المشاهد نت

الحرب ضاعفت من معاناة الصيادين على طول الساحل الغربي

الحديدة – علي حسن :


يعود عبده فتيني إلى خيمته في مخيم الجشة بالخوخة، بعد الواحدة ظهراً، لتناول الغداء مع أطفاله وزوجته، بعد ساعات عمل مضنية يقضيها على دراجته النارية التي أصبحت مصدر الدخل الوحيد لإعالة أسرته، بعد أن خسر قارب صيده الذي اشتراه بـ1.5 مليون ريال يمني (يعادل 2600 دولار) جراء انفجار لغم بحري.
وقال فتيني الذي خسر أيضاً بيته في قرية “منظر” التابعة لمديرية الحوك بمدينة الحديدة (غربي اليمن)، إن وضعه المادي قبل الحرب كان جيداً، حيث كان الاصطياد يوفر له دخلاً استطاع من خلاله بناء بيت مناسب لأسرته، وتوفير احتياجاتهم. لكنه نزح منها بسبب اشتداد المعارك الدائرة بين جماعة الحوثي والقوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، في أطراف قريته، العام الماضي.

فقد 30 ألف صيّاد مصادر دخلهم على طول الساحل الغربي لليمن، بسبب الحرب التي حصدت أرواح 133 صياداً، ودمرت 204 قوارب للصيادين، بحسب تقرير حكومي للهيئة العامة للمصائد السمكية.


وفقد 30 ألف صيّاد مصادر دخلهم على طول الساحل الغربي لليمن، بسبب الحرب التي حصدت أرواح 133 صياداً، ودمرت 204 قوارب للصيادين، بحسب تقرير حكومي للهيئة العامة للمصائد السمكية.


معاناة الصيادين


ومع بدء الاشتباكات، غادر سكان قرية منظر، وتفرقوا في مخيمات النزوح في مدينة الخوخة، بحسب فتيني، مشيراً إلى أن الصيادين تركوا قواربهم راسية في مرسى منظر، على أمل العودة إليها بعد انتهاء الحرب، غير أن أمواج البحر نقلت الألغام البحرية التي نشرتها جماعة الحوثي، إلى المرسى، ما أدى إلى انفجار قوارب الصيادين الراسية، وتحويلها إلى ركام.

الحرب ضاعفت من معاناة الصيادين على طول الساحل الغربي
صيد في الساحل الغربي – عدسة مراسل” المشاهد”


“لدى عودتي إلى قريتي، بعد أن هدأت الأوضاع قليلاً، لتفقد البيت، وجدته مدمراً بقذيفة لا أعرف مصدرها، ومنهوباً بالكامل، ووجدت قاربي الذي وفرت المال لشرائه، ركاماً على المرسى”، وفق قوله، مضيفاً أنه من الصعب عليه العمل بلا قارب في قريته التي لطالما حلم بالعودة إليها والاستقرار فيها.
بقي فتيني في مخيم النزوح بانتظار معونات المنظمات، ولأنها لا تصل في وقتها دائماً، “ولا تكفي لإطعامنا، جمعت ما تبقى لي من مال، وبعت ذهب زوجتي، واشتريت دراجة نارية للعمل عليها”، يقول فتيني.
ولم تتوقف معاناة الصيادين في الساحل الغربي، على منطقة واحدة، فالجميع تقريباً نالهم نصيبهم من الألغام البحرية والغارات الخاطئة والتشرد.

مايزال 50 صياداً من أبناء “النخيلة”، مهجرين بسبب الحرب، ولم يستطيعوا العودة إلى منازلهم، بعد أن سرقت محركات قوارب بعضهم، مع دخول المقاومة الشعبية المدعومة من الإمارات. فيما تعرضت قوارب بعضهم للقصف من قبل طيران التحالف، والبعض توقفوا عن الصيد بسبب قلة إمكاناتهم في الحصول على شباك صيد، ومن بقي منهم في ممارسة الصيد لا يتجاوزون 25 صياداً .


وتعرض أكثر من مرسى ومركز إنزال سمكي في الساحل الغربي للقصف منذ بدء المواجهات في محافظة الحديدة، ومنها مرسى النخيلة بمديرية الدريهمي الذي استهدفته غارة جوية نهاية العام 2016، ما أدى إلى تدميره كلياً.
وبحسب مدير مركز الإنزال السمكي بمرسى النخيلة بمديرية الدريهمي، محمد غبق، فإن 365 صياداً فقدوا مصدر رزقهم، بعد تعرض قواربهم البالغة عددها 150 قارباً، للدمار.
وصارت مهنة الاصطياد صعبة للغاية، ومحفوفة بالمخاطر، مع وجود الألغام الأرضية، واستمرار القصف الجوي لطائرات التحالف.

