المشاهد نت

المعلمون في عيدهم العالمي يختنقون بالحرمان

تعز – محمد الحيدري:

في الوقت الذي تحتفي دول العالم بالمعلم في عيده العالمي الذي يوافق الـ5 من أكتوبر، يعيش المعلمون في اليمن، أوضاعاً معيشية قاهرة جراء انقطاع مصدر رزقهم المتمثل بتوقف صرف رواتبهم، وخصوصاً المعلمين الواقعين في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي مناسبة اليوم العالمي للمعلم، غابت تماماً مظاهر الاحتفاءات الرسمية بالمعلم في اليمن، ولم يجد المعلمون وسيلة للاحتفاء بعيدهم سوى وسائل التواصل الاجتماعي كـ”فيسبوك” و”واتساب”، التي مثلت وسيلتهم للتنفيس والتعبير عن أوجاعهم في تبادل الأحاديث ونشر المنشورات المعبرة عن واقعهم وظروفهم المعيشية القاهرة في ظل ظروف الحرب التي تعيشها اليمن.

حضرت الأوجاع وغاب الاهتمام بعيد المعلم

صادق سعيد، وهو وكيل مدرسة أساسية في صنعاء، يقول لـ”المشاهد”: “لم أعرف أن اليوم الـ5 من أكتوبر هو يوم عيد المعلم، وأنا أؤدي وظيفتي يومياً، حتى زملائي المدرسون في المدرسة لم يتذكروا أننا اليوم نعيش عيد المعلم. نحن نعيش أوضاعاً معيشية غاية في السوء، ولا نجد ما نأكله مع أولادنا، نعمل دون رواتب، ونجبر على أداء وظائفنا دون أجور، ومن يرفض يتعرض للفصل والاستبدال”.

“لم تعد إدارات المدارس أو المعلمون أنفسهم يهتمون بمثل هذه المناسبات، نتيجة أوضاعنا المعيشية الساحقة. نعيش للعام الـ4 دون راتب، ولا نجد ما نعيل به أولادنا”، كما يقول صادق، ويواصل: “لا مكتب التربية في المحافظة مهتم بإحياء هذا اليوم، ولا وزارة التربية والتعليم في صنعاء”.

وفي سياق متصل، يحاول أبو خالد، وهو مدرس في إحدى المدارس منطقة الرونة بمحافظة تعز، الاحتفاء بعيد المعلم بطريقته، في ظل التغييب وعدم الاهتمام بالمعلمين في اليمن، وذلك من خلال نشر الرسوم المعبرة في مجموعات “وتساب”؛ إذ يقول من خلال رسمته الشبيهة بالشجرة، إن الوزير والطبيب والشرطي والتاجر وجميع كوادر البلد، تربوا وتعلموا على يد المعلم الذي يعد اللبنه الأساسية لقطاع التعليم في أي بلد.

حرب مدمرة والتعليم أكثر القطاعات تضرراً

شكلت الحرب أداة مدمرة لقطاع التعليم في اليمن، ففي الوقت الذي تعرضت فيه مئات المدارس للتدمير، سحقت الحرب أيضاً واقع المعلمين، وأدخلتهم في ظروف معيشية قاهرة، دفعتهم إلى امتهان وظائف أخرى بحثاً عن لقمة العيش، مثل البيع في العربات المتجولة، وامتهان الزراعة أو النجارة، وغيرها من المهن.

إقرأ أيضاً  جمود القطاع السياحي بتعز في زمن الحرب

عبداللطيف سعيد، أستاذ تربوي في منطقة شرعب السلام بمحافظة تعز، يقول إن التعليم في اليمن، يمر في أسوأ مراحله، وإنه بعدما انقطع راتبه، ولم يجد ما يعيل به أسرته المكونة من 7 أفراد، لجأ إلى تعلم مهنة النجارة، وهو حالياً يعمل بها، محاولاً تلبية احتياجات أسرته.

إلى ذلك، يقول أحدث التقارير الرسمية الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إنه منذ أغسطس 2016، يعيش أكثر من مليون موظف يمني يعملون في القطاعات الإدارية بالعاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، دون رواتب، من بينهم 242 ألف معلم.

وبحسب التقرير، فإن 28% من المعلمين يقيمون في مناطق سيطرة الحكومة، ويتسلمون رواتبهم بانتظام، و72%، وهم بقية المعلمين الموجودين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لم يتسلموا رواتبهم.

يشار إلى أن راتب المعلم في اليمن يتراوح بين 60 و80 ألف ريال (ما يعادل 100 و130 دولاراً أمريكياً)، شاملاً الحوافز والمكافآت، وهو مبلغ لا يفي بأقل متطلبات الحياة.

ورغم المصاعب الكبيرة، فإن العدد الأكبر من المعلمين في اليمن -وخصوصاً النساء- لايزالون يتمسكون بمهنة التعليم، ولم يجدوا بديلاً، ولذا فضّلوا البقاء في وظائفهم.

وكانت السعودية والإمارات أعلنتا، نهاية العام الماضي، تقديم منحة للمعلمين، غير أن تلك المنحة لم يتم التوقيع عليها إلا في مايو الماضي، وجرى صرف المنحة على دورات، كان آخرها في يوليو 2018.

ووفق تصريحات صحافية للمتحدث باسم منظمة اليونيسف، كمال الوزير ، فإن المنظمة وزعت المنحة المالية على 127 ألف معلم وموظف، بواقع 50 دولاراً لكل معلم ومعلمة. وتكاد تكون هذه المنحة هي الوحيدة التي أعطيت للمعلمين، ولا تمثل أية قيمة تذكر، فـ50 دولاراً مبلغ ضئيل مقابل ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى 400%.

وفي ظل هذه الأوضاع، كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في أحدث تقاريرها، حذرت من انهيار شامل للمنظومة التعليمية في اليمن، وقالت إن وضع التعليم في اليمن يضع مستقبل مئات الآلاف من الأطفال على المحك.

وبحسب تقارير اليونيسف، فإن مليوني طفل لايزالون خارج المدارس، بمن في ذلك ما يقرب من نصف مليون تسربوا من الدراسة، منذ تصاعد النزاع في مارس 2015، وبات تعليم 3.7 مليون طفل على المحك، حيث لم يتم دفع رواتب المعلمين.

مقالات مشابهة