المشاهد نت

الحرب ضاعفت تشوهات الأجنة وحديثي الولادة في تعز

تعز – مجاهد حمود:

تعمل أم زياد كل ما بوسعها لرعاية طفليها المعاقين منذ ولادتهما، وهما زياد (عام واحد) ومحمد ذو الثلاثة أشهر، وكلاهما مصابان بنفس الأعراض الخلقية “التواء القدم” أو ما يعرف بـ”القدم المخلبية” أو “القدم الحنفاء”.
تقول أم زياد: “لديّ 3 أولاد؛ الأول منهم بصحة جيدة، وزياد ومحمد بدت عليهما هذه الأعراض منذ ولادتهما. ذهبنا بهما إلى أطباء في صنعاء وتعز، وطُلب منا إجراء عملية لقدم زياد لتعود مستقيمة، وبعد إجراء العملية تحسن بعض الشيء في المشي، ولكن ليس بالشكل السليم”.
وتتابع بنبرة حزن: “بعد ولادة محمد لاحظنا عليه نفس التشوهات الخلقية في قدمه، حينها ذهبنا به إلى صنعاء، ونحن في الطريق انقلبت السيارة التي كنا فيها، فتوفي والده، وللأسف لم يتم عرضه على طبيب بعدها، ما زاد من معاناته”.


ويعرّف التواء القدم المخلبية الذي يصاب به طفل واحد من كل ألف طفل من حديثي الولادة، بأنه تشوه شائع من عيوب الولادة، يظهر في قدم الطفل حديث الولادة أو في كلا القدمين بشكل اعوجاج أو التواء نحو الداخل أو إلى الأسفل، بحسب أطباء.

عدنان الشراعي : مستشفي الأمومة والطفولة بتعز يستقبل حوالي 100 حالة مرضية من الأطفال والأمهات، هناك 149 طفلاً مصاباً بتشوه خلقي عام 2018م

تزايد حالات التشوه الخلقي في تعز

أوضح عدنان الشرعي، مدير السجل والإحصاء بمستشفى الأمومة والطفولة بتعز، أن المستشفى يستقبل حوالي 100 حالة مرضية من الأطفال والأمهات، مشيراً إلى أن الإحصائية السنوية للعام 2018 رصدت 149 طفلاً مصاباً بتشوه خلقي.
ووفق تقرير صادر عن المشتشفى ذاته، فإن هناك 88 طفلاً خديجاً بسبب تشوهات خلقية تظهر في الشهر الثالث، فتتسبب في وفاة الجنين، منهم 55 ذكور و32 إناث، إضافة إلى 54 طفلاً مصاباً بتشوهات في القلب، منهم 24 إناث و31 ذكور، وحالة واحدة انسداد معوي لأنثى، إضافة إلى حالتين مصابين بـ”متلازمة داون”.
وقال البروفيسور صادق الذبحاني، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى المظفر، إن من أبرز أسباب ولادات الخدج الالتهابات لدى الأم وأداء وجهد المرأة العالي أثناء الحمل، لافتاً إلى أن نسبة الخدج تتقدر بـ15% من الولادات، ولكن بإمكانهم العيش بحياة صحية وطبيعية من خلال تلقيهم رعاية صحية، ومراقبة حالتهم بشكل مستمر.
وتعد التشوهات الخلقية في الأطفال “حديثي الولادة”، من المشكلات التي ظهرت في الآونة الأخيرة، بشكل ملفت ومخيف، في مدينة تعز، بحسب تأكيد الدكتورة سمر حسن غالب، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة في المستشفى السويدي الحكومي بتعز، موضحة أن التشوهات الخلقية عند حديثي الولادة تختلف وتتنوع حسب كل مرض.
وتضيف أن أكثر تشوهات الأجنة شيوعاً الهيكلية والوظيفية والنمائية، والعيوب الهيكلية كـ”الشفة الأرنبية”، وهي فتحة في الشفة أو سقف الفم، أو القدم الحنفاء، وهي التي تتجه نحو الداخل بدلاً من استقامتها إلى الخارج، مؤكدة أن التشوهات الوظيفية هي الثقوب في القلب بسبب عدم التئام البطينين والأذينين، وتتسبب في عمل جزء أو نظام الجسم بشكل غير سليم، ناهيك عن إعاقة السنسنة المشقوقة التي تحدث عندما لا ينمو الحبل الشوكي بشكل صحيح، لكنها تسبب مشاكل كيميائية وحسية في جسم الطفل.

