المشاهد نت

بعد إحاطة جريفيث.. هل يتجاوز فشله في إحراز تقدم في الملفات العالقة؟

عدن – معاذ منصر:
يمضي اليمن عامه الخامس من الحرب، دون مؤشرات واضحة تلوح في الأفق عما إذا كانت الأطراف اليمنية ستذهب نحو التفاوض مجدداً أم لا؟
وعلى الرغم من مرور 7 أشهر على آخر اتفاق على عدة ملفات، ومنها ملف الأسرى وملف تعز، في ستوكهولم، وقبول الأطراف به، إلا أنه لم يتم تنفيذ شيء منه حتى الآن.
وقال جريفيث في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، إنه حذر مراراً من أن الحرب يمكن أن تقضي على فرص تحقيق السلام، مضيفاً أن المخاطر الماثلة أمام العملية السياسية في اليمن، لم تكن أكثر وضوحاً مما هي عليه الآن، في سياق التوترات الإقليمية الراهنة. ودعا إلى اتخاذ خطوات لتهدئة التوترات من أجل مصلحة الشعب اليمني والأمن الإقليمي.
جاء ذلك في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، واستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الخاص حول آخر التطورات بشأن عملية السلام. كما استمع المجلس إلى كل من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي.
وعبر دائرة تليفزيونية من العاصمة الأردنية عمان، التي يوجد بها مكتبه، أكد جريفيث أنه واصل العمل مع كل من الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، على مسار تطبيق اتفاق ستوكهولم، الذي توصل إليه الطرفان في السويد، آخر العام الماضي، وسبل التحرك قدماً للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تطبيقها، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2216.
وأعرب عن قلقه بشأن استئناف تصعيد العنف، وتكرار الهجمات على البنية التحتية المدنية في جنوب السعودية، بما في ذلك الهجمات الأخيرة بطائرات مُسيرة (بدون طيار) على مطار أبها.

لا جديد في اتفاق الحديدة

“حافظ الطرفان على تقليص العنف في أنحاء محافظة الحديدة (غربي البلاد)، على الرغم من التأخير في تطبيق الاتفاق، بحسب ما قاله جريفيث في إحاطته، مشيراً إلى أنه “في الأشهر الخمسة التي سبقت وقف إطلاق النار، أدى القتال إلى وقوع أكثر من 1300 ضحية من المدنيين في محافظة الحديدة. وفي الأشهر الخمسة التي أعقبت وقف إطلاق النار، انخفض عدد الضحايا بنسبة 68%. لكنه أعرب عن القلق البالغ لاستمرار العنف ووقوع ضحايا من المدنيين.
وقد نص اتفاق الحديدة على الوقف الفوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإعادة الانتشار المشترك للقوات من تلك المناطق إلى مواقع متفق عليها.
وأفاد جريفيث بأن “أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار من الجانبين، واصلوا الانخراط بشكل بناء مع رئيس اللجنة الجنرال مايكل لوليسغارد، بشأن خطط المرحلتين الأولى والثانية لإعادة الانتشار”، مشيراً إلى أن “لوليسغارد مازال يشعر بالتفاؤل إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق حول المرحلتين، بموجب اتفاق ستوكهولم”.
ويرد المحلل السياسي والمسؤول الإعلامي في محادثات ستوكهولم، بليغ المخلافي، على إحاطة جريفيث، بقوله لـ”المشاهد”: “لم يقدم مارتن جريفيث أي جديد في إحاطته. فقط أراد أن يرسل رسالة أنه لايزال مستمراً في مهمته، خاصة بعد الموقف الحكومي الأخير منه”، مؤكداً لـ”المشاهد” أن الإحاطة لم تتضمن أي تحميل عن المسؤولية لما حدث من أحداث أحادية الجانب في الحديدة، رفضتها الحكومة، وتحدث عن اتفاق تبادل الأسرى، وعن الإمكانيات في الاستمرار في عملية السلام فقط.
لكن عضو حكومة صنعاء حسن زيد، قال: “تتميز إحاطة جريفيث بالتفاؤل والحرص على كسب ود جميع الأطراف، مع تمسكه بخيط التسوية السياسية بشدة”، مؤكداً أنه يمتاز عن سلفه بالوضوح، والإحاطة الأخيرة محاولة لامتصاص الزوبعة التي أثارها الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي وأبواقه (بحسب وصفه) الذين يشعرون بأن أية خطوة نحو السلام تهديد وجودي لقيمتهم ومكانتهم ومصادر ارتزاقهم.

