المشاهد نت

السجون اليمنية تحت طائلة القصف السعودي الإماراتي

تعز – خالد الحميري:

بعد 3 أيام من البحث المضني، عثرت أسرة الشاب المعتقل أديب علي محمد الفتيحي (38 عاماً)، من محافظة تعز، على جثته، الثلاثاء، في أحد مستشفيات مدينة ذمار (جنوبي العاصمة صنعاء).


وقُتل الفتيحي في القصف الذي استهدف كلية المجتمع بذمار، التي يتخذها الحوثيون معتقلاً لخصومهم.
وأودى قصف التحالف العربي بقيادة السعودية، بحياة 156 معتقلاً، منهم الفتيحي، وجرح 50 آخرون، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في حكومة الحوثيين.
وقالت أسماء العديني، ابنة شقيقة الفتيحي، في حديث لـ”المشاهد”، إن والدته قضت أوقاتاً عصيبة في انتظار معرفة مصير ابنها الذي دفعت كل ما تملك من أجل إخراجه من السجن، دون فائدة، حتى حلت الفاجعة يوم السبت الأسود.
وأضافت أن زوجته التي لم تغادر منزله منذ اعتقاله قبل 5 سنوات، وأطفاله الثلاثة، كانوا ينتظرون عودته إليهم بفارغ الصبر، خصوصاً بعد اتصاله الأخير الذي أخبرهم فيه بقرب الإفراج عنه، لكنه قضى قبل أن يتم ذلك.
واُختطف الجندي الجريح الفتيحي، قبل 5 سنوات، أثناء ذهابه لاستلام راتبه من الحوبان (شرق مدينة تعز)، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عام 2015، بتهمة التلويح لإحدى طائرات التحالف، وأودعوه في سجن كلية المجتمع بمدينة ذمار، بحسب العديني.
وحمّلت العديني جماعة الحوثي والتحالف العربي، على حد سواء، مسؤولية مقتل خالها في القصف الذي استهدف سجن ذمار، داعية إلى فتح تحقيق دولي في الحادثة، ومحاسبة المتسببين.
وكان التحالف العربي الذي تقوده السعودية، نفى، الأحد الماضي، استهداف سجن في محافظة ذمار، جنوبي العاصمة صنعاء، مؤكداً أن الموقع الذي استهدفه هو موقع عسكري تابع للحوثيين، ويبعد 10 كيلومترات عن مدينة ذمار.

وأودى قصف التحالف العربي بقيادة السعودية، على كلية المجتمع في ذمار بحياة 156 معتقل، وجرح 50 آخرون، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في حكومة الحوثيين

استهداف السجون

لم تكن حادثة استهداف التحالف لسجن في مدينة ذمار، السبت الماضي، هي الأولى، بل سبقتها حوادث مماثلة على مدى الأعوام الماضية، راح ضحيتها المئات من المدنيين المعتقلين في سجون الحوثيين في عدة محافظات.
وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان القصف الذي طال مركز الرصد الزلزالي في جبل هران المطل على مدينة ذمار، في 21 مايو 2015، وراح ضحيته 25 قتيلاً من المعتقلين لدى الحوثيين، بينهم الصحفيان عبدالله قابل، مراسل قناة “بلقيس” الفضائية، ويوسف العيزري، مراسل قناة “سهيل” الفضائية، في ما عُرف حينها بـ”مجزرة هران”.
وأعلن التحالف العربي حينها استهداف معسكرات تدريب تابعة لجماعة الحوثي، منها معسكر “سامة” التابع لقوات الاحتياط (الحرس الجمهوري) سابقاً، شرقي ذمار، ومركز التدريب العام للشرطة جنوب محافظة ذمار.
وفي 12 مايو 2015، شنت مقاتلات التحالف غارتين على سجن كحلان بمديرية عبس بمحافظة حجة (شمالي غرب اليمن)، ما أدى إلى مقتل 20 مدنياً، وجرح 18 آخرين، بحسب إحصائية صادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش.

السجون اليمنية تحت طائلة القصف السعودي الإماراتي
قصف سجن عبس بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)عام 2017م الصورة أرشيفية


ونفى فريق تقييم الحوادث التابع للتحالف، استهداف سجن عبس، وقال إنه تبين بعد التحقيق في الحادثة، أن قوات التحالف قامت باستهداف مخزني أسلحة للحوثيين، يبعد الأول عن موقع السجن حوالي 900 متر، فيما يبعد الثاني حوالي 1300 متر، بواسطة قنبلة موجهة بالليزر دقيقة الإصابة لكل هدف.
وأكد الفريق التابع للتحالف أن الهدفين ضمن الأهداف العسكرية المشروعة، التي يحقق استهدافهما ميزة عسكرية، وأن مبنى السجن لم يُستهدف أو يتأثر من القصف الجوي لقوات التحالف.


في 26 أكتوبر 2016، قصف طيران التحالف سجن مديرية الزيدية التابعة لمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، بثلاث غارات جوية، ما أدى إلى مقتل 68 معتقلاً، وإصابة أكثر من 38 آخرين، بحسب إحصائية صادرة عن مكتب الصحة بالمحافظة.
واعترف فريق تقييم الحوادث التابع للتحالف، حينها، باستهداف السجن، وأكد أن طيران التحالف استهدف مبنى إدارة أمن الزيدية بمحافظة الحديدة، وتسبب الهجوم في سقوط قتلى وجرحى من الحوثيين وبعض المدنيين.
وأوضح أن التحقيقات كشفت عن قيام قيادات الحوثيين وخبراء أجانب من جنسيات مختلفة، بالاستيلاء على المبنى، واستغلاله للأغراض العسكرية، وبالتالي سقطت الحماية القانونية المقررة في الاتفاقيات الدولية عن المبنى المذكور.
وأشار إلى أن قوات التحالف استهدفت المبنى المذكور، باستخدام قنابل موجهة ودقيقة الإصابة، مؤكداً أنه ثبت للفريق المشترك لتقييم الحوادث دقة الإجراءات المتبعة من قبل قوات التحالف، بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية.

