المشاهد نت

نفوق الخيول العربية الأصيلة في مزرعة رصابة بذمار

المشاهد – ضياء حسن:

كل ما يمشي على الأرض في اليمن، يعاني من الجوع، حتى الخيول العربية الأصيلة باتت تعاني منه في مزرعة رصابة التابعة للمؤسسة الاقتصادية بمدينة ذمار (جنوب صنعاء)، رغم تعاقب 3 مدراء على المزرعة منذ العام 2014، إلا أن الوضع بقي على حاله، الأمر الذي أدى إلى نفوق 32 خيلاً، بينها 13 خيلاً عربياً أصيلاً، جوعاً، في المزرعة، لتكشف حجم البؤس الذي أحاط بحياة هذه الحيوانات الجميلة، التي حققت لفرسانها جوائز محلية إقليمية.
وتم تقليص الحصص الغذائية لهذه الحيوانات منذ العام 2016، عقب توقف الميزانية التشغيلية للمزرعة، وباتت وجباتها الرئيسة تختصر في “التبن والماء”، بعد أن كانت وجباتها الغذائية تتضمن كميات من اللوز والزبيب والتمر، وبعض الفواكه.
مزرعة رصابة التي تأسست في العهد الملكي، تم ضمها إلى ممتلكات الدولة، بإشراف وزارة الدفاع اليمنية، بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، ثم انتقل الإشراف إلى وزارة الزراعة والري، قبل أن ينتقل إلى المؤسسة الاقتصادية.
وتتجاوز مساحة المزرعة التي تضم قسماً خاصاً للخيول، وآخر للأبقار، 60 هكتاراً صالحة للزراعة، لكنها أهمل أجزاء واسعة منها.

 

الخيول بهيئة أشباح

ألقت الحرب بظلالها على واقع الخيول أيضاً، وحولتها إلى هياكل عظمية، نتيجة الجوع في إسطبلاتها.
ويقول مدرب الخيول والبطل اليمني في رياضة الفروسية محمد القعر، لـ”المشاهد”: “تغير الوضع كثيراً منذ عام تقريباً، فقد ساعدت جهود المجتمع في إنقاذ الخيول من خطر الموت جوعاً”، مشيراً إلى أنه منذ توقف الميزانية والخيول والمزرعة إجمالاً تعاني من الإهمال.
وتتميز خيول رصابة برشاقتها وسرعتها وطاقتها للتحمل في المسابقات، بحسب الصحفي الرياضي علي الورقي، الذي أوضح لـ”المشاهد” أن الخيول بمزرعة رصابة احتلت الصدارة دائماً في المسابقات الرياضية للعبة الفروسية بكل تقسيماتها، مع العلم أن أسماء فرسان شاركوا في ما بعد في المسابقات العربية والإقليمية.
ولفت إلى أن الخيول التي في حظائر مزرعة رصابة، كانت تمر بجدول تدريب متواصل، خاصة في الوثب والحواجز والتقاط الأوتاد، لتحافظ على مستواها وتميزها في المنافسات الرياضية.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

 

والأبقار تموت أيضاً

والأبقار ليست في منأى عن الوضع الذي تعيشه الخيول في المزرعة، إذ نفق عدد منها أيضاً، في الجزء الغربي للمزرعة، حيث المكان المخصص لها.
ويضم هذا الجزء من المزرعة نحو 200 رأس من الأبقار، التي تنتج 200 لتر من الحليب يومياً، علماً أنها كانت تنتج قبل أن يداهمها الجوع، 300 لتر منه.
ويؤكد طبيب بيطري في المزرعة (رفض الكشف عن اسمه) أن إنتاج الحليب تضاءل بشكل كبير، بسبب تقليص الحصص الغذائية، وبيع عدد كبير من الأبقار للمواطنين، خاصة الصغار منها، مشيراً لـ”المشاهد” إلى أن أياماً تمر دون أن يقدم للأبقار شيء من طعام، ما يضطرها
إلى أكل مخلفاتها، ما أدى إلى ضعفها وعدم مقاومتها.
ويقدم للأبقار بعض الأعلاف الليفية غير المجدية، كوجبات رئيسية، لذا نفقت الكثير منها جوعاً، واكتسى أجسادها الجلد والعظم.

 

خيول للصور التذكارية

ويكتفي القائمون على مزرعة الخيول بإخراج بعضها لالتقاط صور للناس وهم على ظهورها، مقابل مبالغ مالية صغيرة تذهب إلى جيوب موظفي المزرعة وحراسها، وليس إلى بطون الخيول.
وتعتبر مزرعة رصابة للخيول المكان المفضل للعرسان، الذين يفضلون التقاط الصور التذكارية وهم على ظهورها، ويرتدون الملابس التقليدية.
ويحصي صاحب محل تجاري بالقرب من المزرعة، أعداداً كبيرة من الزوار الذين يصل عددهم في بعض أيام الأسبوع، خاصة الخميس والجمعة، إلى 10 عرسان بالإضافة إلى العوائل التي اعتادت على التنزه في المزرعة، مؤكداً لـ”المشاهد” أن المزرعة تفتقر إلى التنظيم والجذب السياحي.
ويقول إن “الزوار يأتون إلى هنا لمشاهدة الخيول، والتجول في المزرعة، مع جلبهم الطعام والشراب معهم، لعدم وجود مطاعم توفر ذلك للزائرين”.
ودعا القعر الجهات الحكومية إلى الاهتمام بالخيول، والعمال في المزرعة على حد سواء، وهو ما لقي استجابة خلال الأشهر الماضية، عندما تقدم البنك الزراعي وشركة إكثار البطاط ومنظمات دولية، بمبادرات استصلاح المساحات الزراعية للمزرعة، مع تقديم الدعم المالي والأعلاف، ما أسهم في الحد من نفوق ما تبقى من الخيول، بحسب القعر.

مقالات مشابهة