المشاهد نت

الجوف … مدينة “الحزم” يسكنها الإهمال والأوبئة

الجوف – علي صالح الجرادي:

غابت محافظة الجوف الواقعة شمالي شرق البلاد، من ذهنية القرار السياسي، واهتمامات الدولة وحكوماتها المتعاقبة، طيلة العقود الماضية، ولم تكن لتحضر كمحافظة في ذهنية اليمنيين، سوى في “نشرة الأحوال الجوية”، أو في أسوأ الأحوال كمساحة مفتوحة للقتل والثارات القبلية التي عمد نظام الحكم السابق على تغذيتها، وإغراق القبائل هناك في أتون صراعاتها الكارثية، حتى وقت قريب من سيطرة القوات الحكومية على مدينة الحزم، مركز المحافظة، والتي يتوسطها شارع رئيسي واحد.


وتصل مساحة محافظة الجوف التي تبعد 143كم شمالي شرق العاصمة صنعاء، حوالي 39 ألف كيلومتر مربع، أي حوالي 7.2% من إجمالي مساحة اليمن.
وتعد الجوف التي يبلغ تعداد سكانها 532 ألف نسمة، موطن مملكة معين القديمة، التي ظلت آثارها ماثلة للعيان، قبل أن تتعرض للتخريب، بهدف سرقة الآثار.
وشهدت محافظة الجوف مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي، الذين مازالوا يسيطرون على أجزاء من المحافظة.
وسيطرت القوات الحكومية على مدينة الحزم، عاصمة المحافظة، في ديسمبر 2015، لكنها ماتزال تتعرض لصواريخ الحوثيين بين الفينة والأخرى.
ويوجد في محافظة الجوف منفذ البقع الحدودي مع السعودية. لكن هذا المنفذ الحدودي مازال مغلقاً أمام المسافرين من السعودية إلى اليمن، رغم سيطرة القوات الحكومية له مؤخراً.

الجوف ... مدينة "الحزم" يسكنها الإهمال والأوبئة
مدينة الحزم بعدسة “مراسل المشاهد ”

مدينة مهملة

المحافظة الصحراوية التي تتقاسمها 12 مديرية، وجدت نفسها أمام مرحلة جديدة وفرصة تاريخية لتعويض سنوات الحرمان والغياب اللذين عاشتهما خارج إطار الدولة، لكنها وبعد أكثر من 3 أعوام من السيطرة على مركزها، وتحولها إلى قبلة لآلاف النازحين القادمين من مناطق ومحافظات يمنية مختلفة، لم يتغير واقع الحال.
ورغم الاكتظاظ السكاني والحركة التجارية النشطة التي تشهدها مدينة الحزم، في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا التحول قوبل بإهمال الجهات الرسمية التي لم تبادر حتى الآن بتوسعة الشوارع الرئيسية، والاهتمام بواجهة المحافظة، بحسب عبدالحكيم الخولاني، أحد سكان الجوف.


وقال الخولاني لـ”المشاهد”: “لم يتم ترتيب وضع المدينة. البسطات على امتداد الشارع الرئيسي الضيق والوحيد، وهو ما يسبب اختناق الحركة وتوقف السيارات لساعات طويلة وعرقلة المسافرين، إضافة إلى انتشار العشوائيات، وعدم وجود توسعة للشوارع كي تواجه هذا الاكتظاظ”. ويتهم عبدالحكيم السلطة المحلية بالعبث والتجاهل الرسمي لاحتياجات مركز المحافظة التي ماتزال في الواقع قرية نائية، رغم فرص التحولات التنموية، سيما في ظل تواجد النازحين.


