المشاهد نت

إب : ملابسات جريمة مقتل الطفل ” القيفي” بعد العثور على جثته

إب – عصام صبري:

لم تعد محافظة إب (وسط اليمن)، هادئة كما كانت في السابق، فلون الدم صار هيناً لدى بعض سكانها، جراء جرائم القتل التي تزايدت في الآونة الأخيرة.
وآخر مسلسل العمليات الإجرامية بحق الطفولة في محافظة إب، قتل الطفل يحيى القيفي (13 عاماً)، فضلاً عن تشويه جثته بعد تعرضها للحرق في إحدى الغرف المغلقة بالزنك، والتي بقيت فيها طيلة 22 يوماً. فمن هو الطفل يحيى الذي أخذ مقتله حيزاً إعلامياً كبيراً؟ وما هي قصة مقتله؟ وهل كشفت الأجهزة الأمنية عن قاتليه؟ وإلى أين وصلت التحقيقات بقضيته؟
“المشاهد” يكشف الستار عن قضية مقتل الطفل يحيى الذي اختفى نهاية أكتوبر الماضي.

ملابسات مقتل الطفل القيفي

بعد اختفاء الطفل يحيى، قدم صادق أحمد القيفي، بلاغاً للأجهزة الأمنية، يفيد باختفاء نجله، حينها تفاعل ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، مع مناشدات والده، ونشروا مناشدات يطالبون فيها بالبحث عن الطفل الذي اختفى فجأة بعد مغادرته منزل والده الواقع في قرية سطيح عزلة القابل الأسفل بمديرية الشعر (شرق محافظة إب).
وفوجئ سكان مديريته، بعد مرور 22 يوماً على اختفائه، بخبر يتداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، يفيد بعثور رجال الأمن على جثة الطفل يحيى، وعليها آثار تعذيب، بعد قتله خنقاً، في غرفة مهجورة بجوار منزل والده.

الفترة الطويلة للبحث عن الطفل يحيى، أثارت غضب أبناء محافظة إب، الأمر الذي دفع رئيس نيابة استئناف المحافظة، إلى توسيع دائرة التحقيق في قضية مقتل الطفل، لتشمل القيادات الأمنية التي قصرت في عملها.


بعدها نُقلت جثة الطفل إلى ثلاجة أحد مستشفيات المحافظة. لكن معلومات أخرى أشارت إلى أن عملية العثور على جثة الطفل، لم تكن من قبل أجهزة الأمن، كما تم الترويج له، وإنما بواسطة والده الذي عثر عليه بعد أن انتشرت رائحة جسد نجله المتحلل.
الفترة الطويلة للبحث عن الطفل يحيى، أثارت غضب أبناء محافظة إب، الأمر الذي دفع رئيس نيابة استئناف المحافظة، إلى توسيع دائرة التحقيق في قضية مقتل الطفل، لتشمل القيادات الأمنية التي قصرت في عملها.
وبحسب منشور على صفحته في موقع “تويتر”، قال السكرتير الصحفي لوزير الداخلية اليمني الأسبق منيف الهلالي، إن اللواء عبدالواحد صلاح، محافظ إب المعين من جماعة الحوثي، وجه بتوقيف مدير عام مديرية الشعر، ومدير أمن المديرية، عن العمل، وإحالتهما للتحقيق، كما وجه بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في قضية الطفل يحيى، والكشف عن ملابساتها، باعتبارها قضية رأي عام، مؤكداً في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن قضية الطفل يحيى تحظى باهتمام كبير من قبل قيادة السلطة المحلية بمحافظة إب، ويجب السير في الإجراءات القانونية على وجه السرعة، للكشف عن تفاصيلها، وكشف من يقف وراءها.
تلك الإجراءات جعلت الأجهزة الأمنية في مديرية الشعر، ومنها “إدارة الأمن والبحث الجنائي”، تلقي القبض على 5 أشخاص مشتبه بهم في التورط بارتكاب الجريمة، لكن من تم القبض عليهم لم يدلوا بأي اعتراف.
وبعد مرور أسبوع، أعلنت وزارة الداخلية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، أن شرطة مديرية الشعر بمحافظة إب، تمكنت من ضبط المتهمين باختطاف وقتل الطفل يحيى صادق أحمد القيفي. وأوضحت الوزارة في موقع الإعلام الأمني التابع لها، أن عمليات التحري والمتابعة الأمنية، وإجراءات جمع الاستدلالات، كشفت هوية المجرمين، وهما المدعو “حزام علي ناجي (30 عاماً)، وعمر عبدالرحمن الرواحي (20 عاماً)”، وقد ألقي القبض عليهما، وأحيلا للعدالة.
لكن تلك التصريحات لم تخفف من تزايد حدة الضغط الشعبي من أجل معرفة الحقيقة، ولم تمر أيام حتى وصل الطبيب الشرعي من صنعاء إلى محافظة إب، لمعاينة جثة الطفل. وبعد معاينة الطبيب الشرعي للجثة وتشريحها، وصل عدد المستجوبين حتى اليوم 13 شخصاً، بحسب حديث مصدر أمني لـ”المشاهد”.

