المشاهد نت

تقارب إماراتي إيراني… كيف يؤثر على اليمن؟

تعز – أحمد عبدالله:

أثارت الأنباء عن زيارة وفد إماراتي رسمي إلى إيران، جدلاً واسعاً بين متابعي الملف اليمني، وهو خبر لم ينفه أي من الطرفين، بل تؤكد مصادر متعددة حصوله فعلاً.


التقارب هذا له دلالاته، فالامارات تقاتل في إطار التحالف العربي الذي تدخل في اليمن عام 2015، من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين المدعومين من طهران.
التواصل بهذا الشكل الواضح بعد الاعتداءات المتكررة التي نفذتها إيران على سفن خليجية، أعقبه انسحاب إماراتي من بعض المناطق في اليمن.
سارعت جماعة الحوثي بالتعليق على تلك الزيارة، وقال عنها رئيس ما يعرف بـ”اللجنة الثورية”، عضو ما يسمى المجلس السياسي، محمد الحوثي، إن “رسالة الإمارات من إيران رسالة إيجابية”.
قد تبدو تلك العلاقة بالنسبة لكثيرين، غير شرعية، إلا أن هناك الكثير من بوادرها؛ ففي مايو الماضي هدد الحوثيون باستهداف 300 موقع حيوي في الإمارات والسعودية، وبدأوا بالفعل بتنفيذ أهدافهم ولكن ضد الرياض فقط.
وقبل أيام، كشف نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، عن وجود قنوات تواصل سرية بين الحوثيين والإمارات. تلاها قيام الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، بوصف حزب التجمع اليمني للإصلاح بـ”الإخوان”، وهي وجهة النظر التي تتبناها بدرجة رئيسية أبوظبي.
تلتقي إيران مع الإمارات في اليمن، من خلال تشكيل كل منهما “مليشيات ” تحارب حتى اليوم الحكومة اليمنية، في المقابل ترتبط الدولتان بمصالح اقتصادية هائلة، وتطبق أبوظبي على ما يبدو قاعدة “المال قبل السياسة”، في محاولة لتأمين نفسها.
بلغ حجم التبادل التجاري بين طهران وأبوظبي، خلال عام 2017، حوالي 13 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات الإماراتية لإيران نحو 7 مليارات دولار.
وكما هو معروف، فإن الإمارات تصدر حوالي 99% من نفطها عبر مضيق هرمز، الذي تشرف عليه دولتا إيران وسلطنة عمان. وفي مدخل ذلك الممر الدولي 3 جزر متنازع عليها بين أبوظبي وطهران.

بلغ حجم التبادل التجاري بين طهران وأبوظبي، خلال عام 2017، حوالي 13 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات الإماراتية لإيران نحو 7 مليارات دولار

مسك العصا من المنتصف

في قراءته لتلك المعطيات وحالة الغليان، يعتقد الباحث في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم، أنها تشير إلى اتجاه المنطقة نحو مصالحة مع إيران، لتجنب التصعيد الإيراني الأمريكي في مياه الخليج.
وقال هاشم لـ”المشاهد” إن تعرض سفن النفط للاعتداء في مياه الخليج العربي، يشير إلى فشل الاعتماد على واشنطن في حماية ممرات النفط العالمية، ما يُقدم مفهوم “الأمن الجماعي” في مياه الخليج، والذي تطرحه إيران باستمرار كأحد الحلول لتأمين مضيق هرمز.
يتفق مع ذلك الطرح، أستاذ الأزمات الدولية نبيل الشرجبي، الذي توقع ألا تذهب الإمارات في صراعها مع إيران، إلى مراحل معقدة أو خطيرة، بسبب الوضع الديمغرافي والاقتصادي داخل الأولى التي يُشكل الإماراتيون من أصول إيرانية النسبة الأعلى فيها، وهم قوة حقيقية، ولها تأثير على كافة المسارات.
وتطرق الشرجبي، في تصريحه لـ”المشاهد”، إلى حجم الشراكة الاقتصادية بين طهران وأبوظبي؛ حيث تصدر الأولى للثانية ما يصل إلى 34% من إجمالي التجارة الخارجية للإمارات.
وبحسب الشرجبي، فإن حجم الاستثمارات الإماراتية الخارجية، وبخاصة في تجمع المحيط الهندي، وما ينوي إنشاؤها طريق الحرير للصين، يتجاوز 200 مليار دولار، مؤكداً أنه وفي كلا الحالتين لن تتمكن أبوظبي من الدخول والخروج لتلكما المنطقتين إلا عبر مضيق هرمز فقط، أو عبر بناء قاعدة متقدمة لها في جزيرة سقطرى التي كانت ستوفر لها عبرها ممراً آمناً لذلك المحيط دون تعرضها لتهديد وابتزاز إيران، وهو ما يفسر سبب اهتمام أبوظبي بذلك الأرخبيل.

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

تأثير التقارب على اليمن

التقارب الإيراني الإماراتي -كما يفيد هاشم- ليس وليد اللحظة، بل نتيجة مشاورات مستمرة، فأبوظبي أعادت سفارتها إلى العاصمة السورية دمشق، كما سحبت جزءاً كبيراً من قواتها التي تواجه الحوثيين في اليمن، بعد أن أغرقت السعودية في “سوء السمعة”.
يؤثر التقارب الإيراني الإماراتي على اليمن، وعلى القبول بالحوثيين كطرف مهيمن، مقابل تشظي الولاءات في مناطق سيطرة الحكومة، وفق الباحث اليمني في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم.
وعن دور أبوظبي وطهران في اليمن، توقع هاشم أن يكون تكميلياً؛ تتفرغ الأولى للجنوب، والأخيرة عبر الحوثيين في الشمال لبناء النفوذ.
وهو لا يستبعد أن تتسبب إدارة الإمارات ظهرها للسعودية بشأن اليمن، والذهاب نحو إيران، بتوتر العلاقة بين البلدين، والذي سيظهر تباعاً خلال المواقف الدبلوماسية بينهما.
ورأى هاشم أنه لن يكون هناك تحالف بين أبوظبي وطهران، لكنه تسيير لأمور الإمارات واقتصادها، وتعبير عن مخاوفها من اندلاع حرب، وأثرها المباشر عليها، فكان من مصلحتها المضي قدماً للتعاون مع إيران، برغم التأثير السلبي لذلك على اليمن والسعودية.
أما أستاذ الأزمات الدولية الشرجبي، فذكر أن ظهور الخلافات السعودية الإماراتية بشأن سياسات الثانية في اليمن، جعل أبوظبي تصل لقناعة بضرورة انخراطها في تجمع الدول التي تطل على مضيق هرمز، وهو سبب اللقاء الأخير بين إيران والإمارات.
واستدرك بالتأكيد على عدم تفويت إيران أية فرصة لتغيير سياسيات الإمارات، متوقعاً أن تنجح في ذلك على المدى القريب، وهو ما قد يصب في غير صالح المملكة السعودية وسياستها في المنطقة.
وأكد الشرجبي، في ختام حديثه، أن كل السياسات الإماراتية التي اتخذتها في اليمن، وأثارت الشكوك حولها، كانت تتعمدها حتى تنقذ نفسها في المستقبل من أي خطر إيراني.
الجدير ذكره أن كل دول الخليج تصدر أغلب أو كل نفطها عبر مضيق هرمز. كما أن إيران والإمارات اتفقتا مؤخراً على ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية، وضمان أمن مياه الخليج.

مقالات مشابهة