ويرى عبدالرحمن يحيي، أن غياب الرؤية التنموية وجهل السلطة المحلية بأهمية إحداث تغيير ماثل في مدينة الحزم، باعتبارها النافذة التي يطل منها الناس إلى الجوف، وواقعها الجديد، سبب بقائه على الحال السابق.
وقال لـ”المشاهد”، متحسراً: “ذهبت السلطة المحلية لافتتاح شوارع بعيدة وخارج المدينة، وأهملت مركزها الذي كان من المفترض أن يكون أولوية مشاريعها واهتماماتها طيلة الأعوام الثلاثة الماضية”.
والمؤسف، بنظر الخولاني، هو عدم اهتمام السلطة المحلية بالطرقات الرئيسية التي تربط المحافظة ببقية المحافظات المجاورة، حيث تعرضت مساحات كبيرة من الطريق الرابط بين محافظتي الجوف ومأرب، إلى تصدعات وتشققات، فاقمت من معاناة المسافرين من وإلى الجوف، والبعض منها تعرض للانهيار الكلي نتيجة تدفق سيول الأمطار على المحافظة، في ظل غياب دور السلطات المحلية والقيام بمسؤوليتها حيال هذه القضية.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب
الجوف ... مدينة "الحزم" يسكنها الإهمال والأوبئة

عبدالرحمن يحيي : ذهبت السلطة المحلية لافتتاح شوارع بعيدة وخارج المدينة، وأهملت مركزها الذي كان من المفترض أن يكون أولوية مشاريعها واهتماماتها طيلة الأعوام الثلاثة الماضية.

غياب شبكة الصرف الصحي

وتغيب شبكة الصرف الصحي عن مدينة الحزم، حتى اليوم، رغم ما تشهده المحافظة من حركة عمرانية، وإن بدت أقل بكثير قياساً بالمحافظات المجاورة، إلا أنها تمثل نقلة نوعية في ماضي وحاضر هذه المحافظة.


وكان ينبغي على السلطات المحلية الوقوف عند مشروع الصرف الصحي، والاشتغال على تنفيذه، للحد من المخاطر البيئية والصحية، وما يعانيه السكان من تفشي الأمراض والأوبئة الأكثر فتكاً، جراء انتشار المخلفات والمستنقعات المائية في الطرقات والأحياء السكنية، خصوصاً مع هطول الأمطار، وما ينتج عنها من كوارث بيئية وصحية، وسط تذمر واسع من قبل المواطنين من غياب الجهات المعنية، وعدم التفاتتها للأخطار المحدقة بالوضع الصحي والإنساني المتدهور، بحسب أحمد غازي، النازح من محافظة حجة.
وعن أسباب غياب قنوات الصرف الصحي، أكد مدير عام صندوق النظافة والتحسين، محسن الصرط، لـ”المشاهد” أن الصندوق يواجه تحديات كبيرة تعيق عمله والقيام بواجباته، من بينها عدم تمكينه من مهامه وإيراداته الكاملة، مشيراً إلى أن مطالب كثيرة تم تقديمها للسلطة المحلية بخصوص توفير كل احتياجات عمل صندوق النظافة بالمدينة.

الجوف ... مدينة "الحزم" يسكنها الإهمال والأوبئة
مجاري تتسبب بانتشار الكثير من الأوبئة

انتشار للأوبئة

عدم وجود شبكة صرف صحي في مدينة الحزم، فاقم من معاناة السكان، الذين يعانون من انتشار الأوبئة جراء ذلك.
وقال غازي: “أطفالنا أهلكتهم الأمراض، البعوض والحشرات منتشرة بشكل مخيف في المدينة، بسبب المستنقعات والقمامة المكدسة في الأحياء والطرقات، والسلطة المحلية متجاهلة لمعاناة الناس، كأن الأمر لا يعنيها”.
وعللت إدارة صندوق النظافة والتحسين بعاصمة الجوف، الوضع البيئي القائم في المدينة، بنقص وسائل النقل والمعدات الخاصة بالنظافة، إضافة إلى الاحتياج الكبير للعمال، كون القوة العاملة والموجودة في الميدان لا تغطي مساحة المدينة.

مقالات مشابهة