المشاهد نت

ما بين عدن والحديدة: سفرٌ على طرقات غير مأمونة

الحديدة – امل محمد:

هذه ليست مزحة، فقد تبتلعك إحدى النقاط العسكرية في الطريق، وتختفي إلى الأبد. كل الطرق الرئيسية بين المحافظات قُطعت، والطرق المتاحة هي طرق فرعية مليئة بالنقاط الأمنية التابعة لجهات مختلفة حسب القوات التي تسيطر على المحافظة، ومن هذه الطرق، خط كيلو 16 في مدينة الحديدة (غرب البلاد)، والذي قطع منذ عام، رغم أنه يربط بين مدينة الحديدة وكل من محافظتي صنعاء وتعز (جنوب غربي البلاد).
وسبق ذلك قطع الخط الساحلي الرابط بين مدينة الحديدة ومحافظة عدن (جنوب البلاد)، في بداية الحرب عام 2015.
16 ساعة كانت كافية للوصول إلى عدن، عبر هذا الخط الساحلي، لكن قطعه تسبب في معاناة المسافرين من الحديدة إلى عدن، والذين عليهم أن يختاروا الوصول إلى عدن عبر طريق الحديدة – صنعاء، أو طريق الحديدة – إب (وسط البلاد)، ثم محافظة الضالع جنوباً.
ويستغرق السفر من مدينة الحديدة إلى عدن، 24 ساعة، بحسب أحد العاملين في شركة النقل الجماعي في المحافظة، ما جعل الشركة التي يعمل بها تلغي الرحلات المباشرة إلى عدن.
وضاعف من معاناة المسافرين، 13 نقطة أمنية على طول الطريق عبر المحافظات التي يمرون عليها، وصولاً إلى عدن، وبين كل نقطة وأخرى نصف كيلومتر.
وتعد النقاط العسكرية التي تبدأ من منطقة قعطبة التابعة لمحافظة الضالع، هي أسوأ النقاط، استجواباً للمسافرين.
وتقول منى أحمد (33 عاماً): “سافرت إلى عدن عبر محافظة صنعاء، ومنها إلى عدن، وفي كل نقطة أمنية كنا نخضع للاستجواب حول وجهتنا، وسبب زيارتنا لعدن”.

مخاطر تواجه المسافرين

يبدو الأمر أكثر تعقيداً لساكني الأرياف في مديريات الحديدة، ومنهم فاطمة التي قدمت من مديرية بيت الفقيه إلى مدينة الحديدة، لعلاج طفلها ذي العام والنصف، لدى طبيب مختص، لكنها واجهت مشقة كبيرة في الوصول إلى بغيتها، كما تقول، مضيفة: “كانت المسافة من بيت الفقيه حتى الحديدة لا تتجاوز 40 دقيقة، الآن تحولت إلى 4 ساعات. لا نذهب إلى الحديدة إلا حين تضطرنا الظروف القاهرة لذلك”.
وسواء كنت نازحاً أو طالباً أو مهاجراً، فهذا لا يعني أنك قد تنجو من مخاطر الطرق المسكونة بالخوف (ألغام، شظايا، رصاص، وأفراد أمن يجهزون لك تهماً حسب انتمائك الموجود على البطاقة الشخصية).
3 طرق رئيسية تحولت إلى مناطق صراع واشتباكات، والخط الشمالي أو ما يعرف بخط الشام، المتاح أمام المسافرين، باعد بين المسافرين، وبغيتهم، إلى الضعف، ناهيك عن النقاط الأمنية المنتشرة على طول هذا الطريق الممتد من مدينة الحديدة، ومحافظة حجة (شمالي غرب البلاد).
وتقول إحدى العاملات في منظمة دولية (فضلت عدم ذكر اسمها): “سافرت في إحدى المرات باتجاه محافظة حجة، وتم إيقافنا في النقاط 3 مرات، لأني لا أرتدي نقاباً على الوجه، ما يعني بالنسبة لهم أني أعمل لدى منظمة دولية. حالياً لا أسافر إلا بنقاب، كي لا تتم عرقلتنا والتحقيق معنا في الطريق”.
وعاشت إحدى الأسر العائدة إلى الحديدة، بعد نزوحها في صنعاء لمدة 9 أشهر، ساعات عصيبة في طريق العودة، إذ استغرقت منهم الرحلة 7 ساعات، بينما كانت تقطع المسافة من العاصمة صنعاء إلى مدينة الحديدة، خلال 4 ساعات فقط.
وعلى الرغم من عدم استجواب رب الأسرة في النقاط الأمنية، إلا أنهم أنزلوا رب هذه الأسرة العائدة من النزوح، من السيارة، وتم أخذ بياناته، كما يقول، مضيفاً أنهم سألوا عن محل إقامته، وسبب نزوله من صنعاء. “لقد كان تحقيقاً مصغراً، وظننت حينها أني لن أعود إلى عائلتي”.

مقالات مشابهة