المشاهد نت

الصراع على النفط يحتدم في شبوة ويهدد بيئة الإستثمار

شبوة – خالد الحميري :

تخيم أجواء التوتر على محافظة شبوة، (جنوب شرق البلاد)، بعد اشتباكات دامية شهدتها مدينة عتق، عاصمة المحافظة، بين القوات الحكومية وقوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، عقب محاولة الأخيرة السيطرة على مطار المدينة وعدد من المنشآت الحكومية.

قوات النخبة الشبوانية دفعت بعناصرها للتمركز في المناطق المحيطة بالحقول النفطية وحول ميناء بلحاف النفط

ورغم نجاح وساطة قبلية في إنهاء المواجهات المسلحة التي اندلعت في 18 من يونيو/ حزيران الماضي، واستمرت عدة أيام، إلا أن الأوضاع تتجه نحو الانفجار بعدما دفعت قوات النخبة الشبوانية بتعزيزات جديدة تشمل آليات ومدرعات إلى محيط مدينة عتق.

وتزامن التصعيد العسكري لقوات النخبة في شبوة مع سلسلة هجمات تخريبية استهدفت أنابيب نقل النفط والغاز في المحافظة ودفعها بعناصرها للتمركز في المناطق المحيطة بالحقول النفطية وحول ميناء بلحاف النفطي بهدف السيطرة على مناطق الثروة النفطية في المحافظة.

وتشير خريطة النفط في محافظة شبوة إلى سيطرة الإمارات وقوات النخبة الشبوانية الموالية لها على عدد من حقول النفط الرئيسية في المحافظة الغنية بالنفط خاصة الواقعة في العقلة وجردان وحبان وبلحاف وهي مناطق نفطية حيوية.

أعمال تخريبية

وخلال أسبوعين فقط، شهدت محافظة شبوة الغنية بالنفط، أربع هجمات تخريبية استهدفت أنابيب نقل النفط والغاز بالتزامن مع تحضيرات تقوم بها شركة بلحاف بالتنسيق مع السلطة المحلية بالمحافظة لإعادة تشغيل مشروع الغاز الطبيعي المسال.

وفي 11 من يونيو/ حزيران الماضي، تعرض أنبوب النفط في مديرية رضوم بمحافظة شبوة والممتد من قطاع S2 النفطي في العقلة إلى عياذ بمديرية جردان، لعمل تخريبي من قبل مسلحين يعتقد أنهم من أتباع المجلس الانتقالي الموالي للامارات.

وفجر مسلحون في 24 من الشهر نفسه، أنبوب النفط الخام في منطقة “لماطر” بمديرية الروضة بمحافظة شبوة، ما أدى إلى تسرب كمية كبيرة من النفط نتج عنه توقف ضخ النفط الخام من محطة الضخ الرئيسية بحسب بيان صادر عن الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية.

واتهمت الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية في بيان قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً بمنع فريق الصيانة التابع للشركة من الوصول لموقع التفجير للاطلاع على الأضرار وإصلاحها.

وعقب يومين من الحادثة، فجر مسلحون أنبوب نقل الغار الطبيعي المسال في كيلو 287، بالقرب من مدينة عين بامعبد بمديرية رضوم، جنوب مدينة عتق، والذي ينقل الغاز من حقل صافر بمحافظة مأرب، إلى ميناء بلحاف بشبوة المطلة على بحر العرب.

وأعقب تفجير رضوم هجوماً مسلحاً على القوات الحكومية المكلفة بحماية أنبوب النفط الخام في منطقة المروحة بمديرية جردان، وأسفر عن إصابة ثلاثة جنود من القوات الحكومية، قبل أن تنجح وساطة قبلية في إجبار المسلحين على الانسحاب من المنطقة.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، أوقفت قوات النخبة الشبوانية الموالية تصدير النفط من محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، بعد أن أغلقت أنبوب ضخ النفط في مديرية الروضة، وسط المحافظة، ومنعت تدفق النفط الخام إلى ميناء النشيمة النفطي، في ساحل البحر العربي.

تهديد مناخ الاستثمار

ودانت الحكومة اليمنية حوادث تخريب أنابيب النفط والغاز بمحافظة شبوة (جنوب شرق البلاد) معتبرة أنها أعمال تخريبية تهدف لعرقلة عودة الشركات النفطية الأجنبية للبلد واستئناف نشاطها وتفشل الجهود والمبذولة من أجل إيجاد وخلق بيئة ومناخ استثماري جذاب.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

وشكّل محافظ شبوة محمد بن عديو أواخر يونيو الماضي، لجنة للتحقيق في أحداث تفجير أنبوبي النفط والغاز والتحركات التي تعيق إستئناف عودة عمل الشركات النفطية والغازية بالمحافظة، لكن قوات النخبة منعت اللجنة الحكومية من الوصول لموقع تفجير أنابيب النفط.

