المشاهد نت

معلمون يذهبون إلى المدارس دون تناول وجبة الفطور

صنعاء – مفرح البشيري:

يكابد المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، شظف العيش والجوع والحرمان، بعد توقف الرواتب منذ أكثر من عامين، مع تجاهل الحكومة لمعاناة عشرات الآلاف من المعلمين، ما ينعكس سلباً على سير العملية التعليمية، وسط تحذيرات من انهيار وشيك لقطاع التعليم، في ظل استمرار الحرب.
ويعجز الواحد منهم عن توفير قيمة وجبة واحدة من الطعام، كما هو الحال مع المعلم علي (55 عاماً) الذي لم يعد بيده حيلة لتوفير الجزء اليسير من الطعام لأولاده، كما يقول، مضيفاً: “اتناول في أغلب الأيام وجبة واحدة، أنتظر المساء بفارغ الصبر كي أخلد للنوم لعلي أنسى الجوع، ولكن النوم أحياناً يجافيني هو الآخر”.
ودعت منظمة اليونيسف، في بيان لها، إلى ضرورة ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺩﻓﻊ ﺭﻭﺍﺗﺐ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪﺩﻫﻢ 145 ﺃﻟﻒ ﻣﻌﻠّﻢ ﻳﻌﻠّﻤﻮﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺗﺤﺖ ﻇﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﻌوبة ﺗﻬﺪﺩ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ.
ويتلقى المعلم نصف راتب كل 4 أشهر، في مناطق سيطرة الحوثيين، كما هو حال بقية الموظفين البالغ عددهم أكثر من مليون موظف في القطاع المدني الحكومي.
ويقول علي: “بالله عليكم ماذا سأقدم لطلابي وأنا لا أحتمل الوقوف بالصف من شدة الجوع! أغلب المعلمين يأتون إلى المدارس، وأنا منهم، دون تناول وجبة الفطور”.

سرقة مساعدات المعلمين

ولم تكتفِ جماعة الحوثي بحرمان الموظفين، ومنهم المعلمين، من رواتبهم، بل سعت إلى حرمانهم من المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، من خلال رفع كشوفات بأسماء الكثير من المعلمين دون معرفتهم، ونهب تلك المساعدات.
وأكد برنامج الغذاء العالمي، على موقعه الرسمي، في 31 ديسمبر الماضي، أنه اكتشف التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها خلال الأشهر الأخيرة، بعد تزايد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة.
وقد اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها. المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقاً للموقع الرسمي للبرنامج.

انهيار وشيك للتعليم

وأدى تردي أوضاع المعلمين المعيشية، مع استمرار انقطاع الرواتب، إلى شلل العملية التعليم، وتدني مخرجاتها، لتصبح مهددة بالتوقف بشكل كلي، مع تزايد أعداد المعلمين المنقطعين عن العمل.
ولجأ العديد من المعلمين للانخراط في أعمال أخرى، بغية الحصول على مصدر دخل يمكنهم من تأمين لقمة العيش لعائلاتهم، فبعد عام ونصف من الصبر وتحمل مشاق التعليم بلا راتب، قرر بلال، وهو معلم بمدرسة في ريف محافظة ذمار، ترك مدرسته وطلابه وأكثر من 15 عاماً في مجال التعليم، والعمل بقطاع البناء (مليس)، بعد أن ضاق به العيش.
ويصف أحد مدراء المدارس بأمانة العاصمة، الوضع التعليمي بالمتدهور، وأنه يبعث على القلق، فالتعليم في المدارس الحكومية شبه متوقف، مع شعور الكادر التربوي بالإحباط واليأس، وانعدام القدرة على العطاء، مع تجاهل الجميع لأوضاعهم، محذراً من استمرار هذا الوضع الذي يهدد التعليم بشكل عام في اليمن.
ويعتمد الطلبة على الغش في الامتحانات النهائية، نتيجة لعدم التحصيل العلمي الكافي، وهو ما يصعب قبولهم في بعض الأقسام العلمية في الجامعات الحكومية، بعد تخرجهم من الثانوية العامة، ومن يقبل فيها عن طريق الوساطة، يجد صعوبة في مواصلة التعليم بسبب تحصيله العلمي في المدرسة، بحسب الموجه التربوي في مدارس أمانة العاصمة، سعيد المحويتي.
وحذرت منظمة اليونيسف، في وقت سابق، من انهيار وشيك لقطاع التعليم في اليمن، مع استمرار التأخير في دفع رواتب المعلمين لأكثر من عامين، والذين لم يعد بإمكانهم تلبية احتياجاتهم الضرورية، ما دفعهم ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻹﻋﺎﻟﺔ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ، ما ﺳﻴﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ، ويجعلهم ﻋﺮﺿﺔ للاستغلال في عمالة ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺠﻨﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ، ﺃﻭ عرﺿﺔ ﻟﻼﺗّﺠﺎﺭ ﻭﺴﻮﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ والزواج ﺍﻟﻤﺒﻜﺮ.
وأوضحت يونيسف أن الحرب دفعت ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻃﻔﻞ إلى ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ، ﻣﻨﺬ العام 2015، ﻭﻫﻨﺎﻙ 3.7 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻃﻔﻞ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﺨﻄﺮ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﺪﻓﻊ ﺭﻭﺍﺗﺐ المعلمين.

إقرأ أيضاً  مطابخ خيرية تخفف معاناة الأسر الفقيرة في رمضان

حوافز غير مشجعة

بعد ترقب أكثر من 4 أشهر لمنحة الـ70 مليون دولار، المقدمة من السعودية والإمارات، صرفت منظمة اليونيسف، في مارس الماضي، مساعدات مالية بواقع ٥٠ دولاراً (نحو ٢٤ ألف ريال يمني) لكل معلم.
والمؤسف أن الكثير من المعلمين سقطت أسماؤهم من المنحة المقدمة من اليونيسف، الأمر الذي حرمهم منها، بحسب معلم مادة العلوم في إحدى مدارس أمانة العاصمة، عبدالعليم محمد، الذي تفاجأ لدى تسليم المنح عبر محلات الصرافة بأن اسمه وأسماء 14 معلماً في مدرسته غير موجودين في كشوفات تسليم المنح.
وتشير إحصائية مكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة، إلى أن 3000 معلم سقطت أسماؤهم من كشوف صرف الحافز المالي بأمانة العاصمة.
وكانت منظمة اليونيسف أعلنت، نهاية فبراير الماضي، عن وضع آلية لصرف حوافز لـ130 ألف معلم، بشكل مباشر، من شركات الصرافة، باعتماد كشوفات المعلمين لعام 2014، بعد أن حددت أرقاماً للمعلمين للتأكد من أسمائهم ضمن المشمولين بالإعانة الشهرية، بواقع 50 دولاراً.
وتتزايد المخاوف من ترك من تبقى من المعلمين، العمل التربوي، مع انعدام أية بوادر من شأنها تقديم حلول عاجلة لتسليم رواتبهم، ليتمكنوا من الاستمرار في أداء واجبهم.

مقالات مشابهة