المشاهد نت

” الثروة السمكية” : بدء مرحلة التعافي وتجاوز أضرار الحرب

عدن – بديع سلطان:

يصادف الـ21 من نوفمبر في كل عام، اليوم العالمي للثروة السمكية، وكإحدى الدول التي تمتلك ثروات هائلة من الأحياء البحرية، تحتفل اليمن مع سائر العالم بهذه المناسبة.
وتقع الثروة السمكية في موقع محوري ورئيسي من الاقتصاد الوطني في اليمن، وتمثل صادراتها وإيراداتها أحد مصادر الدخل الوطني الأساسية للبلاد.
غير أن هذا القطاع الحيوي لقي نصيباً من التدمير والتخريب خلال فترة الحرب التي مازال اليمن يعاني منها حتى اليوم.
ومنذ بدء الحرب في 2015، تعرض قطاع الأسماك في اليمن لخسائر كبيرة، نظراً لتخريب البنية التحتية لمراكز الإنزال السمكي في المدن الساحلية، ونزوح الصيادين من مناطق القتال وتدمير قواربهم التقليدية، بالإضافة إلى توقف عمليات التصدير عبر الموانئ اليمنية.
بالإضافة إلى سقوط العشرات من الصيادين ما بين قتيلٍ وجريح؛ نتيجة تعرضهم للقصف أو مشاركتهم في الدفاع عن مدنهم وقراهم، خصوصاً في مناطق عدن والمخا والحديدة، وكذا وقوع العشرات منهم في الأسر والاعتقال لدى جماعة الحوثي.
“المشاهد” تواصل مع وزير الثروة السمكية اليمني، فهد سليم كفاين، وطرحت عليه العديد من المحاور حول واقع القطاع السمكي، وتأثيرات الحرب عليه، وجهود دعم وتطوير الصياد اليمني، والحفاظ على الثروة السمكية في البلاد، وأجاب عليها بشكلٍ حصري.

إنقاذ البنية التحتية

أكد الوزير كفاين لـ”المشاهد” أن الحرب في اليمن أتت على البنية التحتية للقطاع السمكي، بشكل كبير ومدمر، ولهذا سعت الوزارة إلى مواصلة جهودها الرامية لاستدامة الثروة السمكية، وتعافي القطاع السمكي وتنميته، وتحسين سبل العيش لدى الصيادين اليمنيين، والمجتمعات الساحلية بصورة عامة.
وقال: “منذ بدء استئناف العمل من العاصمة المؤقتة عدن، توجهنا لإنقاذ البنية التحتية السمكية، وشرعنا في العمل على 3 مستويات، تمثل الأول بالبناء المؤسسي للقطاع السمكي وتأهيل المنشآت السمكية بدايةً من عدن، ثم انتقلنا إلى بقية المحافظات التي تمت إعادة السيطرة عليها،
حيث تم العمل على تأهيل 17 منشأة سمكية، منها 7 منشآتٍ بدعم محلي، وبتكلفة 450 مليون ريال، وبقية المنشآت أعيد ترميمها بدعمٍ من المانحين”.
وتم تأهيل وترميم مبنى ديوان الوزارة في المجمع السمكي، بمنطقة حجيف في مديرية التواهي بعدن، واستكمال المشروع وافتتاحه، وتأهيل الدور الرابع من مبنى هيئة المصايد، الذي تم استكماله وافتتاحه أيضاً، بحسب كفاين، مؤكداً على تأهيل وترميم ثلاجة 800 طن في “الدوكيارد” (مركز الإنزال السمكي الرئيسي) بمديرية التواهي، ويجري حالياً استكمال إجراءات العمل في المشروع، إلى جانب تأهيل مبنى هيئة الأبحاث في جزيرة العمال، وتأهيل ما نسبته 70% من مركز الأحياء المائية في مديرية البريقة، واعتماد تأهيل مركز التلوث البحري في المديرية نفسها.
ومن المنشآت السمكية التي تم ترميمها في عددٍ من المحافظات اليمنية، سوق الأسماك في مدينة الحوطة بمحافظة لحج (جنوب اليمن)، وتم افتتاحه العام الماضي، واستكمال تأهيل 5 مراكز إنزال سمكي وساحات “حراج” في كل من مديرية المخا بمحافظة تعز (جنوبي غرب البلاد)، والخوخة بمحافظة الحديدة (غرباً)؛ بتمويل من الأشقاء في الهلال الأحمر الإماراتي، بالإضافة إلى تأهيل مركزي الإنزال السمكي في أرخبيل سقطرى؛ بتمويلٍ من منظمة الفاو، وجارٍ تنفيذ المشروع، كما يقول كفاين.