رفض شعبي

ودان الناشط الحقوقي ماجد عمير الحارثي، أحد أبناء محافظة شبوة، محاولة قوات النخبة الشبوانية الاستيلاء على المقرات الحكومية في مدينة عتق، معتبراً ذلك تصرفاً مستنسخاً لسلوك الحوثيين عقب اجتياحهم العاصمة صنعاء وسيطرتهم على مؤسسات الدولة بقوة السلاح.

وأكد في حديثه لـ”المشاهد” أن الأعمال التخريبية التي استهدفت أنابيب النفط والغاز في محافظة شبوة مؤخراً، جميعها وقعت في مناطق سيطرة النخبة الشبوانية، مشيراً إلى منع الأخيرة لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة المحلية من القيام بعملها.

وأوضح أن قوات النخبة الشبوانية تمارس مضايقات متكررة بحق الشركات النفطية العاملة في شبوة بهدف تنفيرها، لافتاً إلى قيامها مؤخراً بمنع فنيي تلك الشركات من إصلاح أنابيب النفط التي تم تفجيرها.

وعن علاقة دولة الإمارات بالتصعيد العسكري الحاصل في محافظة شبوة (جنوب شرق البلاد)، قال الناشط الحارثي “إن الإمارات هي من تدعم قوات النخبة الشبوانية وبالتالي فهي المسؤولة عن أي تصرف يصدر عنها”.

وعبّر في ختام حديثه عن رفضه لإدخال محافظة شبوة في صراعات مدمرة وتحويلها إلى ساحة للاقتتال والزج بها في أتون الفوضى، موجهاً رسالة لجميع الأطراف مفادها “لا للإقتتال الشبواني- الشبواني ولتكن شبوة مرجعية الجميع”.

صراع نفطي

وتصاعدت وتيرة الصراع النفطي في محافظة شبوة منذ أن بسطت قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً سيطرتها على ميناء النشيمة لتصدير النفط في مديرية رضوم والذي صدّرت عبره الحكومة اليمنية أول شحنة نفط بعد توقف دام أكثر من ثلاث سنوات.

مشروع الغاز الطبيعي المسال في بلحاف والذي تديره شركات عالمية بقيادة توتال الفرنسية، أضخم مشروع صناعي في تاريخ اليمن، حيث تقدر كلفته بنحو أربعة مليارات دولار

وأعلنت الحكومة اليمنية أواخر يوليو العام الماضي نجاح تصدير خمسمائة ألف برميل من النفط الخام عبر ميناء النشيمة في رضوم، في أول عملية بعد إعادة شركة OMV النمساوية الإنتاج من قطاع S2 في أبريل/نيسان من ذات العام، بقدرة سبعة عشر ألف برميل يومياً.

ويهدد التصعيد العسكري في محافظة شبوة وتكرار حوادث تفجير أنابيب النفط، بتوقف الإنتاج ومغادرة شركة أو إم في النمساوية، التي هددت بإيقاف الإنتاج في حالة استمرار قوات النخبة الشبوانية بتعطيل أعمالها وافتعال المشاكل.

وتسيطر الإمارات على ميناء بلحاف لتصدير الغاز المسال في شبوة منذ أكثر من عامين، والذي يقع على بعد مائة وخمسين كيلومتراً عن مدينة عتق عاصمة المحافظة، وتعرقل جهود الحكومة اليمنية لإعادة تصدير الغاز المسال.

ويعد مشروع الغاز الطبيعي المسال في بلحاف والذي تديره شركات عالمية بقيادة توتال الفرنسية، أضخم مشروع صناعي في تاريخ اليمن، حيث تقدر كلفته بنحو أربعة مليارات دولار، وتبلغ طاقته الإنتاجية ستة ملايين وتسعمائة ألف طن من الغاز الطبيعي سنوياً.

وتوقف إنتاج اليمن من الغاز الطبيعي المسال منذ أربع سنوات بسبب الحرب وتدهور الوضع الأمني في البلاد، مايحرم خزينة الدولة من إيراد سنوي يصل إلى 700 مليون دولار، وفقاً لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

مقالات مشابهة