المشاهد نت

تعز: خيار التصعيد يسابق تنفيذ اتفاق لجنة التهدئة

تعز – معاذ الحيدري:
لم يعد تحرير مدينة تعز المحاصرة من قبل جماعة الحوثي، منذ 4 سنوات، هو الهم الذي يشغل المكونات الحزبية وتشكيلات المقاومة هناك، بعد تحويل المساحة المحررة إلى صراع سياسي وعسكري بينهم، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان، الذين يعيشون أوضاعاً معيشية وصحية غاية في الصعوبة.
وتزامن هذا الصراع مع انطلاق الحملة الأمنية التي تبناها محافظ تعز نبيل شمسان، بعد شهرين من تعيينه، بهدف القبض على مطلوبين أمنياً، يتمركزون في أحياء كثيرة في المدينة، قبل أن تتحول إلى اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش وجماعات مسلحة، خلفت قتلى وجرحى من المدنيين.
وانتقد التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني، قي بيانين منفصلين، الحملة، كونها انحرفت عن مسارها.
ويقول الناطق باسم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري فرع تعز، مجيب المقطري، لـ”المشاهد”: “نحن في التنظيم الناصري طالبنا القوى السياسية بإصدار بيان موحد، ولكن كل محاولاتنا في إقناع القوى السياسية في التحالف المؤيد للحكومة، باءت بالفشل، بعدها أصدرنا بياناً، أوضحنا فيه موقفنا من طبيعة الصراع ونتائجه، وطالبنا الرئيس والحكومة بتحمل مسؤوليتهما بإقالة القادة الأمنيين والعسكريين المشاركين في الحملة، ومحاسبتهم على تمردهم وعدم امتثالهم لأوامر محافظ المحافظة رئيس اللجنة الأمنية”، مضيفاً أن المحافظ وُضع أمام اختبار حقيقي، وعليه أن يثبت قدرته في تصحيح هذه الاختلالات وفرض هيبة الدولة.
تباينات سياسية
المواجهات التي استخدم فيها مختلف الأسلحة الثقيلة، كالرشاشات والمدفعية والصواريخ الحرارية، دفعت المحافظ إلى إيقاف الحملة بعد 3 أيام من انطلاقها، على الرغم من أهمية هذه الحملة الأمنية للقبض على المطلوبين بمختلف الجرائم، والتي كان آخرها اغتيال ضابط ومرافقه، وسط مدينة تعز، بعد يوم واحد من وصول محافظ تعز الجديد لأداء عمله، بحسب الكاتب الصحفي عبدالعزيز المجيدي، مؤكداً لـ “المشاهد”، أن العصابات التي تدير جرائم الاغتيالات اختارت توقيتاً محدداً، ونفذت جريمتها، وكأنها كانت تستعد لتفجير الأوضاع بالمدينة على ما يبدو.
لكن المقطري يقول إن الحملة انحرفت عن مسارها منذ انطلاقها، من خلال انتقاء المطلوبين أمنياً، فبدل أن تمثل الحملة سلطة الدولة، للأسف الشديد مثلت استقواء طرف بعينه، مارس كل تراكماته وحقده ضد من اعتبره خصمه، وشهدت المدينة القديمة حصاراً مطبقاً، وقصفت من كل اتجاه، وحرب شوارع لأيام أزهقت فيها أرواح الأبرياء من أبناء المدينة القديمة، وحرقت وتضررت ممتلكاتهم، مضيفاً: “جاء تحذيرنا في التنظيم للسلطة المحلية وقيادة الأحزاب، منذ انطلاق الحملة بضرورة التقيد بالضوابط القانونية”.
ويتابع المقطري: “في اليوم الثاني وجه المحافظ 3 أوامر لإيقاف وانسحاب الحملة، إلا أنهم تمردوا واستمروا بقصفهم وحصارهم للمدينة، واتضح ما كنا نحذر منه بأنه انتقام وتصفية حسابات لا أكثر، ولا علاقة له بالعمل الأمني، ونتيجة ذلك جنت المدينة أثره المر من قتل ودمار وتعميق شرخ اجتماعي”.
اتفاق لم ينفذ
واتفق المحافظ، خلال لقائه بقائد المحور ومدير أمن تعز والوكلاء ولجنة التهدئة المشكلة من وكيل وزارة الداخلية المحمودي، وقائد اللواء الخامس حرس رئاسي عدنان رزيق، ومؤمن المخلافي أحد قيادات كتائب أبو العباس، بعد توقف الحملة الأمنية بيومين، على إزالة النقاط والمظاهر المسلحة من المدينة القديمة، وتسليم المطلوبين أمنياً، وإدخال الأجهزة الأمنية والشرطة العسكرية إلى المدينة، وتأمينها، وإعطاء مهلة قدرها 3 أيام بهذا الشأن، وقد مر للآن يومان، وتبقى يوم واحد للمهلة، بحسب تأكيد المسؤول الإعلامي في قيادة محور تعز، راكان الجبيحي، لـ”المشاهد”، لكنه يشير إلى عدم التجاوب مع تنفيذ البنود حتى الآن”.
ويقول: “في حال لم يتم تحقيق، فلابد من وضع آلية لاستئناف الحملة الأمنية التي تعيد الاعتبار للدولة، وفرض هيبتها، وعدم التساهل مع هذه الجماعة التي تنخر في خاصرة تعز منذ زمن”.
وأكد وكيل محافظة تعز عارف جامل، في منشور على صفحته في “فيسبوك”، قبل يومين، أن “لجنة التهدئة التقت مع قيادات كتائب أبو العباس، وكان اللقاء إيجابياً، وعقبه اجتماع الأخ المحافظ مع لجنه التهدئة، بحضور مدير عام الشرطة، ومؤمن المخلافي، وتم الخروج باتفاقات سيتم الإعلان عنها لاحقاً، ولايزال العمل جارياً، والأمور مطمئنة ومستقرة، وإن كل ما ينشر هي تسريبات وتكهنات”.
لكن المقطري يقول إن المحافظ لم يداوم في مكتبة منذ أيام، والكل يعرف هذا، وربما العدول عن الاستقالة مقابله إقالة من تمرد عليه.
ما الذي يتوجب فعله؟
ما يحدث في تعز، نتاج طبيعي لما لحق المؤسستين الأمنية والعسكرية من الاختلالات في عملية دمج المقاومة في الجيش، وكذا التجنيد، حتى هذه الأخطاء لم تترك للقوى الحية مساحة لمعالجتها، نتيجة هيمنة طرف بعينه، بحسب المقطري، مشيراً بالقول: “لا أعتقد أن يستقيم وضع المؤسستين في ظل هيمنة طرف، ولن يستطيع محافظ المحافظة أن يعمل دون أن يترك له حق الاختيار لمن يشغل هذه الأجهزة، بعيداً عن أي تأثير من أي طرف”.
ويجب أن تكون سلطة الأجهزة الأمنية خاضعة لسلطة المحافظ، دون تسييس، وبدون تدخل من أي طرف كان، بحسب المقطري، مشيراً إلى ضرورة استجابة رئيس الجمهورية لمطالب محافظ تعز.

مقالات مشابهة