مشاريع قيد الإنجاز

وأشار الوزير كفاين إلى أن ثمة مشاريع تم اعتمادها من الحكومة، وتم إنجاز دراساتها، وتجري حالياً الإجراءات المتعلقة بالمناقصات لتنفيذ المشاريع التي تم اعتمادها من قبل الحكومة، بعد إنجاز دراستها، مثل كواسر الأمواج في مديرية أحور بمحافظة أبين، وأرخبيل سقطرى، ومنطقة قصيعر بحضرموت، وتأهيل 3 مراكز إنزال سمكي في كل من سيحوت وقاشن ومحيفيف في محافظة المهرة، وإنشاء مركز للصادرات في منفذ الوديعة، وإنشاء ميناء شقرة السمكي في محافظة أبين، حيث تم إنجاز الدراسات والمسوحات والتكلفة، وجارٍ استكمال الإجراءات.
وكشف عن مشاريع معلوماتية حديثة، تساعد على تطوير العمل وتحديثه في القطاع السمكي، كاعتماد شبكة المعلومات الحديثة بين 60 مركزاً للإنزال السمكي، وبين مركز المعلومات السمكية في ديوان الوزارة، بالإضافة إلى اعتماد إنشاء غرفة عمليات في ديوان الوزارة في العاصمة المؤقتة عدن، وتحديث وتطوير عدد من اللوائح المنظمة للتداول السمكي وتصدير المنتجات السمكية، بما يعزز تحسين الجودة.

استئناف تصدير الأسماك

توقفت عمليات وأنشطة تصدير الأسماك إلى خارج البلاد، منذ اندلاع الحرب في 2015، مما أضر بالاقتصاد الوطني، غير أن وزارة الثروة السمكية سعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، على استئناف تصدير الأسماك إلى أكثر من 17 دولة حتى الآن، منها دول أوروبية، بحسب الوزير كفاين.
وقال إن قيمة صادرات اليمن من الأسماك والأحياء البحرية، خلال عام 2019، بلغت أكثر من 40 مليون دولار، مشيراً إلى أن معظم الصادرات تتم عبر منفذي الوديعة وشحن البريين على الحدود مع السعودية وعُمان، وميناءي عدن والمكلا.
وأكد أن الصادرات اليمنية من الأسماك إلى الخارج، تنامت خلال العامين الأخيرين، بعد أن بدأ القطاع السمكي بالتعافي نتيجة اهتمام الحكومة بدعمه والسعي لإعادة تأهيله ومعالجة التحديات التي تواجهه.
وقال إن صادرات اليمن من الأسماك والأحياء البحرية تصل إلى 34 دولة عربية وآسيوية وأفريقية، بالإضافة إلى دول أوروبية كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، فضلاً عن استئناف أنشطة الإحصاء والرقابة في 61 مركزاً للإنزال السمكي في سواحل المحافظات المحررة؛ مما جعل الإحصاء السمكي يتدفق إلى ديوان الوزارة.

إقرأ أيضاً  إيناس تتحدى الإعاقة وتلهم المجتمع  

تعويضات للصيادين المتضررين

وفي ما يخص تعويض الصيادين الذين تعرضت معداتهم وقواربهم للتخريب والتدمير أو الاحتجاز خلال الحرب، قال كفاين إن الوزارة عملت على مساعدتهم من خلال عدد من المشاريع الإغاثية وسبل العيش، وإعادتهم إلى طريق الإنتاج والعمل، من خلال توزيع 500 قارب ومحرك بتمويل حكومي، وبالإضافة إلى توفير 1300 قارب ومحرك بتمويل خارجي من المانحين، وعلى رأسهم الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، لافتاً إلى توزيع 16 ألف شبكة صيد، وحافظات الأسماك، ومعدات أخرى تتعلق بالسلامة، بتمويل من منظمة الفاو والصليب الأحمر ومنظمات أخرى. مؤكداً أنه سيتم استكمال تعويض ومساعدة بقية الصيادين في محافظات مختلفة، التي لاتزال بحاجة إلى مثل هذا التدخل.

