المشاهد نت

اتفاقية جدة المسربة… هل هي المرحلة الأولى لتأسيس الانفصال؟

عدن – أحمد عبدالله:

بدأ في العاصمة المؤقتة عدن، تنفيذ الخطوط العريضة لمسودة اتفاق جدة، الذي جرى في المملكة العربية السعودية، منذ أسابيع، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، قبل التوقيع على الاتفاق من قبل الطرفين، إذ تسلمت القوات السعودية معظم المرافق والمنشآت الحيوية في عدن، ومنها المطار، ومقر التحالف العربي، عقب انسحاب القوات الإماراتية من العاصمة المؤقتة.
ونشر موقع “الجزيرة نت” مسودة اتفاق جدة، الذي يهدف لإنهاء الانقلاب الذي نفذه “الانتقالي”، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي ركز على ضمانات تنفيذ الاتفاق، والأطراف المشاركة فيه.
ونص الاتفاق المسرب، على تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفة بين الشمال والجنوب، استناداً إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، على أن يتم منح المجلس حقيبتين وزاريتين، ويتم احتواء باقي المكونات الجنوبية الأخرى في حقائب مماثلة في إطار الحكومة.
ومن أبرز بنود الاتفاقية المسربة، عودة الحكومة إلى عدن، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية والأجهزة المتصلة بها، وضم التشكيلات المختلفة ضمن قوام وزارتي الداخلية والدفاع، فضلاً عن إلزام مختلف الأطراف بإنهاء أي تشكيلات أمنية خارج إطار الدولة.


وسربت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، نقلاً عن مصادر مطلعة، بنود اتفاقية مغايرة لما نشره موقع “الجزيرة نت”، من بينها: أن يكون المجلس شريكاً ممثلاً للجنوب في مفاوضات السلام، على أن يتم تأجيل موضوع الأقاليم حتى القضاء على انقلاب الحوثيين، إضافة إلى إيقاف جميع الملحقين في السفارات، وإعادة هيكلة الوظائف الدبلوماسية والوكلاء في الوزارات الحكومية، وإعادة تشكيل الوضع الأمني والعسكري، واعتبار المقاومة الجنوبية قوات شرعية جنوبية، على أن تتولى النخب والأحزمة الأمن في الجنوب، فيما تتولى النخبة الأمن في محافظة شبوة، بإشراف وإدارة القوات السعودية، وفق الصحيفة.

نص الاتفاق المسرب، على تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفة بين الشمال والجنوب، استناداً إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، على أن يتم منح المجلس حقيبتين وزاريتين، ويتم احتواء باقي المكونات الجنوبية الأخرى في حقائب مماثلة في إطار الحكومة.

تجزئة اليمن

تباينت تفسيرات المتابعين للشأن اليمني، لبنود اتفاق جدة، فهناك من رأى أنه سيزيد من إضعاف السلطة، وآخرون يعتقدون أنه سيقلص من نفوذ “الانتقالي”، كونه سيصبح مجرد شريك في الحكومة التي نفت تلك التسريبات، ووصفها المتحدث باسمها راجح بادي، بأنها مشبوهة.
ويعتقد المحلل السياسي عبدالباقي شمسان، أن اتفاق جدة يسير في نفس الاستراتيجية التي تسعى إلى تجزئة اليمن من حيث ثنائية الهوية الوطنية، بخاصة أن الإمارات هي التي نفذت الانقلاب قبل “الانتقالي” الذي تدعمه، مؤكداً أن السعودية لم تتخذ الموقف المناسب وفقاً لمسوغات تدخل التحالف في اليمن وأهدافه المعلنة.
وأرجع سبب تلك التوقعات، في حديثه مع “المشاهد”، إلى وجود دول إقليمية تدعم الفاعلين، بعيداً عن الدولة، سواء في صنعاء أو في عدن.
وتوقع شمسان أن تتبع المرحلة الانتقالية فك الارتباط؛ كون إيران من مصلحتها انفصال الشمال عن الجنوب، لتتفرغ للرياض، وتأسيس “الجمهورية الإسلامية اليمنية”، كـ”إيران صغرى” في الحد الجنوبي السعودي، بينما يستمر مشروع الإمارات بالاستيلاء على المقدرات النفطية، والمواقع المهمة، وتعطيل ميناء عدن، في إطار استراتيجية الهيمنة على الممرات البحرية، ما يعني أن الاتفاق لن يُقلص صلاحياتها.
واستطرد: “كان يمكن ألا يحدث انقلاب “الانتقالي” في عدن، لكنه تم، وبدعم خليجي، واتفاق جدة متسق مع مؤامرة تجزئة اليمن والاستيلاء على الثروات في لحظة ضعف البلاد”، لافتاً إلى وجود المجتمع الدولي في اليمن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وفي الممرات المائية لحماية الملاحة الدولية، ما يعني استفادة الجميع مما يجري الآن، مع وجود سيطرة إيرانية على الشمال، وجنوبية من قِبل الإمارات، وشرقية من قِبل السعودية.
وأكد أن السعودية أكلت الطعم وستخسر، وسيتم إعلان حزب الله اليمني في المناطق الشمالية، وستدفع ثمن ذلك، وفق قوله.