إقرأ أيضاً  مخاوف الصيادين من تداعيات "روبيمار"

النزوح يضاعف من المعاناة

ورافق العمليات العسكرية التي اندلعت بين القوات الحكومية، موجات نزوح للمواطنين، ومن ضمنهم شريحة الصيادين الذين يشكلون الجزء الأكبر من السكان على طول الساحل الغربي.
ومايزال 50 صياداً من أبناء “النخيلة”، مهجرين بسبب الحرب، ولم يستطيعوا العودة إلى منازلهم، بعد أن سرقت محركات قوارب بعضهم، مع دخول المقاومة الشعبية المدعومة من الإمارات. فيما تعرضت قوارب بعضهم للقصف من قبل طيران التحالف، والبعض توقفوا عن الصيد بسبب قلة إمكاناتهم في الحصول على شباك صيد، ومن بقي منهم في ممارسة الصيد لا يتجاوزون 25 صياداً، يبيعون صيدهم بمركز الإنزال في النخيلة، بحسب غبق.
وكانت قوات المقاومة المشتركة المدعومة إماراتياً، خاضت مواجهات عنيفة مع جماعة الحوثي في محافظة الحديدة، منذ نهاية العام 2017، وتمكنت من السيطرة على مساحات واسعة من الساحل الغربي لليمن، بحسب غبق، قائلاً: “لم يستطع المرسى أن يوفر شيئاً للصيادين، وذلك بسبب ما يعانونه من تكاليف نقل الصيد على عربات الأجرة إلى مركز الإنزال، وبسبب غلاء قيمة البترول، حيث صل سعر الـ20 لتراً إلى 13.000 ريال.
وضاعف من معاناة الصيادين، عدم وجود برادات تؤمن أسماك الصياد، وتحميها من التلف، إذ يؤدي تلف الأسماك إلى نقص قيمتها، ولم يحصل الصيادون على أي دعم مالي أو معنوي، بحسب غبق، علماً أن بعضهم لديهم قوارب بدون محركات، وبعضهم لديه قوارب عبارة عن براميل زرقاء، وآخرون مازالوا يستخدمون الأشرعة في الصيد، وآخرون يعملون بالأجرة اليومية، كما يقول.

ترميم المرسى لم يشفع للصيادين بالعودة

ورغم إعادة ترميم هذا المرسى، العام 2018، بعد استعادة السيطرة على “النخيلة”، من قبل القوات الحكومية، إلا أن أغلب الصيادين ظلوا نازحين، ولم يعودوا لممارسة مهنتهم، بحسب مدير مركز الإنزال السمكي بمرسى النخيلة، محمد غبق، الذي فقد هو الآخر الرغبة في مزاولة الصيد، رغم عودته إلى قريته، مشيراً إلى أن المرسى بقي على حاله الأول، بدون بناء دكة أو لسان بحري لحماية الصادين من الأمواج والعواصف البحرية.
بنت الدولة مركز الإنزال السمكي في مرسى النخيلة، عام 2006، لكنها لم تقم ببناء لسان بحري أو دكة من أجل سلامة قواربهم وحمايتها من الرياح والعواصف، والتخفيف عنهم عبء وتكاليف نقل محصولهم السمكي من مكان المرسى إلى المركز الذي يبعد عنه قرابة نصف كيلومتر، ما يكلفهم مشقة في النقل على العربات، أو حمل محصولهم السمكي على أكتافهم.
وكان الصيادون القدامى يستخدمون طرقاً بدائية في اصطياد الأسماك، كـ”الخيوط والجلب والسخي”، ويرسون بقواربهم الشراعية في مرسى النخيلة.
وفي 1985م، توفرت القوارب الحديثة ذوات المحركات، وتوفرت معها شباك الصيد مثل “الشواتل وشباك الدرس والقدو والباغة”، فبدأت مهنة الصيد تتحسن، لكنها أصيبت بانتكاسة كبيرة مع وصول الحرب إلى مناطق الصيادين على طول الساحل الغربي.

مقالات مشابهة