المشاهد نت

افتقار مخيمات النزوح للمياه النظيفة في مأرب يفاقم من انتشار الكوليرا

مأرب – عارف الواقدي:

7 أيام قضاها خليل (32 عاماً) في مستشفى كري العام بمدينة مأرب، بعد تعرضه للإصابة بوباء الكوليرا الذي عاد للانتشار بشكل مكثف في المحافظة.


وبعد 7 أيام من المرض المتواصل والإسهال الحاد الذي حصل لخليل، والمواظبة على استخدام العلاجات وشرب السوائل، بدأ يشعر بالتحسن شيئاً فشيئاً، كما يقول لـ”المشاهد”.
وعاد وباء الكوليرا للانتشار بقوة في 14 مديرية هي قوام مديريات محافظة مأرب، بعد قرابة 6 أشهر من القضاء عليه بشكل كامل.
واستقبل مستشفى كري العام 365 حالة اشتباه بالكوليرا، منذ 13 مارس الماضي، بحسب تأكيد رئيس قسم الباطنية بالمستشفى، الدكتور حمد بن سالمين، مشيراً إلى أن المصابين تلقوا العلاج في المستشفى الذي يعمل بإمكانيات بسيطة وشحيحة، شفيت 80 حالة تماماً حتى الآن، والبقية مازالوا يتلقون العلاج.
ويقول بن سالمين لـ”المشاهد” إن 5 حالات توفيت بالوباء في محافظة مأرب، مضيفاً أن معظم هذه الحالات المصابة بالوباء هي من الأطفال وكبار السن.
وأصيب العام الماضي 619 شخصاً بوباء الكوليرا، توفي 23 شخصاً، وفق إحصائيات مكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة.
وبدأت الموجة الأولى في سبتمبر 2016، وبدأت الموجة الثانية في أبريل 2017، مخلفة أكثر من مليون حالة اشتباه بالإصابة بالوباء.

افتقار مخيمات النزوح للمياه النظيفة في مأرب يفاقم من انتشار الكوليرا
أحد المصابين بمرض الكوليرا في مدينة مأرب

عوامل الإصابة

أثر المرض على أكثر من مليون شخص، متسبباً بوفاة حوالي 2500 شخص آخرين، حتى نهاية العام 2018، فيما توفي أكثر من 200 شخص، وأصيب أكثر من 100 ألف يمني بالوباء، منذ يناير حتى نهاية مارس الماضي، وفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وينتقل وباء الكوليرا بواسطة المياه أو الأطعمة الملوثة، إضافة إلى الازدحام الشديد في المناطق السكنية، بحسب أخصائي الباطنية في مستشفى الشهيد محمد هائل، الدكتور صوان العدني، مشيراً إلى أن الكوليرا تؤدي بسرعة إلى الجفاف الشديد والوفاة إذا ما تركت دون علاج.
ويشير الدكتور سالمين إلى أن عوامل الإصابة تتمثل في ارتفاع موجة النازحين في المحافظة، الذين يسكنون في أماكن جغرافية محدودة تفتقر معظمها للحياة الصحية الآمنة، إضافة إلى عدم وجود أماكن صرف صحي بشكل سليم.
وتقدر الأمم المتحدة أن 16 مليوناً من أصل 29 مليون شخص في اليمن يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي الأساسي، وفق منظمة الصحة العالمية.
وتزايدت الإصابة بين سكان محافظة مأرب، بشكل مخيف، بحسب الدكتور سالمين الذي يتخوف من هذه الكارثة التي قد تفوق كارثة اجتياح الوباء للمحافظة، في 2017م.
ويتابع: “نظراً لوجود ضغط كبير ومتزايد في الحالات المصابة بالإسهالات المائية الحادة ووباء الكوليرا، قمنا بتجهيز غرفة في قسم الطوارئ العامة لاستقبال الحالات، إضافة إلى إنشاء خيمتين خاصتين بالحالات المصابة، وتقديم محلول الإرواء، للتعامل مع الكوليرا والإسهالات المائية المصاحبة لها، حتى تعمل أو تساعد في الحد من مضاعفات الوباء”.

