المشاهد نت

المخاطر تلاحق الصحفيين في عدن

عدن – خالد الحميري:

يعيش الصحفي محمد مبارك، في حالة من القلق والخوف المستمر منذ سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، على مدينة عدن (جنوبي اليمن)، في الـ10 من أغسطس الجاري.
وأجبر سقوط مدينة عدن في يد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، الصحفي مبارك، على مغادرة شقته، والتواري بعيداً عن الأنظار، والانزواء داخل منزل أحد أقربائه في المدينة، وانتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
ويعمل مبارك في إحدى الصحف الإلكترونية الموالية للحكومة، لكنه لم يعد قادراً اليوم على ممارسة العمل الصحفي، في ظل خطر التعرض للاعتقال وردود الفعل الانتقامية من مسلحي المجلس الانتقالي.
ويقول مبارك لـ”المشاهد” إنه يعيش متخفياً في منزل قريبه، منذ نحو أسبوعين، ولا يستطيع المجازفة والخروج لزيارة أسرته، خشية التعرض للاعتقال، خصوصاً أنه كان من المنتقدين لسياسات المجلس الانتقالي.
ويشير إلى اقتحام قوات موالية للمجلس الانتقالي، لعدد من المؤسسات الإعلامية في مدينة عدن، أعقبها مداهمات وحملات ملاحقة بحق الصحافيين والناشطين، واعتقال عدد منهم، ما جعل بيئة العمل الصحفي فيها غير آمنة.

انتهاكات ضد الإعلاميين

الكاتب الصحفي توفيق الشنواح، كان أوفر حظاً من الصحفي مبارك، إذ تمكن من مغادرة مدينة عدن، مع أسرته، قبل أيام قليلة من اندلاع المواجهات بين القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي.


ويقول الصحفي الشنواح لـ”المشاهد” إنه قرر مغادرة مدينة عدن مع بدء الاعتداءات الجماعية ذات الطابع العنصري، التي قامت بها مجموعات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي، ضد مدنيين عزل من العمال والنازحين من المحافظات الشمالية.
ويضيف: “كنت قلقاً من تدهور الأوضاع إلى الأسوأ في عدن، في ظل حملات المداهمات التعسفية والاعتقالات التي طالت الصحفيين والنشطاء، وحتى الباعة البسطاء والنازحين، وتصاعد حملات التحريض، فعزمت على مغادرة المدينة أنا وأسرتي، قبل انفجار الأوضاع”.
ويتابع: “غادرت عدن في ظل خوف شديد من التعرض للاعتقال بسبب مواقفي المتشبثة بالوحدة اليمنية، وكتاباتي ضد ترحيل البسطاء من أبناء المحافظات الشمالية من عدن، والممارسات المناطقية الخارجة عن النظام والقانون”.
ويوضح أن مسلحي “الانتقالي” لا يتورعون عن إهانة أي شخص أو اعتقاله، سواء كان صحفياً أو ناشطاً، أو حتى مواطناً عادياً، كونهم ينتهجون منهج “من ليس معنا فهو ضدنا”، وهذا سلوك واضح في تعاملهم مع الناس، وفق قوله، مضيفاً أن صنعاء ضربت أروع أمثلة التعايش باستقبالها النازحين من مدينة عدن، سواء كانوا من أبناء الجنوب أو الشمال، مشيراً إلى أن آلاف الجنوبيين يعيشون في صنعاء والمحافظات الشمالية، معززين مكرمين، وينالون كل احترام وتقدير، حد تعبيره.

الصحفي مبارك : في ظل حملات المداهمات التعسفية والاعتقالات التي طالت الصحفيين والنشطاء، وحتى الباعة البسطاء والنازحين، وتصاعد حملات التحريض، فعزمت على مغادرة المدينة مدينة عدن أنا وأسرتي.

تنديد نقابي

واتهمت نقابة الصحفيين اليمنيين، الاثنين الماضي، المجلس الانتقالي الجنوبي، بارتكاب انتهاكات وسلوكيات معادية للصحافيين في عدن، معربة عن قلقها لتزايد المضايقات بحق الصحافيين والوسائل الإعلامية في مدينة عدن، منذ الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة.
وأدانت النقابة، في بيان حصل “المشاهد” على نسخة منه، اقتحام منزل الصحافي علي صالح العيسي الذي يعمل في صحيفة “14 أكتوبر” الحكومية، من قبل مسلحين، والعبث بمحتوياته ووثائق وممتلكات خاصة به، وملاحقة الصحافي أحمد ماهر، من قبل مجموعة مسلحة، على خلفية كتاباته وآرائه.
ونددت بمنع عدد من الصحافيين من العمل في صحيفة “14 أكتوبر”، التي سيطر عليها المجلس الانتقالي، والاكتفاء بأشخاص محددين، فضلاً عن منع الإعلاميين والموظفين من الدخول لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وفرع وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، من قبل مجاميع موالية للمجلس الانتقالي.
وعبّرت النقابة عن رفضها لمثل هذه السلوكيات المعادية لحرية الصحافة وحق الاختلاف وحرية الرأي، مطالبة السلطات المعنية في عدن بإيقاف مثل هذه الممارسات، والتعامل بشكل إيجابي تجاه الصحافة والحريات الإعلامية، وتحييد الصحافة والصحافيين عن الصراعات.

إقرأ أيضاً  مرصد الحريات يصدر تقرير الحريات الإعلامية السنوي ٢٠٢٣

نفي “الانتقالي”

من جهته، نفى وكيل وزارة الإعلام لقطاع الإذاعة والتليفزيون، أيمن محمد ناصر النواصري، الذي صدر بحقه قرار وزاري بإيقافه عن عمله، وإحالته للتحقيق، على خلفية موالاته للمجلس الانتقالي الجنوبي، تعرض أي صحفي في محافظة عدن، للتهديد أو الملاحقة بسبب آرائه السياسية.
وأكد النواصري، في بيان، أن المجلس الانتقالي على استعداد لتلقي أية شكاوى حول ملاحقات يتعرض لها أي إعلامي من قبل الجهات الأمنية أو العسكرية أو الأفراد، بشرط أن تكون تلك الشكوى صحيحة وغير كيدية، وفق قوله.
وأضاف أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي أبدت تفاعلاً إيجابياً في موضوع حماية الاعلاميين، والتأكيد على حرية الصحافة والصحفيين وكل العاملين في وسائل الإعلام.
وسيطرت قوات الحزام الأمني الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، على مدينة عدن، والمؤسسات الحكومية، بما فيها وسائل الإعلام، في الـ10 من أغسطس الجاري، بعد معارك مع القوات الحكومية.

مقالات مشابهة