المشاهد نت

ماذا يريد المواطن من الحكومة بعد عودتها إلى عدن؟

عدن – منير شرف:

عادت حكومة معين عبدالملك، إلى العاصمة المؤقتة عدن، بناءً على اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي، وهي محملة بأعباء وملفات اقتصادية عدة، يتطلع الشارع اليمني إلى تحقيقها على أرض الواقع، وحلحلة الأزمة المعيشية التي تعصف باليمنيين، شمالاً وجنوباً.
وكانت أبرز الوجوه العائدة إلى عدن، هي رئيس الوزراء معين عبدالملك، ووزير المالية سالم بن بريك، ومحافظ البنك المركزي اليمني، أحمد عبيد الفضلي، في إشارة واضحة، لتحديد ملامح الأولويات الحكومية التي تعتزم تنفيذها في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وهي إعادة تطبيع الأوضاع وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين وإعادة تنشيط الموارد اليمنية المعطلة.
وتواجه الحكومة تحديات كبيرة، لإعادة الاستقرار المعيشي في البلاد، لاسيما مع استمرار انقطاع الرواتب عن موظفي القطاع الحكومي في أمانة العاصمة وبقية المدن الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، للعام الثالث على التوالي، وهو الرقم الأكبر من إجمالي موظفي الجمهورية اليمنية بشكل عام.
وتعهدت الحكومة، قبيل إلى عودتها إلى عدن، وعقب التوقيع على اتفاق الرياض، الذي جرى في 5 نوفمبر الجاري، على لسان رئيس وزرائها، بدفع كافة رواتب موظفي الجمهورية اليمنية، رغم استمرار انقسام الموارد، وعدم توريد جماعة الحوثي، لإيرادات المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، إلى البنك المركزي الرئيسي في عدن.

آمال لم تتحقق بعد عودة الحكومة

يأمل باسل أحمد، وهو من سكان مدينة عدن، أن تباشر الحكومة بتنفيذ خطط نوعية لإنقاذ الوضع المعيشي المتدهور، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، والمتمثلة بالكهرباء والمياه، والصحة، بالإضافة دفع رواتب الموظفين.
ويقول لـ”المشاهد”، إن الناس سئمت الحلول الترقيعية، ويريد أن يرى تحركات حقيقية على الأرض، لإثبات صدقية وجدية الحكومة في محاولتها لإنعاش الجانب الخدماتي، للمواطنين، وإنهاء حالة الأزمة المتفاقمة في البلاد.
وهو ما يتفق معه المواطن رأفت حسن، حيث قال لـ”المشاهد”، إن المواطن ينتظر، بدرجة رئيسية، إعادة الحياة للريال اليمني الذي أثّر بشكل كبير على الوضع المعيشي للمواطنين، إذ رافقت عملية صعود الدولار، قفزة كبيرة لجميع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.

فيصل علي : هناك مهام عاجلة تأخرت الحكومة عنها كثيراً، مثل إعادة مرتبات موظفي الدولة المقطوعة منذ 2017، الأغلبية السكانية لا تحصل على الخدمات الأساسية، وموظفوها لا يحصلون على مرتبات، بحجة أنهم تحت وضع “الانقلاب”، وهذا خذلان من الحكومة للشعب


ويرى أن الحكومة أيضاً تواجه تحديات في دفع رواتب الموظفين في القطاعين المدني والعسكري، وهو ما يجب أن تقوم به للتحفيف من الأعباء المعيشية على المواطنين، ووقف عملية الاقتصاد المتدهور، على حد قوله.
لكن الدكتور فيصل علي، رئيس مركز يمنيون للدراسات، يقول لـ”المشاهد، إن “مهام الحكومة ستقتصر على توقيع شيكات المرتبات والنثريات والمصروفات، وهذا غير مبشر باستقرار قريب في اليمن”.
ويرى أن هناك مهام عاجلة تأخرت الحكومة عنها كثيراً، مثل إعادة مرتبات موظفي الدولة المقطوعة منذ 2017، الأغلبية السكانية لا تحصل على الخدمات الأساسية، وموظفوها لا يحصلون على مرتبات، بحجة أنهم تحت وضع “الانقلاب”، وهذا خذلان من الحكومة للشعب، وتنصل فاضح من أداء واجباتها، فكيف تُعيد للناس الثقة أنها “شرعية “وهي لا تدفع مرتباتهم، حد تعبيره.
نظرياً، يرى الدكتور علي، أن للحكومة أولويات في وضع مستقر، وهناك مهام اقتصادية متعددة؛ كإصلاح الوضع الاقتصادي برمته من تحديد وتثبيت سعر الصرف إلى تحديد وتثبيت أسعار السلع، وتصدير النفط والمواد الخام، ليتعادل الميزان الاقتصادي بين الصادرات والواردات، تحسين سوق العمل والتهيئة لفرص الاستثمار التي ستواكب إعادة الإعمار التي ستعقب إيقاف الحرب.
من جهته، يرى الناشط صلاح غالب، أن أبرز أولويات الحكومة هو تطبيع الأوضاع الأمنية في العاصمة وبقية المدن المحررة، باعتبار ذلك القضية الرئيسية التي يأمل الناس أن تأخذ اهتمام الحكومة، على حد وصفه.
ويضيف لـ”المشاهد”، أن عملية الانتظام في صرف الرواتب، هي من أبرز الأولويات أيضاً، من أجل خلق حالة استقرار معيشية، ليتبعها الاستقرار الاقتصادي والتعافي على صعيد العملة الوطنية واستقرارها أمام النقد الأجنبي.