إقرأ أيضاً  سماهر.. الإبداع في الرسم لمواجهة تحديات المعيشة

كيف وصلت الكوليرا إلى اليمن؟

وكشفت دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة “نيتشر”، مطلع الشهر الجاري، أن البيانات والتكنولوجيات الجينومية يمكن أن تساعد الباحثين على تقدير مخاطر تفشي الكوليرا في المستقبل في اليمن ومناطق أخرى، ومن ثم الاستعانة بهذه التقنيات في استهداف واستئصال الوباء بشكل أفضل.
الدراسة التي أعدها باحثون بمعهدي “ويلكوم سانجر” بالمملكة المتحدة، و”باستور” في فرنسا، اكتشفوا خلالها أن سلالة الكوليرا المسببة لوباء اليمن، مرتبطة بسلالة ظهرت لأول مرة عام 2012، في جنوب آسيا، وانتشرت على نطاق عالمي، لكن السلالة اليمنية لم تصل مباشرة من جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، لكنها انتقلت إلى اليمن من شرق أفريقيا، حيث تفشت الكوليرا في الفترة من 2013 إلى 2014، دون تحديد أي بلد في شرق أفريقيا على وجه الدقة.

مواجهة الوباء في مأرب

وبموازاة عودة الوباء القاتل إلى محافظة مأرب مجدداً، قام مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة، بإجراء العديد من الترتيبات لمواجهة هذا الوباء، بحسب مدير عام المكتب، الدكتور عبدالعزيز الشدادي، مؤكداً أنهم خصصوا 5 مراكز صحية في المحافظة لاستقبال الحالات المشتبهة إصابتها بالكوليرا، و 15 مركزاً صحياً للإرواء.
وشكلت السلطة المحلية بالمحافظة لجنة خاصة لمكافحة وباء الكوليرا ومنع انتشاره، تشمل تجهيز فرق طبية للنزول إلى بؤر الاشتباه بتواجد الوباء، ومعالجة الحالات في أماكن تواجدها، للتخفيف من حدة انتشاره، إلى جانب تدريب فرق من المتطوعين على التوعية المجتمعية بطرق الوقاية، وستعمل في المخيمات وأماكن تجمعات النازحين والسكان، كما يقول الشدادي.
ويضيف أن مكتب الصحة يعمل بكل قوته وبجهود ذاتية للقضاء على الوباء الذي عاد للانتشار، وسط اختفاء تام للمنظمات الدولية، عدا بعض الدعم الذي يحصل عليه المكتب من منظمة “اليونيسف”، التي قال إنها المنظمة الوحيدة التي تقدم خدماتها في مأرب.
وتمتلك المحافظة 22 مستشفى حكومياً و17 مركزاً صحياً، علاوة على 93 وحدة صحية، تقدم خدماتها لنحو 323 ألف نسمة، هم تعداد سكانها الأصليين، علاوة على مليوني نازح يتواجدون فيها منذ بدء اندلاع المعارك العسكرية في البلاد، في مارس 2015.

التوعية بمخاطر العدوى

ويقول الدكتور العدني: “يمكن مواجهة الكوليرا عن طريق توفير العلاج الناجع، وذلك بصرف محلول الإرواء المالح، للحالات المشتبه بإصابتها، أو سوائل الحقن الوريدي وفقاً لشدة الحالات، مؤكداً أن قرابة 85% من حالات الاشتباه بالوباء يتم علاجها بواسطة المحلول المالح “الإرواء”.
وعلاوة على تقديم العلاجات للحالات المرضية من قبل مستشفى كري، فإنهم يقومون بتوعية الأسر المرافقة عن أسباب الوباء ووسائل العدوى وطرق الوقاية والعلاج منه، كما يقول مدير مستشفى كري العام الدكتور لؤي سليمان.

مقالات مشابهة