إقرأ أيضاً  «معارض رمضانية» تخفف معاناة المواطنين بحضرموت

متى يحدث التشوه الخلقي؟

يحدث التشوه الخلقي أثناء مراحل نمو الجنين في الرحم، وقد تكون طفيفة أو شديدة، وقد تكون على المظهر، ووظيفة الجهاز أو العضو، بالإضافة إلى النمو البدني والعقلي، بحسب الدكتورة سميرة.
وتقول إن تشوهات الجنين ناتجة عن عدة عوامل، أبرزها: وراثية بنسبة 60%، إضافة إلى التعرض لبعض الأدوية والكيماويات، وحدوث العدوى أثناء الحمل.
والأسباب الوراثية، وفق ما تؤكده، تنتقل عن أحد الوالدين، فتحدث تشوهات نتيجة طفرة أو تغيير ما قد يكون الجين أو جزء منه مفقوداً، وتحدث هذه العيوب أثناء الحمل، أو وجود عيب في أحد أفراد العائلة السابقين. ولكن الأسباب غير الوراثية يصعب التعرف عليها، ومنها وصول عمر الأم إلى فوق 40 عاماً، وعدم الرعاية الصحية للأم أثناء الحمل، والعدوى المنقولة جنسياً، واستخدام الأم الحامل بعض الأدوية مثل الأيزوتريتنون والليثيوم، وإصابة أحد الأبوين بمرض مزمن كمرض السكري.
ومن الأسباب أيضاً، زواج الأقارب الذي يعد من أهم الأسباب وأخطرها وأكثرها في اليمن، وخاصة بالمناطق الريفية، بحسب الدكتور عبدالقوي المخلافي، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة بالنقطة الرابعة بتعز، الذي حذر من هذا الزواج دون إجراء فحوصات لتفادي المشكلة في المستقبل.

الحرب ضاعفت التشوهات الخلقية

وأسهمت الحرب والحصار المطبق على مدينة تعز منذ 5 أعوام، في زيادة عدد الإصابات بالتشوه الخلقي بين حديثي الولادة في المدينة، مقارنة باعوام سابقة، بحسب الدكتور أحمد الأديمي.
ويوضح لـ”المشاهد” أن المجاعة وسوء التغذية أحد الأسباب الرئيسية، وأثبتت دراسات عدة أن 94% من تشوهات الأطفال والأجنة تحدث بالدول الفقيرة أو التي تنتشر فيها الحروب والعنف، لأن سوء تغذية الحامل وعدم حصولها على الكالسيوم وحمض الفوليك يسبب تشوهاً بالعمود الفقري، بالإضافة للأمراض المعدية كمرض الحصبة أو الزهري والجدري أو الهيربس أو النكاف، وارتفاع درجة حرارة جسم الحامل أكثر من 39 درجة مئوية.
وكلما تقدم عمر الحامل ازدادت نسبة التشوه. وتصاب نسبة 30% من المواليد بخلل في الكروموسومات، وفي مقدمتها المنغولية المعروفة باسم التثلث الصبغي 21. ومن الأسباب العامة للتشوه، الأدوية والعقاقير الطبية بدءاً من الأسبرين حتى أي فيتامين لا يتناول إلا بإشراف طبيب مختص، بالإضافة إلى الإفراط باستخدام الأصباغ ومستحضرات التجميل وكريمات التفتيح، بحسب الدكتور الاديمي.
وكشف الدكتور المخلافي، أن تشوهات الجنين بثقوب القلب تمثل ربع تشوهات حديثي الولادة.

ما هي سبل الوقاية من مخاطر الإصابة بالتشوه؟

يساعد تناول الأم لحمض الفوليك قبل الحمل وطوال فترة الولادة، على منع التشوهات في العمود الفقري أو الدماغ، مع تجنب شرب الدخان “التبغ” أثناء وبعد الحمل، وعدم تناول أدوية دون استشارة طبيب، ومن هذه الأدوية، كما يقول الدكتور المخلافي، دواء حب الشباب، واليود المشع، والأدوية التي تحتوي على التستوستيرون.
ويقول الدكتور فؤاد الحداد، مدير المستشفى السويدي للأمومة والطفولة بمدينة تعز، لـ”المشاهد” إن وعي الأم له دور كبير في تجنب مخاطر ولادة طفل مشوه خلقياً، من خلال الاهتمام بصحتها، وزيارة الطبيب بشكل مستمر، وعدم تناول المواد المؤثرة أو شرب التبغ أو بذل الجهد الزائد أثناء الولادة، والرعاية من جانب الأسرة للأم الحامل، تسهم أيضاً في تقليل أو تجنب ولادة أطفال مشوهين، حسب قوله.

مقالات مشابهة