المشاهد نت

جريفيت والحكومة.. هل انتهت أزمة الثقة بين الطرفين؟

عدن – معاذ منصر:

أعلنت الرئاسة اليمنية، الثلاثاء الماضي، أنها تلقت ضمانات من الأمم المتحدة بالتزام مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، بتنفيذ اتفاق محافظة الحديدة بشكل صحيح.
وقال مدير مكتب الرئاسة عبدالله العليمي، في تغريدات على حسابه في “تويتر”، إن الرئيس هادي تلقى ضمانات من الأمين العام للأمم المتحدة بالتزام مبعوثه الخاص إلى اليمن بالمرجعيات الثلاث، وضمان تنفيذ اتفاق الحديدة بشكل صحيح، وفقاً للقرارات الدولية والقانون اليمني.
ونشبت أزمة دبلوماسية بين الحكومة والمبعوث الأممي مارتن جريفيث، بعد إحاطة الأخير إلى مجلس الامن في مايو الماضي، والتي أشار فيها إلى أن الانسحاب في مدينة الحديدة (غرب البلاد) تم من طرف الحوثيين، الأمر الذي اعتبرته الحكومة انحيازاً للحوثيين بشكل واضح هذه المرة.

بداية أزمة جريفيت مع الحكومة

اتهمت الحكومة، جريفيث وفريقه، بأنهم لم يكونوا أمناء في مهمتهم، كونهم خالفوا قرارات مجلس الأمن وضللوه بإحاطات أقرب إلى إدانة الضحية والإشادة بالجلاد، وقدموا الأمم المتحدة كشاهد زور في مسرحية تسليم الميناء من ‎حوثي بزي مدني إلى حوثي بزي عسكري، وفق مصادر حكومية.
وطالبت الحكومة، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، على إثرها، بتغيير جريفيث، بمبرر أنه لا يعمل وفق المرجعيات الأساسية المتفق عليها، ونصوص قوانين وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وتضمنت الرسالة التي وجهتها الحكومة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، ملاحظاتها على المبعوث الأممي إلى اليمن، وعدم رضاها عن الدور الذي يقوم به، والمواقف التي يعلن عنها بين فترة وأخرى.
ويقول الدكتور نبيل الشرجبي، مدير إدارة الأزمات الدولية، لـ”المشاهد”: “التوتر كان بسبب سلوك المبعوث الأممي الذي وجد رعونة شديدة في سلوك الحكومة تجاه الملفات المختلفة باتفاق السويد، وكذا غياب الموقف الموحد داخل الشرعية، ثم العبء الزمني الذي استغرقته تلك الأحداث.. كلها أمور شجعت المبعوث الأممي على فرض سلوك معين على الحكومة، يضعها أمام أمر واقع، وكان يعتقد أنه سيمرر ذلك الموقف، وقد نجح إلى حد ما في ذلك، وتنبهت الحكومة مؤخراً لذلك، ورفضت سلوك المبعوث، في خطوة جاءت متأخرة جداً”.

علاقة استقالة اليماني بالأزمة

تزامن مع التوتر الناتج بين الحكومة والمبعوث الأممي، استقالة وزير الخارجية خالد اليماني، الأمر الذي أوضح أن الشرعية ودبلوماسيتها تمر بأزمة متفاقمة، وأن الاستقالة لا تخرج عن سياق المشهد العام ومشهد التوتر مع جريفيث.
وأدار وزير الخارجية المستقيل جولات التفاوض بصورة كاملة، ودون تدخل من أي طرف، وتركت له الحكومة كامل الحرية في التصرف في ذلك الاتجاه، ظناً منها أنه يمتلك خبرة ممتازة في التعامل مع مثل تلك الأمور، بحكم عمله الطويل في الأمم المتحدة، بحسب الدكتور الشرجبي، مؤكداً أن اليماني كان المخول الأساسي في التوقيع وفي الإقناع وفي رسم الخطوات المختلفة، والمصدر الوحيد لكل المعلومات والتواصل مع الأطراف المختلفة، والمشرف على كافة الخطوات للاتفاق والموافقة على خروج مساراته بهذه الصورة. فاتضح بعد كل ذلك أن الرجل لم يكن عند حسن الظن، ولم يقم بما كان يفترض أن يقوم به، واعتمد على ذاته في التقييم، ليس بسبب دكتاتورية ما، إنما بسبب فساد الجهاز الدبلوماسي، وكذا في انعدام الخبرات أيضاً، بحسب الشرجبي، مشيراً إلى أن الحكومة اكتشفت مؤخراً أن الاتفاق ومراحل التفاوض عليه وتجزئته كانت كارثة بكل ما تحمله من معنى للحكومة، والذي تبين أنه بعد كل تلك الفترة تم تطبيق الاتفاق بعكس الرؤية التي رسمتها تصريحات وزير الخارجية، للاتفاق، بعد التوقيع عليه.

إقرأ أيضاً  رداع.. ضحية جديدة في قائمة «تفجير المنازل»

ماذا تريد الأمم المتحدة؟

على وقع التصعيد الحكومي ضد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، كلفت الأمم المتحدة فريقاً برئاسة وكيلة أمين عام الأمم المتحدة روزماري دي كارلو، لزيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي، للنقاش معه، وتم خلال هذا اللقاء، التوصل إلى اتفاق على إبقاء المبعوث في مهمته في اليمن.
وأكدت السيدة روز ماري أثناء لقائها بالرئيس هادي، أنها ستظل على اتصال مستمر مع الحكومة لضمان سير خطوات السلام وفقاً للمرجعيات والاتفاقات، والتأكد من تطبيق القرارات الدولية. كما ثمنت جهود الحكومة في التعاطي المسؤول والإيجابي مع جهود الأمم المتحدة.
وجدد أعضاء مجلس الأمن، فجر الثلاثاء الماضي، التأكيد على دعمهم الكامل للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، ودعوا الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، للتعاطي معه بشكل إيجابي وبنّاء، والوفاء بالتزاماتهم المتفق عليها في اتفاق ستوكهولم، بهدف تعزيز الحل السياسي.
ورحب المجلس، عبر بيان صدر بإجماع أعضاء المجلس الـ15، بعزم جريفيث على مواصلة العمل مع الأطراف اليمنية لتمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات الرسمية بينها.
لكن الدكتور الشرجبي يقول إن الأمم المتحدة تريد أن تفرض رؤية تتماشى مع الأخذ بالمعطيات الواقعية، والتي تعطي لمن يسيطر على الأرض دوراً في إدارة الأحداث، وحماية أعضاء الفريق الأممي، ولذا فإن الأمم المتحدة سوف تظل تفرض رؤيتها على الحكومة، وستمارس شتى أساليب الابتزاز لأجل تسجيل نجاح، أو حتى إغلاق الملف الذي أرهقها وكلفها كثيراً من الجهد.

مقالات مشابهة