المشاهد نت

أطفال المخيمات في مأرب يحلمون بالعودة إلى منازلهم

مأرب – عارف الواقدي:
في مربع صغير من مخيم واقع بالقرب من شركة الغار اليمنية بمحافظة مأرب (شرق اليمن)، تعيش الطفلة زهور مع أسرتها، دون أن يفارقها حلم منزلها في محافظة ذمار الواقعة جنوب صنعاء، وهو ذات الحلم الذي يراود صديقتها أميمة (6 سنوات)، القابعة في الخيمة المجاورة.
زهور وأميمة تبدوان سعيدتين وهما يقضيان وقتيهما باللعب بعرائس ولعب أخرى على هيئة منازل وسيارات صنعتاها من كراتين وعلب المواد الغذائية، لكنهما لا ينسيان أبداً ما حل بأسرتيهما من تشرد أوصلهم إلى هذا المخيم.
وتقول زهور (7 سنوات) لـ”المشاهد”: “هذه السيارة صنعتها من علبة عصير اشتريتها أمس من البقالة، لكي ألعب بها”.
وتتابع مازحة: “وين تشتي تروح؟ تعال أوصلك معي في سيارتي”.
وعلى الجانب الآخر من المخيم، كان الطفل أيمن، يتحدث بصوت مرتفع لأصدقائه عن لعبته الجديدة التي صنعها بنفسه من أحد الخيوط، رابطاً في طرف كل خيط علبة من قنينات مشروب غازي.
وفي مخيم الجفينة، الواقع غربي مدينة مأرب، اعتاد سكانه على ضجيج وصراخ الطفل سليم (10 أعوام) وأصدقائه، أثناء ممارسة اللعب، طوال النهار، بالسيارات التي صنعوها من بلاستيك دباب الزيت.
واستقبلت محافظة مأرب 175 ألف نازح، موزعين على 25 ألف أسرة، من 15 محافظة يمنية، خلال السنوات الأربع الماضية، وفق تأكيد دراسة أجرتها عدد من المنظمات المحلية، بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية، في 10 مديريات بالمحافظة، نهاية العام الماضي.
وتصدرت محافظة صنعاء قائمة المحافظات الأكثر نزوحاً، تلتها محافظة إب، ثم الحديدة، وذمار، وحجة، وتعز، وفقاً لنفس الدراسة.
لكن تقارير سابقة لمنظمات أممية، وأخرى محلية، تؤكد أن عدد النازحين في محافظة مأرب يتجاوز مليوني نازح، في حين يشير تصريح سابق لوكيل محافظة مأرب، الدكتور عبد ربه مفتاح، العام الماضي، إلى أن مأرب استقبلت، خلال السنوات الأربع الماضية، أكثر من مليون نازح من مختلف المحافظات اليمنية.
ويعاني الأطفال والأسر عموماً في مخيمات النزوح، أوضاعاً إنسانية صعبة، في ظل النقص الحاد في الغذاء، والماء النظيف، وعدم إلحاق الأطفال بالتعليم، وفق ما وثقه محرر “المشاهد” في مخيمات النزوح التي زارها في مأرب.
ويشهد اليمن، البالغ عدد سكانه نحو 27.5 مليون نسمة، حرباً في عدة محافظات، منذ 2014، خلّفت أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، جعلت معظم السكان بحاجة إلى مساعدات، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في 21 نوفمبر الماضي، أن أكثر من 11 مليون طفل يمني، يشكلون 80% من أطفال البلاد، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، علماً أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر لنحو 4 سنوات من الصراع المدمر.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، في تصريح صحفي، يوم 22 نوفمبر الماضي، أن “حرب اليمن حرمت 8.6 مليون طفل، من الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة.
ويحرم الأطفال الذين نزحوا إلى محافظة مأرب وغيرها من المحافظات الآمنة، من التعليم، إذ سجلت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، 350 ألف طفل لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس، العام الماضي، بسبب المعارك في اليمن حتى العام 2016.
لم تذهب زهور إلى المدرسة بعد وصولها إلى سن الالتحاق بالتعليم، كما كان يحلم والدها، قبل أن تجبرهم الحرب على النزوح إلى محافظة مأرب، وفق ما يقول.
زهور وأقرانها الأطفال في تلك المخيمات الموزعة على مديريات محافظة مأرب، يحلمون بالجلوس على كراسي الدراسة، ويحلمون بالعودة إلى منازلهم، وقبل كل هذا يحلمون بالحصول على وجبة غذاء تشبع جوعهم. إنهم يحلمون وحسب.
مقالات مشابهة