المشاهد نت

بلا هوية وبلا ذاكرة : مرضى الحالات العصبية منسيون خلف الجدران

تعز – مجاهد حمود:

 منذ العام 1991، ومحمد هادي (سماه موظف سابق في المستشفى، ونسبه إليه)، يعيش في قسم الرقود بمستشفى الأمراض النفسية والعصبية، بلا ذاكرة، ولا هوية، لا يعرف من هو، ولا أين هو؟ بعد أن عثر عليه أمام المستشفى.

ظلت قصة محمد غامضة منذ أن ألقت به سيارة أمام المستشفى، حينها، وهو ما بين عم الـ14، والـ15 عاماً، وذهبت دون عودة حتى اللحظة، بحسب رواية رئيس قسم التمريض في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، الدكتور صادق الكحلاني، مشيراً إلى أن ما تأكد منه الأطباء، هو فقدان محمد الذاكرة، لكنهم لا يعرفون سبباً لفقدانه الذاكرة.

وتوجد في مستشفى الأمراض النفسية 5 حالات أخرى لا تعرف الإدارة تفاصيل عنهم أو عن أهاليهم، بحسب مديرة المستشفى، الدكتورة افتخار عبدالله، مؤكدة أن أحدهم عثر عليه أمام المستشفى، قبل عامين، لكنه “متخلف عقلياً”، وليس فاقداً الذاكرة.

تزايد عدد المرضى

تركت الحرب الدائرة في اليمن، منذ مطلع العام 2015، آثاراً نفسية بالغة على الكثير من الناس في البلاد، نتيجة ما خلفته من ضحايا من الجنسين، بينهم أطفال، متسببة بصدمات نفسية لأهالي الضحايا، بحسب الدكتورة افتخار.

وتزايدت أعداد المصابين الذين يترددون على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بتعز، من بداية الحرب، كما تقول، مؤكدة أن مشفاها يستقبل ما بين 15 و20 حالة يومياً.

بلا هوية وبلا ذاكرة : مرضى الحالات العصبية منسيون خلف الجدران

ويصل عدد المرضى المرقدين في المستشفى 100 حالة، 37 حالة منها مرقدة مجاناً، بحسب الدكتورة افتخار، موضحة أن هذه الحالات معدمة جداً. فيما يصل عدد المصابين بالأمراض النفسية والعصبية خلال الفترة من يناير 2018، إلى مايو 2019، إلى 3843 مريضاً، منهم 3013 ذكور و808 إناث و22 أطفال.

ويقول أخصائي الأمراض النفسية، الدكتور ماجد الحمادي، إن الكثير من الناس يصابون بحالة مرضيه نفسية تسمى اضطراب ما بعد الصدمة، وهذه الحالة أو النوع المرضي تسببه الحروب أو الفواجع كأن يقتل أمامك شخص أو يصاب، فيحدث اضطراب نفسي، وله آثار كالذهان والاكتئاب، مضيفاً أن الحالات التي تتردد على المستشفى، مصابة بـ”الفصام” و”الاكتئاب” و”الهوس”، وأعراض هذا المرض زيادة الحركة أو الضحك والمرح بشكل مفرط دون سبب، وعدم النوم.

إقرأ أيضاً  عمالة الأطفال في رمضان

ويعد اضطراب ما بعد الصدمة واحداً من 19 مرضاً نفسياً، أسبابها متقاربة لحدوث المرض، وإن اختلفت المسميات، بحسب الحمادي.

معاناة أخرى

زيادة عدد المرضى المترددين على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، تفاقم من معاناته، في ظل الدعم التشغيلي القليل، بحسب نائب مدير المستشفى فارس البركاني، لـ”المشاهد”، مؤكداً أن ما يصرف من الدعم التشغيلي هو 700 ألف ريال، بنسبة 30% من الاحتياج الفعلي المقدر بـ3.2 مليون ريال شهرياً.

يضيف البركاني أن ما يشكل عبئاً هو أن حوالي 40 حالة مرضية مرقدة في المستشفى بشكل دائم مجاناً، والرسوم التي يدفعها بقية المرضى، لا تغطي العجز القائم، مؤكداً أن بعض أهالي المرضى يأتون بمرضاهم إلى المستشفى، ثم يتخلون عنهم.

ويحتاج المريض في المستشفى للدواء، والغذاء، وموظفين يقومون برعايتهم، وما يتحصله المستشفى من دعم، لا يلبي كل هذه الاحتياجات، ما يجبر المتعهد للمستشفى، أن يقترض المال، لتوفير الاحتياجات الضرورية للتشغيل، بحسب البركاني، مؤكداً أن المتعهد الأول للمستشفى خرج مديوناً بـ15 مليوناً، والذي بعده بـ7 ملايين.

 نظرة قاصرة تجاه المرضى

يقول أخصائي الأمراض النفسية، الدكتور ماجد الحمادي، إن المجتمع ينظر للمريض النفسي نظرة سيئة جداً، ويصفه بالمجنون، غير مدركين الصدمة التي واجهها، فتركت آثارها في نفسيته المكبوتة، والتي تحترق من الداخل، مضيفاً أن المجتمع والبيئة المحيطة بالمريض لهما دور فعال وأثر كبير في تماثله للشفاء، أو إحداث مضاعفات سلبية له.

ويدعو الحمادي، المجتمع إلى تغيير النظرة القاصرة إلى المرضى النفسانيين، وأن يكونوا سنداً وعوناً لهم، فالبلد بكامله يمر في نفق ضيق وحرب يدفع ثمنها الناس.

مقالات مشابهة