المشاهد نت

المنح الدراسية … تلاعب لصالح أبناء الدبلوماسيين في الخارج

تعز- خالد الحميري :

فصل جديد من فصول الفساد تشكل في نهب دبلوماسيين يمنيين في مصر للمنح الدراسية المخصصة لأوائل الجمهورية، ما أثار ضجة كبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تداول وثائق رسمية تثبت تورطهم في استبدال أسماء الطلاب الأوائل بعدد من أبنائهم.

واتهمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، السفارة اليمنية في القاهرة، بإسقاط أسماء خمسة من الطلبة الأوائل من كشوفات منح التبادل الثقافي، واستبدالهم بآخرين من خارج الكشوفات المعتمدة من الوزارة، معتبرة ذلك تدخلاً من السفارة في أعمال الملحقية الثقافية والمسؤولية الحصرية للوزارة.

المنح الدراسية ... تلاعب لصالح أبناء الدبلوماسيين في الخارج
بيان وزارة التعليم العالي

وأوضحت الوزارة في بيان حصل “المشاهد” على نسخة منه، أنها تلقت تظلماً من خمسة من الطلبة الأوائل المرشحين لمنح التبادل الثقافي بتاريخ 18 سبتمبر الجاري، يفيد بأن المحلقية الثقافية رفضت تسجيلهم في مقاعدهم.

ونفت الوزارة اتهامات السفارة اليمنية في القاهرة للوزارة بابتعاث عدد طلاب أكثر من مقاعد منح التبادل الثقافي المعتمدة لليمن من جمهورية مصر العربية، مستهجنة تدخل السفارة في أعمال الملحقية الثقافية، وتوجيه الملحق باستبدال الطلبة الأوائل بطلبة من خارج كشف الوزارة.

وأكدت أنها الجهة المسؤولة والوحيدة المخولة قانوناً بتوزيع المنح على أوائل الجمهورية والمحافظات، المتقدمين للمنافسة على منح التبادل الثقافي، التي تعلن عنها سنوياً بحسب قانون البعثات رقم 19 لسنة 2003، وأن الملحقية الثقافية في القاهرة هي المسؤولة أمام الوزارة عن متابعة أوضاع الطلاب المبتعثين في جمهورية مصر.

ونوهت إلى تسليمها المستشار الثقافي محمد العبادي جميع وثائق الطلاب المرشحين من قبل الوزارة للدراسات الجامعية للعام الحالي 2019 /2020 بتاريخ 30/7/2019 وعددهم 60 طالباً وطالبة، موضحة أسماءهم في الكشف المسلم له شخصياً.

وأكدت وفق البيان، أنها على تواصل مستمر مع الملحقية، وقد وجهت الملحق الثقافي خطياً باعتماد الكشف المرسل إليه من قبل الوزارة، وستتخذ الوزارة الاجراءات القانونية في حال المخالفة.

مراوغة السفارة

والد الطالبة فاطمة مساوى حجري الحاصلة على منحة تبادل ثقافي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لدراسة الطب في مصر أفاد بأنه تفاجأ بإقصاء ابنته التي رشحتها الوزارة لمنحة دراسية، واستبدالها بطالبة أخرى من خارج كشف الوزارة.

وقال حجري في حديث لـ”المشاهد” إن ابنته فاطمة من أوائل الجمهورية بمعدل ٩٩.٧٪ وحصلت على منحة دراسية طب بشري إلى مصر، لكنها حين وصلت إلى القاهرة وجدت السفارة اليمنية قد حولت منحتها الدراسية لإبنة أحد الدبلوماسيين.

وقال إن السفارة اليمنية في القاهرة استولت على منح خمسة من الطلاب الأوائل الفائزين بمنح التبادل الثقافي، ومنحتها لأبناء الدبلوماسيين ثم حاولت إعطاء الطلبة الخمسة مذكرة بخمس منح أخرى للدراسة على حساب وزراة التعليم العالي وهو مارفضته الوزارة.

