المشاهد نت

عدن : مواطنون محاصرون وواقع عسكري غير واضح

عدن – بديع سلطان:

بدأت الناشطة المجتمعية آثار عبدالحميد في التفكير بالنزوح عن مدينة كريتر، مديرية صيرة، بعدن (جنوب اليمن) برفقة عائلتها، بعد تواصل المواجهات المسلحة هناك بين قواتٍ حكومية ومقاتلين موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، لليوم الثالث تواليًا.

وقالت آثار، “للمشاهد”: إنها تواصلت مع صديقاتها القاطنات في مديرية الشيخ عثمان لتسألهنّ عن طبيعة الأوضاع هناك، تمهيدًا للنزوح إليها، خاصةً وأن منطقة الشيخ عثمان تشهد هدوءًا نسبيًا مقارنةً بغيرها من المديريات.

وأكدت الناشطة المجتمعية أن قرار النزوح عن مديرية صيرة ومنطقة خورمكسر، بدأ يراود كثيراً من الأسر في المديريتين، مع اشتداد المواجهات بين طرفي النزاع، وغموض الموقف، وعدم قدرة كل طرف على حسم الأمور لصالحه.

وأضافت آثار أن المواطنين في مديريتي صيرة وخورمكسر لم يستطعوا الخروج من منازلهم منذ مساء يوم الأربعاء الماضي، حتى أنهم غير قادرين على قضاء وتوفير حاجياتهم الأساسية، كالغذاء وغيره.

مشيرةً إلى أن الأوضاع الإنسانية بدأت بالتدهور، مع انقطاع مياه الشرب عن كثيرٍ من أحياء المديريتين، وانطفاء متواصل للكهرباء، وانعدام الخدمات الأخرى.

نداء استغاثة

وكان أهالي حي القطيع، في منطقة كريتر بمديرية صيرة، حيث تدور أعنف المواجهات بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي، أطلقوا نداء استغاثة إنسانية، يطالبون القوات العسكرية المتنازعة بفتح الشوارع الفرعية لمنطقة كريتر؛ بهدف نزوح أغلب سكان الحي المنكوب للمديريات الأخرى، بحسب الإعلامي ماجد العدني.

العدني، أكد “للمشاهد” أن هناك عربات عسكرية في شوارع وأحياء كريتر، تمنع نقل العائلات المصابة بأمراض القلب والسكر والضغط، مما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية جراء الاشتباكات العنيفة التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة.

ويقع حي القطيع بكريتر بمحاذاة قصر معاشيق الرئاسي، الذي دعا المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، بالزحف نحوه لإسقاطه وطرد الحكومة الشرعية منه.

اتساع رقعة المواجهات

وبعد نحو أكثر من أربعٍ وعشرين ساعة على اندلاع المواجهات في محيط قصر معاشيق الرئاسي فى منطقة كريتر، بعدن، اتسعت رقعة الاشتباكات بين ألوية الحماية الرئاسية الحكومية، وقوات الحزام الأمني الموالية للمجلس الانتقالي، بعد أن كانت مقتصرة على مديريتي صيرة وخورمكسر.

مواجهات المنصورة

ووفق شهود عيان، “للمشاهد” توجهت أطقم عسكرية تابعة للحزام الأمني، مساء الخميس، إلى جولة كالتكس بمديرية المنصورة، وسيطرت عليها، وباشرت بإطلاق الرصاص على منزل وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري، في حي ريمي بالمديرية، كما تمركزت قوة أخرى بجانب مستشفى البريهي وشاركت في استهداف منزله، وأشار الشهود إلى أن هذا الوضع استمر لساعاتٍ قبل أن تستعيد حراسات منزل الوزير مدعومةً بألويةٍ من الحماية الرئاسية جولة كالتكس، وتطرد قوات الحزام الأمني من أمام مستشفى البريهي.

السيطرة على مصافي عدن

كما وصلت المواجهات إلى مديرية البريقة، غرب عدن، بعد قيام مسلحين تابعين للحزام الأمني بمنطقة صلاح الدين، بالسيطرة على البوابة الشرقية لشركة مصافي عدن، والتمركز فيها، بعد تصفية ثلاثة من أفراد حراسة المنشآت من أبناء مدينة البريقة.

وقال مدير مكتب مدير عام مديرية البريقة، أسامة بامطرف “للمشاهد”: إن قائد الحزام الأمني بمنطقة صلاح الدين، وضاح عمر الصبيحي، اقتحم برفقة مسلحيه البوابة الشرقية للمصفاة، وتسبب الاقتحام بمقتل ثلاثة من حراسة الشركة.

وأضاف: هذا الوضع استدعى تدخل شباب البريقة المنتمين للمقاومة الجنوبية، واشتبكوا مع قوات الحزام الأمني المتحصنة داخل المصفاة، وقاموا بإحراق طقم عسكري تابع للحزام.

مؤكدًا أن المواجهات تطورت حتى وصلت إلى أحياء وشوارع البريقة، واستمرت الاشتباكات حتى ظهيرة الجمعة، وقبيل العصر.

وأشار بامطرف إلى أن الحزام الأمني خطط مسبقًا لاقتحام شركة مصافي عدن، من خلال تأمينه للمدينة، بوضع عربات مدرعة وأطقم عسكرية وسط جسر البريقة الذي يربط المدينة ببقية مديريات عدن، منعًا لوصول تعزيزات عسكرية.