ماذا حدث بالضبط؟

يفيد تقرير الأدلة الجنائية، وتقرير الطبيب الشرعي، أن تغير جثة الطفل يحيى، إلى اللون الأسود، ليس بسب الحريق، أو بسب الأسيد، كما يتداول غالبية العامة، بل هو ناتج عن حرارة المكان التي أحاطت بالجثة بعد القتل.

تبين أن المجرمين قاموا باستدراج الطفل المجني عليه إلى الجبل، وتم إخفاؤه ونقله من مكان إلى آخر، للإيهام بأن الطفل يحيى قد ذهب إلى المكان الذي وجد فيه بنفسه، حيث تم اختيار الزنك أو “الصندقة” التي تقع على بعد 15 متراً من منزل والد الطفل يحيى، وتم وضع الطفل وهو مشنوق بقصد التمويه والإيهام بأنه حاول الانتحار أو انتحر


وفي تسجيل مصور لوكيل نيابة البحث في محافظة إب، القاضي محمد المتوكل، بثه موقع مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية في حكومة الحوثيين، قال: “وفقاً لاستكمال إجراءات جمع الاستدلالات والتحقيقات، بهدف الوصول إلى الحقيقة الكاملة في جريمة مقتل الطفل يحيى القيفي، وبحسب مطالعة ملف القضية، تبين أن سبب تأخر اكتشاف جثة المجني عليه، هو عدم قيام والد المجني عليه بالإفادة بطبيعة الجريمة، وتحفظه على كثير من المعلومات التي تثبت أنه يعرف طبيعة الجناة، ودوافع وأسباب قيامهم بخطف ابنه، بأنه لا يعلم بالخاطفين، ولا سبب قيامهم بخطف ولده”.
وتبين أن المجرمين قاموا باستدراج الطفل المجني عليه إلى الجبل، وتم إخفاؤه ونقله من مكان إلى آخر، للإيهام بأن الطفل يحيى قد ذهب إلى المكان الذي وجد فيه بنفسه، حيث تم اختيار الزنك أو “الصندقة” التي تقع على بعد 15 متراً من منزل والد الطفل يحيى، وتم وضع الطفل وهو مشنوق بقصد التمويه والإيهام بأنه حاول الانتحار أو انتحر، بحسب المتوكل.
ويتابع المتوكل حديثه: “بالنسبة لما أثاره البعض بوجود عصابة متخصصة بقتل الأطفال في محافظة إب، فهذا الأمر غير صحيح، فالواقعة جنائية، والباعث عليها كان عبارة عن انتقام من والد المجني عليه”.
لكن شقيق والد يحيى، ينفي وجود أية مشاكل أو قضية ثأر بين أسرتهم وأية أسرة أو قبيلة في القرية أو المنطقة التي تقطنها عائلة القيفي، قد تدفع لارتكاب المجرمين هذه الجريمة بحق نجلهم يحيى.
ويقول محمد القيفي لـ”المشاهد”: “مهما كانت الأسباب، والدوافع، ومهما كانت الخلافات مع الأب، هذا إن كان هناك خلافات، لا بد من الوقوف صفاً واحداً من أجل تحقيق العدالة وتعليق القتلة على المشنقة لينالوا عقابهم”.
وخاطب القيفي الصحفيين والناشطين والمهتمين بمتابعة جريمة مقتل نجل شقيقه، قائلاً: “دعوا المبررات والتبريرات على جنب، ولتكن القضية قضيتنا جميعاً، ولا لتمييع القضية. كلنا جميعاً ليكن هدفنا واحداً، وهو العدالة فقط، حتى لا يذهب دم يحيى هدراً، وينجو القتلة”.

إقرأ أيضاً   الحلويات الصنعانية... عادة رمضانية

إجراءات مستمرة لكشف دوافع الجريمة

“في الأفلام السينمائية وحدها كنا نغمض أعيننا عند عرض مشاهد العبث بالجثث بعد قتل الأشخاص، حينها كان الجميع يُدرك أن ما يتم عرضه هو تمثيل فقط، لكن لم يخطر على بال اليمنيين أن تحدث جرائم القتل البشعة في أرضهم مثلما هو حاصل اليوم في جريمة مقتل الطفل يحيى القيفي، الذي قُتل ومثل بجثته بطريقة وحشية، في قريته الواقعة بمحافظة اللواء الأخضر المعروف عن أهلها أنهم مسالمون وهادئون على مر السنين. فما الذي حدث بالضبط؟”؛ يقول الناشط الحقوقي فضل البعداني، وهو ممن ينتمون للمنطقة ذاتها التي قُتل فيها القيفي.
ويضيف البعداني لـ”المشاهد”: “لن يهدأ لنا ولا لأبناء محافظة إب بال حتى يتم كشف دوافع جريمة قتل الطفل يحيى القيفي، ومعاقبة كل من شارك وأسهم بهذه الجريمة الشنيعة، وإعدامهم، والتشهير بهم”.
تجدر الإشارة إلى أن محافظة إب كانت شهدت حوادث مماثلة، خلال الفترة الماضية، منها اختطاف وقتل الطفلة ريماس القادر، بمنطقة الظهار، واغتصاب وقتل الطفلة آلاء الحميري، في مدينة جبلة، وقتل الطفلة عبدالرحمن عطران، في مدينة إب.

مقالات مشابهة