وأضاف بأن السفارة دعت الطلاب للتسجيل في الجامعات وبدء الدراسة وفق المذكرة الجديدة الصادرة عنها، لكن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رفضت ذلك كون الطلاب مسجلين في منح التبادل الثقافي.

وقال حجري إن أهالي المبتعثين باعوا الغالي والنفيس من أجل أن يكمل أبناؤهم دراستهم في مصر وتحملوا تكاليف السفر والمعيشة لكنهم عند وصولهم للقاهرة اصطدموا بواقع مختلف، فالمنح أخذها أبناء الدبلوماسيين، ويحاولون الآن التهرب والمراوغة بتحويل الطلبة الأوائل إلى التعليم العالي.

تبرير السفارة

وكانت السفارة اليمنية في القاهرة اتهمت وزارة التعليم العالي بإرسال قوائم بعدد أكبر من مقاعد منح التبادل الثقافي المقدمة لليمنيين من مصر، وهي “ستون مقعداً لدرجة البكالوريوس، وخمسة وثلاثون مقعداً للدراسات العليا” وفق الاتفاق الذي وقعته وزارة التعليم العالي مع الجهات المصرية.

وأوضحت السفارة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن تلك الزيادة نتج عنها سقوط أسماء بعض الطلاب، كون العدد المرسل فاق المقاعد الممنوحة من الجانب المصري.

وأشارت إلى قيامها بمعالجة مشكلة الطلاب الذين لم يتم قبولهم بنفس الطريقة التي عالجت بها نفس المشكلة العام الماضي، من خلال قيام الدولة بدفع رسوم مقاعدهم الجامعية لهذا العام، على أن يتم إدراج أسمائهم في كشوفات العام القادم ضمن منح التبادل الثقافي.

تصرف غير قانوني

وتعليقاً على الموضوع، قال نائب وزير التعليم العالي الدكتور خالد الوصابي إن الوزارة تلقت شكوى رسمية من خمسة من الطلاب الأوائل تفيد بقيام الملحقية الثقافية في القاهرة باستبدال المنح الحاصلين عليها وفق المنافسة بالمعدل الذي أعلنت عنه الوزارة.

إقرأ أيضاً  وسيلة النساء لتحسين ميزانية الأسرة في رمضان 

وأضاف في تصريح لـ”المشاهد”: للأسف الشديد تفاجأنا بهذا التصرف غير القانوني، وهو ليس الأول الذي تقوم به السفارة، بل في كل عام نتفاجأ بقيام السفارة بشطب أسماء بعض الطلاب الأوائل واستبدالهم بآخرين من خارج كشف الوزارة.

وأوضح أن الوزارة أرسلت بعدد الطلاب وفق البروتوكول الموقع بين الوزارة وجمهورية مصر العربية، والذي يحدد عدد المنح الجامعية بـ 60 مقعداً ولم يذكر أبداً تخصيص أي مقاعد لأي جهة أخرى نهائياً.

وأكد أن الوزارة تقوم في كل عام بالإعلان عن هذه المنح كاملة بالمنافسة، وتقوم بابتعاث الطلاب إلى جمهوية مصر العربية، مشيراً إلى حصول نفس الإشكالية العام الماضي، لكن عدداً من الطلاب تغيبوا ولم تُثر الوزارة الموضوع.

مخالفة البروتوكول

وأشار إلى أن الوزارة نبهت السفارة اليمنية في القاهرة بعدم التدخل في أعمالها وعدم القيام باستبدال الطلاب، ولكن مع الأسف الشديد ظلت الأمور من سيء إلى أسوء وفق قوله.

وقال نائب الوزير : “في هذا العام تفاجأنا باستبدال عدد من الطلاب من قبل السفارة، وبنفس المبرر بأن هذه المقاعد محجوزة لأبناء السفراء والدبلوماسيين، وقد نبهنا أكثر من مرة أنه لايوجد في البروتوكول مايسمح بذلك، وقمنا بإرسال مذكرة للملحق الثقافي للالتزام بكشف الوزارة للفائزين بمنح هذا العام”.