أنباء متضاربة

ومازالت المواجهات مستمرة، والوضع على الأرض لم يحسم حتى اللحظة لأي طرف، فيما يدّعي كل طرف سيطرته على المواقع الحكومية والمديريات والمواقع العسكرية، دون تأكيدات من أطرافٍ مستقلة.

إقرأ أيضاً  القيود الأسرية تمنع الفتيات من تحقيق أحلامهن

في الوقت الذي يهدد كل طرف بوصول تعزيزاتٍ عسكرية، ويُبشر بمفاجآتٍ لحسم الموقف العسكري لصالحه، في ظل انتشارٍ واسع للشائعات، التي اعتبرها البعض أنها تأتي في إطار الحرب الإعلامية والنفسية.

إلا أن مصادر عسكرية أشارت إلى تأمين ألوية الحماية الرئاسية الحكومية منطقة كريتر، بالكامل، من صيرة وحتى بوابة عقبة عدن، كما سيطرت على معسكر جبل حديد التابع لقوات المجلس الانتقالي، ومحاصرة مطار عدن الدولي الذي تتواجد فيه قوات موالية للإمارات.

كما أشارت المصادر إلى سيطرة اللواء 39 مدرع بقيادة اللواء عبدالله الصبيحي، الموالي للحكومة، على معسكر بدر، وجزيرة العمال، والطريق البحري الذي يربط مديرية المنصورة بمديريات المعلا وخورمكسر وصيرة.

كما توجهت قوات حكومية إلى مديريتي المعلا والتواهي، وهذه الأخيرة هي المعقل الرئيسي للمجلس الانتقالي الجنوبي.

في الوقت الذي تقول فيه مصادر موالية للمجلس الانتقالي: إن المواجهات مازالت مستمرة في كريتر، وأن قوات بقيادة مختار النوبي، القيادي في الحزام الأمني، مازالت تسيطر على بوابة عقبة عدن.

كما أشارت المصادر إلى أن معكسر جبل حديد التابع للمجلس الانتقالي مازال بيد قوات الحزام الأمني، وتدور مواجهات عنيفة مع اللواء الثالث حماية رئاسية المجاور للمعسكر.

بالإضافة إلى سيطرة قوات الانتقالي على جولة الرحاب بخورمكسر، ومحاصرة معسكر بدر، وكذا سيطرتها على معسكر طارق صباح الخميس، وهو مانفاه اللواء الثالث حماية رئاسية مساء الخميس.

المتضرر الأول

التضارب في الأنباء، جعل المتضرر الرئيسي من تدهور الأوضاع الأمنية هو المواطن البسيط، الذي اضطر للنزوح من المناطق المشتعلة نحو تلك الهادئة، كما أن مواطنين كثر امتنعوا عن التبضع والاستعداد لعيد الأضحى بسبب المواجهات.

يقول الشيخ عبدالرحمن عبدالحميد، وهو إمام مسجد في مديرية البريقة، “للمشاهد: إنه عجز عن الذهاب إلى كريتر والشيخ عثمان لشراء حاجيات العيد بسبب الاشتباكات المستمرة منذ الأربعاء الماضي.

وتعتبر كريتر والشيخ عثمان من الأسواق الشعبية المحببة لدى سكان عدن، والتي يقصدونها في المواسم لقضاء حاجاتهم وتوفير متطلبات الأعياد والمناسبات والأفراح.

وأكد الشيخ عبدالرحمن أنه مثل كثيرين من ساكني البريقة، أو حتى بقية مديريات عدن، غير قادر على الخروج من منزله، بسبب المواجهات العنيفة في مختلف المديريات، مشيرًا إلى أن العيد على الأبواب والمواطنين لم يستطيعوا توفير الاحتياجات كما هو حال كل عيد لافتًا إلى أن جزءاً كبيراً من مواطني البريقة لم يستطيعوا أداء صلاة الجمعة في الجوامع بسبب الاشتباكات حول محيط شركة مصافي عدن، والتي تطورت لتصل إلى الأحياء والشوارع الداخلية، ومنعت الناس من الخروج من منازلهم منذ ليلة الخميس.

مطالباً الأطراف المتنازعة باحترام الأيام المباركة والعشر الأوائل من ذي الحجة، والأشهر الحرم، التي عصم الله فيها الدماء، والحفاظ على حياة المواطنين، وإيقاف الفوضى.

أسواقٌ خاوية

من جانبها أكدت المحامية تهاني الصراري، من ساكني مديرية الشيخ عثمان، أن الأسواق الشعبية ليست ككل عام، مؤكدةً في تصريحها “للمشاهد” أن الأسواق قبيل عيد الأضحى تبدو خالية من التجار والمفرشين، وكل ذلك بسبب ما شهدته عدن من تهجير وترحيل قسري للعمال الشماليين الذين كانوا يملئون سوق الشيخ عثمان، وبسبب المواجهات التي تعيشها المدينة حاليًا.

وأشارت الصراري إلى أن الوضع الأمني في الشيخ عثمان أفضل نسبيًا مقارنةً بغيرها من المديريات، ولا وجود للمواجهات؛ غير أن أعداد المواطنين الذين يعتبرون هم القوة الشرائية، تراجعت وانخفضت بسبب الاشتباكات في بقية المناطق، نظرًا لعدم قدرتهم على الوصول إلى الأسواق.

ودعتهم إلى تحكيم العقل، ووضع حد للقتل المنتشر في كل مكان، وصون السكينة العامة.

مقالات مشابهة