إقرأ أيضاً  جمود القطاع السياحي بتعز في زمن الحرب

إشكالية المحاصصة

وقال الدكتور فيصل علي في حديثه لـ” المشاهد” ، إن الحكومة الحالية، بوضعها الحالي، بعد اتفاق الرياض، ليس لديها أية مهام فعلية، بسبب قصر فترتها، لأنه سيتم -بحسب الاتفاق المذكور- تشكيل حكومة جهوية تعتمد على المحاصصة والمناصفة، وهذا هو الفشل بعينه، فالشعوب اليوم في العراق ولبنان، خرجت ضد الوضع الطائفي والجهوي والمحاصصة، وهؤلاء يريدون تكريس نظام فاشل في اليمن، على حد قوله.
واستطرد أن هذا الفشل ليس سياسياً فحسب، ولكنه بالدرجة الأولى فشل اجتماعي، وبالدرجة الثانية فشل اقتصادي، مشيراً إلى أن هناك جهويين يطمحون إلى سرقة مقدرات مناطقهم تحت بنود المحاصصة والأقاليم، مما ينذر بأزمات سياسية جديدة وحروب جديدة.
وبحسب علي، فإن الحكومة بحاجة ماسة إلى إيقاف العبث بالوظيفة العامة، وإيقاف قرارات التوظيف منذ الانقلاب إلى اليوم، وإيقاف النزيف الاقتصادي، سواء في وظائف الخارجية، أو وظائف الوكلاء العاطلين عن العمل، وإيقاف الابتعاث للطلاب من تحت الطاولة، مشيراً إلى أن الحكومة أقرت إيقاف الابتعاث عملياً، ولكن المنح بملايين الدولارات تُهرب على شكل هبات مناطقية ومحسوبية لغير المستحقين وفقاً للقانون، كما أن استعادة مؤسسات الدولة وأصولها من مهام وأولويات الحكومة، بالإضافة إلى خلق نواة لكل هذه المؤسسات في العاصمة عدن، واستقدام موظفي هذه المؤسسات.

تحديات اقتصادية

في أول اجتماع لرئيس الوزراء، معين عبدالملك، بعد عودته إلى عدن، مع قيادة السلطة المحلية في المحافظة، قال إن الحكومة أعدت مصفوفة تدخلات عاجلة لمعالجة المشكلات التي تراكمت منذ أغسطس الماضي، مشيراً إلى أنها ستعمل مع السلطة المحلية في عدن، على تنفيذها خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
وشدد عبدالملك، على ضرورة أن تتحول عدن إلى ورشة عمل، خصوصاً في البنية التحتية، ولتكون مكاناً جاذباً للاستثمار، ومستقطباً للرأسمال المحلي والدولي.

أن تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الحكومة العائدة إلى عدن، أبرزها استمرار الانقسام النقدي للمؤسسات المصرفية، وكذلك انقسام موارد الدولة، حيث تسيطر جماعة الحوثي على إيرادات مهولة، في حين تسيطر الحكومة على موارد الدولة المتبقية.


وقال إن الدولة بكل أجهزتها تضع تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، وتحسين الخدمات في مدينة عدن، على رأس أولوياتها، باعتبار عدن العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية، ومركز ثقلها الاقتصادي والسياسي، ونظراً لما تمثله عدن من نموذج ملهم في التاريخ اليمني الحديث، كمركز للالتزام بالنظام والمدنية والتعايش والثقافة والفنون، على حد وصفه.
ويرى الدكتور علي، أن للحكومة مهام رئيسية مثل تشغيل الموانئ والخدمات البحرية، وسرعة إنجاز اتفاقيات تخص طريق الحرير مع دولة الصين. مؤكداً أن هذا الطريق سيمر بـ22 ميناء يمنياً، وهذه أولوية اقتصادية ستنعكس على استقرار البلد، وإرساء دعائم الدولة اقتصادياً، الذي هو الطريق الأهم لإرسائها سياسياً. مشيراً إلى أن التنمية توقفت منذ إقالة حكومة باسندوة، وحصول سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء، وهذا التوقف كارثة يجب تداركها، على حد قوله.
بيد أن تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الحكومة العائدة إلى عدن، أبرزها استمرار الانقسام النقدي للمؤسسات المصرفية، وكذلك انقسام موارد الدولة، حيث تسيطر جماعة الحوثي على إيرادات مهولة، في حين تسيطر الحكومة على موارد الدولة المتبقية.
وبحسب اقتصاديين، فإن الحكومة، المطلوب منها، في الوقت الراهن، إعادة تنشيط وإنتاج كافة الموارد اليمنية، لاسيما قطاع النفط والطاقة، حيث لازالت قطاعات نفطية متوقفة للعام الخامس على التوالي، بالإضافة إلى توقف إنتاج مشروع الغاز المسال.
وتتكبد الدولة خسائر فادحة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً، جراء توقف عملية إنتاج النفط والغاز، الأمر الذي يتطلب تحركاً سريعاً وجاداً من قبل الحكومة لتفادي تضخم الخسائر الاقتصادية، عبر استئناف إنتاج موارد البلاد، وفق اقتصاديين.

مقالات مشابهة