهو يحضن أحد أطفاله، بنبرة حزينة، لـ”المشاهد”: “أطفالي مصابون بهذا المرض منذ ولادتهم، لاحظ تجلط الدم في جسد ابني. كثير من المرضى تشوهت أشكالهم، ومشكلة العلاج أنه غير متوفر في الأسواق، وإذا توفر فإن قلة يستطيعون شراءه، لأن سعره مرتفع جداً. نريد أدوية مجانية”.
أضاف الصبري الذي كان متواجداً في مقر الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي بصنعاء، أنه اضطر للانتقال من تعز إلى صنعاء، للبحث عن علاج لزوجته وأطفاله الثلاثة المصابين بتكسرات في الدم.
وتوجد أزمة في العلاجات، بحسب الخياطي، موضحاً بالقول: “قبل الحرب كان المرضى يعتمدون على وزارة الصحة في توفير أدويتهم، لكن نتيجة للحصار والأوضاع الراهنة التي تمر بها بلادنا، وانعدام موازنة الوزارة، لم يتم توفير الأدوية”.
ويضيف: “هذه الأدوية يتم استيرادها من الخارج، وأسعارها مرتفعة، ولأنه يوجد في الأسرة الواحدة أكثر من مصاب بهذه الأمراض، فالوضع يصبح غاية في الصعوبة. كثير من الأسر لا تستطيع توفير الأدوية لأبنائها”.

إمكانات محدودة

وتسعى الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي، وهي الوحيدة العاملة في هذا المجال باليمن، للتخفيف عن هؤلاء المرضى وأسرهم من خلال: التنسيق والتعاون مع المراكز الوطنية لنقل الدم لتوفير الدم الآمن للمرضى مجاناً، وتوفير خدمات الرعاية الصحية المطلوبة للمرضى (تشخيص ومعاينة، طوارئ ورقود، خدمات نقل الدم، الإحالات للمستشفيات والمراكز الطبية)، إلى جانب خدمات أخرى بينها كفالة المرضى الأيتام وبعض الأسر المعدمة، والاهتمام بجانب الدعم النفسي للمرضى.
وأوضح جميل الخياطي أن الجمعية التي تستقبل عبر مركز رعاية مرضى الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية، التابع لها بصنعاء، أكثر من 100 مريض يومياً، تمر بظروف صعبة، وتفتقر لموازنة تشغيلية كافية، “كل يوم نسجل حالات جديدة، لم نعد قادرين على مواجهة تلك الأعداد”.
وأضاف: “يستفيد من خدمات الجمعية ما يقارب 7500 شخص من مرضى الثلاسيميا والأنيميا المنجلية، وزارة الصحة توفر للمركز التابع للجمعية كميات من الأدوية المساعدة والمحاليل الوريدية، بين فترة وأخرى. لكنها لا تغطي ربع الاحتياج”.
وفوق ذلك، لم تتمكن الجمعية من الحصول على دعم لمشاريعها الهادفة إلى خدمة هؤلاء المرضى، كمشروع الإغاثة الدوائية العاجل، ومشاريع الرعاية الاجتماعية للمرضى وأسرهم.
ويؤكد الخياطي أن دور المنظمات المحلية والدولية الإغاثية في تلبية متطلبات مرضى الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية “منعدم تماماً. “رغم نداءاتنا واستغاثاتنا المتكررة، إلا أنها لم تجد آذاناً صاغية بعد”.

إقرأ أيضاً  نظرة قاصرة تجاه الصيدلانية في اليمن

فحص ما قبل الزواج

وتكمن الوقاية من هذه الأمراض في إجراء فحص ما قبل الزواج، بحسب الخياطي. لكن للأسف قلة قليلة في اليمن يجرون فحوصات ما قبل الزواج، ولا توجد رقابة من السلطات القضائية التي يفترض ألا تتم إجراءات عقد الزواج ما لم تقدم وثيقة تثبت صحة الفحوصات الطبية، فضلاً عن أن غالبية الزيجات تتم عبر رجال الدين، الأمر الذي يفاقم هذه المشكلة.
ويشير الخياطي إلى أن أهم التحديات التي تواجه المرضى، تتمثل بعدم وجود مراكز متخصصة لعلاجهم ورعايتهم، باستثناء مركز رعاية مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي الخيري في العاصمة صنعاء، وفرعه بمحافظة الحديدة، لذا يضطر غالبية المرضى إلى زيارة العاصمة أو الحديدة لتلقي العلاج.

تداعيات الحرب

ومنذ أكثر من 4 أعوام، يشهد اليمن حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، المدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية، من جهة، ومسلحي جماعة “الحوثي”، من جهة أخرى.
وأدت الحرب إلى توقف الخدمات الصحية في أكثر من نصف المنشآت الطبية، فيما لجأت عدة مستشفيات عامة إلى خفض أو إغلاق بعض أقسامها بسبب نقص الإمدادات الطبية.
كما أوقعت الحرب حوالي 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح، منذ بدء عمليات التحالف، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الإنساني أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير.
وتسبب النزاع بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، التي قالت إن أكثر من 24 مليون شخص مازالوا يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، أي أكثر من 80% من السكان.

مقالات مشابهة