وأضاف: “البروتوكول بيننا وبين السفارة أن نقوم نحن بالإعلان بشكل شفاف وواضح وبمعايير واضحة عن أسماء الفائزين بالمنح الدراسية، ثم نرسل الطلاب إليهم، ولكن تفاجأنا بأن السفارة والملحقية التي تتبعنا وللأسف الشديد تنفذ توجيهات السفارة، وقامت بشطب بعض الطلاب واستبدالهم بآخرين من خارج كشف الوزارة”.

وزاد : “نأمل من مسؤولي السفارة أن يكون لديهم روح المسؤولية، وأن يلتزموا بتوجيهات الوزارة، لأن السفارة ليس لها علاقة بتغيير الكشوفات أو توجيه الملحقية للقيام بذلك، كونه مخالف لقانون البعثات رقم 19 لعام 2003، الذي ينص أن الملحقية تتبع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مالياً وإدارياً، ويقتصر دور السفارة على الإشراف فقط”.

وأكد أن الوزارة تعمل بكل شفافية على توزيع المنحات للأوائل، فهناك لجنة ابتعاث يتم عن طريقها فرز ملفات المتقدمين بالكامل وإختيار الطلاب، والوزارة تعلن النتيجة بشكل واضح، وتحملنا أيضا عدد حوالي عشرين طالباً.

شكاوى متكررة

وأوضح نائب الوزير لـ”المشاهد” أن السفارة اليمنية في القاهرة تسببت في مشكلة أخرى العام الماضي، حيث قامت بتوزيع قرابة 50 مقعداً بالأزهر بدون علم الوزارة، وعندما قامت الأخيرة بإبتعاث طلاب للدراسة في هذه المقاعد فوجئت بأن السفارة قد وزعتها، فاضطرت إلى القيام بتدريسهم على نفقة الحكومة، وأدرجت أسماءهم ضمن 60 مقعداً ممنوحة لليمن هذا العام.

وأشار إلى تلقي الوزارة مئات الشكاوي من الطلبة اليمنيين في مصر تتعلق بتدخل السفارة في أعمال الملحقية، وكذا توقيف رواتب الطلاب من قبل موظفين في الملحقية بدون علم الوزارة، معبراً عن أمله في أن يتم تصحيح هذا الوضع غير القانوني، ويلتزم الجميع بالقوانين والبروتكولات المتفق عليها.

وكشف عن اتصالات مستمرة مع الملحقية والسفارة وعدد من المسؤولين في الحكومة وأعضاء مجلس النواب لإعادة الحق لأصحابه، مؤكداً أن الوزارة لن تقبل بأن يصبح أوائل الجمهورية على أرصفة الشوارع بعد استبدالهم بآخرين.

ويبلغ عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، موزعين على 38 بلداً حول العالم، بحسب المنسقية الإعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج، فيما تشير بيانات وزارة التعليم العالي إلى أن إجمالي مستحقات الطلاب المبتعثين للربع الواحد من العام تبلغ 13 مليون دولار.

فتح تحقيق مع السفارة

ووجه رئيس الحكومة معين عبد الملك وزارتي التعليم العالي والخارجية باستكمال إجراءات التحاق الطلاب الذين تم استبدالهم في الجامعات المصرية بحسب ترشيح وزارة التعليم العالي وهم: فاطمة حجري، فاطمة الخلاقي، مريم باعامر، وفاء عوانه وأسامه عبد اللطيف.

وبحسب وثيقة حصل “المشاهد” على نسخة منها، وجه عبد الملك الوزارتين بسرعة فتح تحقيق مع السفارة والملحقية الثقافية في القاهرة، وسرعة استكمال إجراءات التحاق الطلاب الخمسة المذكورة أسمائهم في الجامعات المصرية بحسب ترشيح وزارة التعليم العالي.

مقالات مشابهة