إقرأ أيضاً  وسيلة النساء لتحسين ميزانية الأسرة في رمضان 
السجون اليمنية تحت طائلة القصف السعودي الإماراتي
قصف سجن الزيدية بمحافظة الحديدة بغارات لقوات التحالف في أكتوبر 2016 الصورة أرشيفية


وفي 12 ديسمبر 2017، شنت مقاتلات التحالف العربي سلسلة غارات جوية، استهدفت سجن الشرطة العسكرية بالعاصمة صنعاء، الذي كان بداخله معتقلون وأسرى، وأسفر عن سقوط 39 قتيلاً ونحو 90 جريحاً.
واتهمت منظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، التحالف، بتعمد قصف السجن، رغم علمه بوجود الأسرى والمعتقلين، مستندة إلى شهادة معتقلين تم الإفراج عنهم قبيل واقعة القصف بأيام، منهم الصحفي يوسف عجلان.
وأنكر التحالف العربي علمه بوجود سجن في معسكر الشرطة العسكرية بصنعاء، الذي استهدفه طيرانه في ديسمبر 2017، ما أدى إلى مقتل 39 شخصاً، وإصابة 90 آخرين، مؤكداً أن إجراءات قوات التحالف باستهداف المعسكر كانت صحيحة، وتتوافق مع القانون الدولي الإنساني.

السجون اليمنية تحت طائلة القصف السعودي الإماراتي
قصف سجن الشرطة العسكرية بالعاصمة صنعاء بغارات قوات التحالف الصورة أرشيفية

فى 26 أكتوبر 2016، قصف طيران التحالف سجن مديرية الزيدية التابعة لمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، بثلاث غارات جوية، ما أدى إلى مقتل 68 معتقلاً، وإصابة أكثر من 38 آخرين، بحسب إحصائية صادرة عن مكتب الصحة بالمحافظة.

جرائم حرب

وفي ظل تزايد أعداد الضحايا المدنيين نتيجة غارات التحالف، وجهت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، اتهامات إلى دول التحالف بارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم الحرب، راح ضحيتها آلاف من النساء والأطفال في اليمن.
وقال تقرير صادر عن فريق الخبراء البارزين الإقليميين والدوليين التابع للأمم المتحدة، إن الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية، في اليمن، وأساليب التجويع، ربما تصل لحد جرائم الحرب.
وخلص التقرير إلى أن فريقاً مشتركاً لتقييم الحوادث شكلته السعودية لمراجعة الانتهاكات التي يتردد أن التحالف ارتكبها، لم يلقِ على أحد بمسؤولية أية ضربة أسفرت عن مقتل مدنيين، مما يثير “قلقاً بشأن حيادية تحقيقاته”.
وأعلن التحالف العربي رفضه لما ورد في تقرير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين في اليمن، معتبراً أن التقرير اعتمد على معلومات مضللة قدمت من أطراف مجهولة، ومنظمات غير موثوقة ووسائل إعلام.
وأوقعت الحرب التي تشهدها اليمن منذ 5 سنوات، حوالى 10 آلاف قتيل، وأكثر من 56 ألف جريح، منذ اندلاعها عام 2015، بحسب منظمة الصحة العالمية، غير أن عدداً من المنظمات الحقوقية المستقلة تقول إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.

الدعوة إلى تحقيق محايد

الصحفي تيسير السامعي الذي كان أحد المعتقلين في السجن ذاته، قبل أن يتم الإفراج عنه، في وقت سابق، قال إن القصف الذي طال سجن ذمار ذهب ضحيته أناس، بغض النظر عن الفاعل والمتسبب في ذلك.
وأضاف لـ”المشاهد”: “بصفتي كنت أحد هؤلاء المعتقلين الذين كانوا يمثلون عالمي في يوم ما، يجب علينا أن ننظر للحادثة من منظور إنساني بحت، ويجب أن يكون هناك لجنة تحقيق محايدة للتحقيق في هذا الحادث”.
وشدد السامعي على ضرورة أن يشمل التحقيق معرفة أسباب اعتقالهم أولاً، خصوصاً أن معظمهم أناس أبرياء ليس لهم علاقة بالحرب، وليسوا أسرى كما يطلق عليهم، بل معتقلون اختطفهم الحوثيون من الطرقات، والبعض من منازلهم، مؤكداً على ضرورة أن يتم التحقيق في المعاملة التي كانوا يتلقونها أثناء اعتقالهم، حيث كانوا محرومين من أبسط الحقوق، والبعض مرت عليهم أكثر من 3 سنوات لم يحظوا فيها بزيارة واحدة من أهاليهم، بالإضافة إلى حرمانهم من الرعاية الطبية والإنسانية.
وطالب بتحقيق دولي محايد في عملية القصف الهمجي، وما دفع التحالف لقصف هؤلاء المدنيين الأبرياء، ومحاسبة المتسببين، معبراً في الوقت ذاته عن رفضه القاطع لاستخدام هذه القضية في التجاذبات السياسية والصراع السياسي.

مقالات مشابهة