إقرأ أيضاً  رمضان.. شهر الخير والمبادرات الإنسانية بحضرموت

ملفا تعز والأسرى مخيبان للآمال

وفي إطار اتفاق ستوكهولم، توصل الطرفان إلى إعلان تفاهمات تعز التي اتفقا فيها على تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من المجتمع المدني، وبمشاركة الأمم المتحدة.
وتضمن الإعلان أن يسمي الطرفان ممثليهما في اللجنة المشتركة، وأن يسلما الأسماء إلى مكتب المبعوث الأممي في موعد لا يتعدى الأسبوع من تاريخ الانتهاء من مشاورات السويد، التي اختتمت في ديسمبر 2018.
وقال جريفيث في إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن، إن الأمل كان معقوداً على أن يفتح إعلان التفاهمات الباب أمام الطرفين للعمل معاً لتخفيف معاناة المدنيين في مدينة تعز. ووصف الوضع العسكري والسياسي فيها بالمعقد والهش للغاية.


وقال جريفيث إنه “يواصل العمل مع الطرفين لعقد اجتماع اللجنة المشتركة لتحديد سبيل الخروج من الوضع الحالي”. مضيفاً أن “فوائد تهدئة التوترات وتحسين الوصول الإنساني ستكون ملموسة وفورية”.
وكان ملف تبادل الأسرى هو الملف الذي كان يراهن كثيرون على تحقيق إنجازات ملموسة في إطاره، لكنه كغيره من الملفات التي ظلت الخلافات مستمرة فيها، الأمر الذي دعا جريفيث إلى الإعراب عن خيبة الأمل بشأن عدم إحراز تقدم في تطبيق ما اتُّفق عليه في ستوكهولم حول تبادل الأسرى والمعتقلين.
وقال إنها “قضية إنسانية ستخفف معاناة السجناء والمحتجزين، وتعيد لم شملهم مع أحبائهم”، مضيفاً: “كما أبلغت المجلس من قبل، فقد عقد الطرفان جلسات بناءة خلال الأشهر الماضية، حول تفاصيل التبادل. وبمرونة سياسية أكبر، أعتقد أنهما سيتمكنان من ترجمة تلك المناقشات إلى أفعال على الأرض”.
ودعا جريفيث الطرفين إلى منح الأولوية لتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بحسن نية، وإبداء المرونة المطلوبة لجعل هذا الأمر واقعاً، من أجل مصلحة السلام وآلاف الأسر اليمنية التي تتوق لأن يلتئم شملها مع أحبائها، والتي تشعر بخيبة الأمل لعدم تحقق ذلك حتى الآن.

دعا جريفيث الطرفين إلى منح الأولوية لتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بحسن نية، وإبداء المرونة المطلوبة لجعل هذا الأمر واقعاً.

إقرار بالفشل

تعد إحاطة جريفيث إقراراً بفشل اتفاق ستوكهولم، واعترافاً صريحاً بأن الوضع الميداني لايزال هشاً ومعقداً بعد مضي نحو 6 أشهر على توقيع الاتفاق بين الأطراف اليمنية، وفق رؤية الصحفي مازن فارس.
وترجع أسباب جمود اتفاق ستوكهولم، بحسب الصحفي فارس، إلى “تساهل الأمم المتحدة بشأن تطبيق قرارات مجلس الأمن، بالإضافة إلى إصرار الأطراف اليمنية على أن يبقى الوضع على ما هو عليه، وهذا ما تبين من مسرحية الانسحاب من موانئ الحديدة، وكيف تعامل الطرفان مع الاتفاق”.
ويقول مازن لـ”المشاهد”: “لا أتوقع أية انفراجة للوضع في اليمن، خصوصاً مع ارتفاع حدة التوتر الذي تشهده المنطقة، وكذلك تصاعد هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على أهداف ومنشآت مدنية سعودية، فضلاً عن اشتعال المعارك العسكرية في محافظات حجة وصعدة وأطراف الحديدة والضالع”.
وعلى الرغم من التصريحات والمواقف التي تتوالى من قبل الأمم المتحدة، والمبعوث الأممي مارتن جريفيث، بقرب التوصل إلى انفراجة، إلا أن كل تلك الأحاديث تذهب مع الرياح، مع تبادل الأطراف اليمنية للاتهامات. وتحول المبعوث الأممي إلى معرقل، كما حصل مؤخراً بين الشرعية وبين جريفيث من أزمة ثقة على خلفية إحاطته قبل الأخيرة لمجلس الأمن.
انتهت الأزمة، كما يبدو، ظاهرياً، بين المبعوث الأممي وبين الشرعية اليمنية، وبقي السؤال المتعلق بالسلام وبمصير اتفاق الحديدة الذي لم يرَ النور بعد؟ ولا إجابات واضحة لدى الأمم المتحدة ودوائر صناعة القرار المعنية بالسلام في اليمن.
ويشترط جريفيث لتجاوز هذا السؤال، أن “يقوم الطرفان بالخطوات المطلوبة لضمان التطبيق الكامل لاتفاق ستوكهولم، مع ضمان الاحترام التام لسيادة اليمن”، مشيراً هذه المرة إلى مرونة الحكومة اليمنية، ودعمها المستمر للاتفاق، وانخراطها المتواصل في هذا الشأن.

مقالات مشابهة