المشاهد نت

مراكز صيفية مسيسة، تفخخ عقول الاطفال

تعز – عبدالله أحمد :

لم تعد أمل المسني، تنتظر إكمال أبنائها الأربعة عامهم الدراسي، كما كانت تفعل في السابق، لتسجيلهم في المراكز الصيفية القريبة من منزلها، أملاً بالحصول على معارف ومهارات جديدة، لكن تلك المراكز الصيفية باتت تشكل خوفاً لها ولكثير من أولياء الأمور، بعد أن انحرف مسار أدائها بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في اليمن، في مارس 2015.
وتقول المسني لـ”المشاهد” إن تلك المراكز كانت تساعد أبناءها كثيراً في التحصيل العملي، بخاصة أنها كانت تركز على تعليم الأطفال سور القرآن الكريم التي سيدرسونها، أو اللغة الإنجليزية.

مراكز صيفية حوثية

منذ سيطرة الحوثيين على الدولة، في سبتمبر 2014، ركزت الجماعة بشكل لافت على المخيمات الصيفية، واستقطاب الذكور على وجه الخصوص، بمختلف الطرق، بعد أن تم إيقاف أي نشاطات مشابهة في مناطق تواجدها.
وأغلب المراكز الصيفية تتبع جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، وهي التي توجه المواطنين بسرعة تسجيل أبنائهم فيها، فضلاً عن إقامة الكثير منها.
وتركز الجماعة في مراكزها على تعليم الأطفال العلوم الشرعية، على حد وصف زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، الذي اعتبر في خطاب متلفز له على قناة “المسيرة” التابعة لهم، أن “المراكز تقدم جرعة ثقافية لتحصين النشء من السموم التكفيرية، وتبني جيلاً يتحمل المسؤولية على أكمل وجه”.
واستهدفت جماعة الحوثي في مراكزها الصيفية، حوالي 251 ألف طالب، تقوم باستضافتهم في حوالي 3500 مخيم، في 16 محافظة، بحسب إحصائيات تحدثت عنها وكالة “سبأ” للأنباء التابعة لهم، ومن بين أولئك 95.693 تحت سن السادسة من العمر، في المستوى التمهيدي.

شعارات مقلقة

تبرز المنشورات التي وزعتها جماعة الحوثي بشأن المراكز الصيفية، شعار “المراكز الصيفية عِلم وجهاد”، وهو ما آثار كثيراً من مخاوف أولياء الأمور، بينهم محمد منصور الذي أكد أن خشيته على أبنائه أصبحت كبيرة، برغم أنه منعهم من الالتحاق بمثل تلك المخيمات، مؤكداً لـ”المشاهد” أن الطلاب يخضعون لدروس مرتبطة بالحوثية ومنهجها، فضلاً عن تعبئتهم وتهيئتهم من أجل القتال في الجبهات، بعيداً عن الأنشطة المتعارف عليها قبل الحرب.
ويخشى منصور من إجبار الحوثيين الأهالي على تسجيل أبنائهم في تلك المراكز، إذ إن العديد من الآباء يخشون أن يعتقد الحوثيون أن عدم تجاوبهم مع دعواتهم -التي تتم حتى عبر المساجد- سيجعلهم في مربع المناوئين لهم، وسيبدأ التضييق عليهم.
وتتهم الحكومة، عبر مصادر خاصة (لم تسمها)، تحدثت لموقع “سبتمبر نت”، الناطق باسم الجيش اليمني، منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة، بتمويل المراكز الصيفية التابعة للحوثيين، بدفع مرتبات العاملين فيها والقائمين عليها.
وزير الإعلام معمر الإرياني، في تصريحات نقلتها وكالة “سبأ” للأنباء التابعة للحكومة، اتهم الحوثيين، بقتل الأطفال، عبر تجنيدهم عن طريق “معسكرات إرهابية مغلقة” يشرف عليها ويشارك في إدارتها خبراء إيرانيون، لتدريب الصغار على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والدفع بهم في جبهات القتال، ونشر الأفكار المتطرفة الدخيلة على اليمن.
وكانت المراكز الصيفية المنتشرة في مختلف المحافظات اليمنية قبل الحرب، تابعة لجهات حكومية، وأخرى تابعة لأحزاب كالتجمع اليمني للإصلاح الذي برز في هذا الجانب.
وتخضع تلك المراكز المرخصة لإشراف حكومي، وتقوم بتدريس القرآن وبعض كتب السنة كتحفيظ الطلاب 40 حديثاً، إضافة إلى تعليم بعض المناهج الدراسية في بعض المراكز، وبعض الدورات التدريبية كتعليم الإسعافات الأولية.

إقرأ أيضاً  في يوم المسرح العالمي .. المسرح اليمني محاولات للنهوض

تحذيرات تربوية

ومع تغير توجه المراكز الصيفية بعد الحرب، يعتقد الأستاذ التربوي محمد المخلافي، أن المخيمات المختلفة يتم عبر بعضها استقطاب، وإن بطريقة غير مباشرة، نظراً لبروز جهات معينة في القيام بتلك الأنشطة، لافتاً إلى حصول ذلك الآن من قِبل الحوثيين، وبشكل مباشر.
وأكد المخلافي، في حديثه مع “المشاهد”، أهمية المراكز الصيفية للطلاب، فهي تزيد من ترابط النسيج الاجتماعي، من خلال الممارسات التي تخدم الشباب والأطفال والمجتمع ككل.
لكنه رأى أن قيام الحوثيين بالإشراف على تلك المراكز وإنشائها في هذا التوقيت، وبالكيفية الحالية، يشكل خطراً كبيراً على المجتمع، لأن تلك الجماعة تسعى لتعليمهم معتقداتها وفكرها، وتعميق فكرة الطائفية.
ورغم تلك التحذيرات، إلا أن الطفلة أمنيات عبدالسلام (12 سنة) تتذكر بكثير من الحزن مشاركتها في الإجازة الصيفية من كل عام بالمراكز الصيفية، وتفوقها خلالها قبل الحرب.
وتذكر لـ”المشاهد” أنها كانت إلى جانب صديقاتها في المخيم، يشاركن في الاحتفال الختامي الذي يتم نهاية المراكز الصيفية، وغالباً ما تشارك في الأغاني البسيطة التي يتم تدريب الطلاب عليها وعلى رقصاتها، متمنية أن تعود مثل تلك الأيام قبل أن تكبر أكثر، ولا يكون بإمكانها ممارسة مثل تلك الأنشطة، فقد توقفت عن المشاركة فيها بعد سيطرة الحوثيين عليها، وتوقف أغلبها في باقي المحافظات.




مقالات مشابهة