إعادة نشاط الجمعيات الساحلية

تميز القطاع السمكي في اليمن، منذ عقود، بوجود جمعيات سمكية رسخت العمل التعاوني بين الصيادين، ووفرت خدمات كثيرة لهم، ودافعت عن حقوقهم، وساعدتهم معيشياً. ولهذا اهتمت بها وزارة الثروة السمكية، واعتمدتها لتحسين معيشة الصيادين من خلال التنسيق مع بقية الجهات الرسمية والمانحين؛ لتنمية وإعمار التجمعات الساحلية من خلال توفير الخدمات الأساسية لها، وهناك توجه من الداعمين والحكومة لهذا التدخل الذي يعتبر طارئاً وملحاً.
واتهم كفاين، جماعة الحوثي، بالعبث بالقطاع السمكي وموارده، وجعله في وضعٍ حرجٍ وغير مثالي، مؤكداً تركيز وزارته خلال الفترة الماضية على مواجهة أضرار الحرب والكوارث الطبيعية كالأعاصير والعواصف، وتأهيل مراكز الإنزال السمكي؛ وإعادة تفعيل الأبحاث والدراسات العلمية السمكية؛ “حتى تكون قراراتنا نابعة من وعيٍ وإدراك، تجاه ما نمتلكه من مخزونٍ سمكي”.
وأكد أن الوزارة تعمل بكل جهد لحماية الصيادين التقليديين اليمنيين من شركات الاصطياد الدولية في المياه الإقليمية، مشيراً إلى أن ذلك يتم عبر القنوات الدبلوماسية المختصة، لمنع الاعتداء والانتهاك الممنهج للحرمات السمكية والثروات اليمنية، وهو أمر لا يجب السكوت عنه، ويستوجب تدخلاتٍ من أعلى المستويات، وهو ما تقوم به الوزارة، بالتنسيق مع الحكومة اليمنية.

تحديات تواجه القطاع السمكي

من جانبه، قال رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السمكي، علي بن شبا، إن نشاطات الاتحاد تواجه مصاعب ومشكلاتٍ كبيرة، بعد تدمير معداته ومقدراته من قبل جماعة الحوثي خلال الحرب.
وأضاف بن شبا لـ”المشاهد” أن الاتحاد قدم خلال السنوات الماضية خدمات عديدة للصيادين؛ بهدف تطوير العمل التعاوني، بدعم ومساندة وزارة الثروة السمكية، ممثلةً بالوزير كفاين، مشيراً إلى مواصلة وتفعيل نشاط الاتحاد، بعد سنواتٍ من المصاعب والعراقيل، عبر تقييم الفترة السابقة، والتخطيط للمستقبل من خلال العمل المشترك، وتضافر الجهود لتحقيق أهداف القطاع السمكي.
ومنذ عقدين من الزمن، يعيش القطاع السمكي تحديات كبيرة، تتعلق بالبنية المؤسسية والتشريعات واللوائح التي تحتاج تحديثاً وتطويراً، والمنشآت المتهالكة، والحاجة الكبيرة إلى التدخل في مجال الموانئ السمكية، وكواسر الأمواج، ومحطات الأبحاث، ومراكز الجودة، وتأهيل القطاع وإدارة عملية تعافيه، وخصوصاً خلال السنوات الخمس الأخيرة، وما لحق بالقطاع السمكي من أضرار بسبب الحرب التي تسببت بها الجماعة الحوثية، والأعاصير التي تعرضت لها المحافظات الشرقية، وتعويض الصيادين وتحسين معيشتهم، وتطبيق اللوائح المنظمة للصيد التقليدي، والحد من المخالفات بالتنسيق مع السلطات المحلية في المحافظات المحررة، هي من أولوياتنا، كما يقول بن شبا.

انتهاك المياه الإقليمية اليمنية

وتواجه القطاع السمكي تحديات خارجية، في مقدمتها الاعتداءات المتكررة على المياه الإقليمية اليمنية والثروات السمكية، من قبل أنظمة وشركات، مستغلة ما يعيشه البلد من عدم الاستقرار، فقد تم ضبط العديد من السفن المخالفة، وتم التواصل مع الجهات المختصة، ولازلنا نجاهد في الدفاع عن مياهنا الإقليمية وثرواتنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاعتداءات، وفق تأكيد بن شبا، مشيراً إلى أن الدولة، وبالتنسيق مع المانحين، تقدم الكثير من الدعم للقطاع السمكي في مجالات مختلفة، من أهمها الأبحاث والتأهيل المؤسسي، وتأهيل مراكز الإنزال السمكي وإدارتها، وتحسين سبل العيش في المجتمعات الساحلية.

مقالات مشابهة