إقرأ أيضاً  الاقتصاد في مناطق الحوثي.. «ركود وابتزاز»

التأسيس لحروب قادمة

ويستحضر الكثير من المراقبين تجربة الحكومة مع انقلاب الحوثيين في صنعاء عام 2014، والتي أصبح الحوثيون عقب بعض الاتفاقات معهم متصدرين للمشهد، وفي موضع قوة، وعليه يقول الباحث في الشؤون السياسية عدنان هاشم، إنه كان يمكن أن يحصل الأشخاص في “الانتقالي” على مناصب بصفتهم الشخصية، محذراً من خطورة خلق كيان جديد يكتسب شرعيته من اعتراف الحكومة المعترف بها دولياً، كون ذلك يؤسس لحروب صغيرة في مستقبل اليمن، قد تؤثر بشكل كبير على بقاء البلد متماسكاً، وقد تحول جنوب البلاد إلى دويلات.
ويرى هاشم، في معرض حديثه لـ”المشاهد”، أن أي اتفاق لا ينهي “الانتقالي الجنوبي” بحلّه تماماً، وإعادة دمج القوات على أسس وطنية جامعة، فإن وجود المجلس وذراعه الأمنية، المدعوم إماراتياً ككيان، يعتبر مشكلة كبيرة في مستقبل البلاد، ويكرر تجربة الحوثيين عام 2014، عندما سيطروا على العاصمة صنعاء. وقال: “ستبقى الحكومة غطاء لتحركات “الانتقالي” القادمة‎”.
وهو ما لا يذهب عنه بعيداً، المحلل السياسي شمسان، الذي اعتبر خضوع “الانتقالي” للسلطة، بأنه مجرد نظري، وعزا ذلك إلى وجود 90 ألفاً من ذراع “الانتقالي” العسكرية، ودفع الإمارات مرتباتهم، والمضي في مشروعها الهادف إلى الانفصال دون أن تتحمل المسؤولية، يقابله وجود “وهمي للحكومة على الجغرافيا”، حد وصفه.

رد “الانتقالي”

عقب كل تلك التسريبات، شنت مواقع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وأخرى تابعة للإمارات، هجوماً على الحكومة، بعد وصف ناطقها راجح بادي، للتسريبات بالمشبوهة، والذي نفى كذلك قرب التوقيع على الاتفاق بين الطرفين.
واعتبر الناشط السياسي يحيى غالب الشعيبي، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، ذلك، بأنه يكشف عن حجم الخلافات داخل الحكومة، التي تشهد خلافات حادة تهددها بالزوال، خصوصاً وأن تلك الخلافات متعددة بين أكثر من تيار وحزب داخل الحكومة المفككة أصلاً، وفق قوله.
وأكد المتحدث باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم، في بيان نشره في صفحته على موقع “فيسبوك”، أن الحوار لازال مستمراً، معتبراً التسريبات بأنها تأتي ضمن اختراق ما سماه “جماعة الإخوان المسلمين” لتلك المؤسسات الإعلامية، وتوظيفها لإفشال جهود المملكة في إنجاح الحوار.
وأضاف: “سنكون مع المملكة ودولة الإمارات وقياداتهم للحوار، والمشروع العربي سينتصر مثلما سينتصر مشروعنا الوطني الجنوبي”.
وشهدت العاصمة المؤقتة عدن سابقاً، عدة انقلابات، نفذها المجلس الانتقالي، الذي خاضت قواته معارك عسكرية، من وقت لآخر، ضد قوات الجيش الحكومي.

ماذا يجب على الحكومة فعله؟

وفقاً لشمسان، فإن الأحرى عدم الاعتراف بالانقلاب في عدن وحسمه لصالح الحكومة، التي يقول إنها “في غرفة الإنعاش منذ أن سلمت مصيرها للرياض، مؤكداً على ضرورة عودتها إلى الجنوب لإدارة المحافظات، ثم التفرغ لإنهاء انقلاب صنعاء. لكنه يضيف: “مهما كانت المؤامرات الإقليمية، فإن الشعب سيعلن عن كلمته، ولن يقبل بما يجري، خصوصاً مع وجود هويتين، غير أن ذلك يحتاج إلى بعض الوقت”.

مقالات مشابهة