المشاهد نت

في حملة الـ 16 يوماً… المرأة اليمنية تتحرر من العنف

صنعاء – حسان محمد:

تحولت حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، إلى معرض مفتوح لإبداعات النساء اليمنيات الحرفية، اللاتي حولن الظروف المعيشية الصعبة إلى مضمار للتحدي، وواجهن قسوة الحرب والحياة بإرادة لا تنكسر، وبفضلهن تمكنت كثير من الأسر من الصمود بعد أن وصلت إلى حافة الفقر.
وفي هذا العام، دشن اتحاد نساء اليمن، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، الحملة في صنعاء، ببازار خيري لمشغولات وصناعة نسوية كانت بمثابة طوق نجاة للأسرة، ومكنت المرأة من تعزيز دورها الأسري، والتحرر من قيود العنف.
وشاركت في البازار ما يقارب 160 جمعية ومنظمة نسوية ومبادرة شخصية تروي كل امرأة فيها قصة نجاح حفرتها على الصخر، وتضحيات مكنتها من الوصول إلى صناعة القرار وإعالة أسرتها في أحلك ظروف تمر بها البلاد.

مواجهة العنف بالإبداع

وعرضت الحملة منتجات المرأة الحرفية التي تضمنت الخياطة والتطريز وصناعة البخور والعطور والمصنوعات الشعبية والتراثية والاكسسوارات وأدوات الزينة، وغيرها، بهدف تشجيع النساء على الإنتاج والإبداع لتحسين مستواهن المعيشي، وإبراز قدرات المرأة التي أسهمت بجزء كبير من العملية التنموية، بحسب نائب رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد نساء اليمن، منى باشراحيل، لـ”المشاهد”.
وأوضحت باشراحيل أن الاتحاد سينفذ، خلال الأيام القادمة، بازارات للمنتجات النسوية، في محافظات تعز وإب وذمار وأبين.
وركزت حملة 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، التي يحتفل بها العالم من 25 نوفمبر؛ الموافق لليوم الدولي للقضاء على العنف تجاه المرأة، حتى 10 ديسمبر، الذي يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، على الشراكة بين الرجل والمرأة كأحد أبرز الأسباب التي تسهم في مكافحة العنف ضد المرأة، ورفع الظلم عنها، كما تقول لـ”المشاهد” فهمية الفتيح، مديرة الإعلام بصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وتوضح الفتيح أن الحملة تشمل الدفاع عن كل الفئات الضعيفة في المجتمع، من الأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن، ومواجهة العنف الموجه نحو الآخر، لكنها تركز على النساء لكونهن أكثر الفئات ضعفاً.

نموذج تحدٍّ

تقف حنان الحرازي، بفخر، أمام منتجاتها من الاكسسوارات التي بفضلها تمكنت من الاعتماد على نفسها في مواصلة دراستها الجامعية، ودعم أسرتها في توفير احتياجات المنزل.
وتمثل حنان، وهي طالبة صيدلة بجامعة صنعاء، أنموذجاً للتحلي بالإصرار والعزيمة، فعلى صغر سنها، قررت الاعتماد على نفسها، ومواصلة دراستها الجامعية، بعد أن حالت ظروف الأسرة المعيشية دون القدرة على تحمل نفقات الدراسة.

سويسرا السياغي : كانت قبل الحرب معتمدة على الرجل بشكل أكبر، لكنها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة نسبة الفقر، اتجهت إلى تأهيل نفسها، واقتحمت مجالات لم تكن مبالية بها من قبل.


واتجهت الحرازي للتعلم الذاتي لصناعة الاكسسوارات، متسلحة بحبها للحرفة، حتى أجادت الصنعة، وصارت تعمل مدربة لدى العديد من الجمعيات، إلى جانب دراستها الجامعية التي لا تتغيب عنها، كما تقول لـ”المشاهد”، وتؤكد أن المرأة اليمنية واجهت صعوبات شتى، مع فقدان معيلها، وانقطاع الراتب، لكنها تحولت إلى مبدعة وصمام أمان للأسرة.
وتتفق معها سويسرا السياغي، من مؤسسة “بيست فيوتشر”، حيث تشير إلى أن المرأة كانت قبل الحرب معتمدة على الرجل بشكل أكبر، لكنها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة نسبة الفقر، اتجهت إلى تأهيل نفسها، واقتحمت مجالات لم تكن مبالية بها من قبل.
وتقول السياغي لـ”المشاهد”: “تحول المرأة إلى منتجة، عزز من قدراتها الذاتية ومكانتها الاجتماعية، وأدى دخولها سوق العمل إلى تقليص العنف تجاهها”، مضيفة أن الصناعات الحرفية والأشغال اليدوية كانت القطاع الأوسع لاستيعاب كثير من النساء اللاتي صرن يعلن أسرهن.

إقرأ أيضاً  دور المرأة اليمنية في مواجهة تغيرات المناخ

الخروج من مأزق الحرب

تحولت حياة فاتن المسوري، إلى حلقة مفرغة من الكآبة والإحباط، بسبب الأوضاع الاقتصادية والنفسية التي انعكست على الأسرة، بسبب الحرب الدائرة منذ سنوات، وفقدان الراتب.
ولم تسلم المسوري؛ الموظفة في جمعية لرعاية المعاقين، مصيرها للصدف، واستمرت في البحث عن عمل، حتى قررت العمل “دلالة” للملابس تطوف البيوت لكسب رزقها من عرق جبينها، مما جعلها تخرج من مرحلة اليأس، وتقود الأسرة إلى بر الأمان، وتفتح أبواباً من الأمل.

فهمية الفتيح : النساء اليمنيات أثبتن أنفسهن خلال سنوات الحرب، ولهن دور كبير في تماسك الأسرة، وتحملن مسؤولية أكبر وأدواراً جديدة.


وتقول لـ”المشاهد”: “المرأة اليمنية استطاعت أن تنتزع النجاح من وسط الظروف المحبطة، وتتخلص من الكثير من القيود الاجتماعية والعنف، وتثبت ذاتها باقتدار”.
وتعلق نجلاء الشهاري، رئيسة مؤسسة “يُمن” للاستجابة الإنسانية، على قصة المسوري، أن المرأة اليمنية حولت ضعفها إلى قوة. وتقول لـ”المشاهد”: “على الرغم من صعوبة الأوضاع التي خلفتها الحرب، إلا أنها جعلت المرأة قوية، وبدأت بالاعتماد على نفسها، وقدمت نفسها للمجتمع بشكل مختلف، واستطاعت أن تتحرر من العنف الأسري والاجتماعي”.
وهذا ما تؤكده فهمية الفتيح التي ترى أن النساء اليمنيات أثبتن أنفسهن خلال سنوات الحرب، ولهن دور كبير في تماسك الأسرة، وتحملن مسؤولية أكبر وأدواراً جديدة.
وتضيف أن المرأة خلال الأوضاع الإنسانية الصعبة، تحملت العبء الأكبر، ودفعت ثمناً باهظاً، فخلال الحرب وصل عدد النازحين أكثر من 3 ملايين نازح، منهم 79% من النساء والأطفال، وجعل النزوح المرأة في وضع اجتماعي هش، وأكثر تعرضاً للعنف، إلا أنها استطاعت الخروج من الوضع الراهن أكثر قوة.

مقالات مشابهة