المشاهد نت

النساء الحوامل… سوء التغذية يدفع ثمنه الأجنة

صنعاء – صفية مهدي:

“لم أكن أقوى على النهوض أثناء فترة الحمل أحياناً”، هكذا تقول حنان (28 عاماً) التي كانت وجباتها من الطعام هي الخبر والشاي في أغلب الأوقات، وهو الغذاء المتوفر، لعدم تمكنها من الحصول على الفواكه والخضروات، التي عادة ما تحتاج إليها صحة الأم الحامل، فزوجها الذي يعمل جندياً لدى القوات الحكومية، لا يجد المال لشراء ما كانت تحتاجه، كما تقول لـ”المشاهد”، مضيفة أن زوجها لم يتسلم راتبه منذ 3 سنوات.
حنان التي وضعت قبل أشهر بتوأمين، يعانيان من سوء التغذية، حالهما كحال المواليد الآخرين الذين رأوا النور في زمن الحرب، نتيجة معاناة الأمهات من نقص التغذية المناسبة أثناء الحمل.
وعانت حنان أثناء الحمل بعد الإصابة بـ”أنيميا حادة”، ولم تكن تقوى معها على النهوض أو الحركة، فضلاً عن تعسر الولادة قبل إنجاب الطفلتين سهى وسجى، لكنهما- كما تقول- مازالتا تعانيان من سوء التغذية.
ويعتبر الوضع التغذوي للنساء في سن الإنجاب، أمراً يبعث على القلق الشديد في اليمن، ولم يطرأ منذ العام 1997م أي تحسن على الحالة التغذوية للنساء، حيث يُعاني ربعهن من الإصابة بسوء التغذية. ويؤدي سوء التغذية لدى الأمهات إلى ارتفاع خطر التعرض للآثار الناجمة عن اعتلال الحمل، بما في ذلك تعسر الولادة أو ولادة الخدّج أو انخفاض وزن المواليد وحالات النزيف بعد الولادة، وفق الموقع الرسمي لمنظمة اليونيسف.
ويواجه ما يتراوح بين 1,8 و2,8 مليون طفل، خطر الوقوع في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع إمكانية تعرض عدد أكبر بكثير من ذلك لسوء التغذية الحاد الوخيم المهدد للحياة، وفق موقع المنظمة نفسها.

سوء التغذية يقتل المواليد

تؤكد منظمة اليونيسف أن امرأة و6 من حديثي الولادة يموتون كل ساعتين في اليمن، بسبب مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، حسب ما ذكرته المنظمة، اليوم، في أول بيان من ضمن سلسلة بيانات قصيرة حول صحة الأم والوليد في اليمن.

وارتفع معدل وفيات الأمهات بشكل حاد منذ تصاعد النزاع من 5 وفيات أمهات يومياً عام 2013، إلى 12 حالة وفاة في 2018، وفق سلسلة الولادة والأبوة في بيئة الحرب، التي صدرت عن منظمة اليونيسف، منتصف يونيو 2019.


وتقول المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا فور، بأن “قدوم مولود جديد إلى الحياة في اليمن يمكن أن يتحول في كثير من الأحيان إلى مأساة للأسرة بأكملها”. وأضافت بالقولك “عقود من تدني التنمية وسنوات من القتال الحاد أوصلت الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية للأمهات والأطفال، إلى حافة الانهيار التام”، وفق الموقع الرسمي للمنظمة.

هناك أكثر من مليون يمنية بحاجة ماسة إلى مساعدات للوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان


وارتفع معدل وفيات الأمهات بشكل حاد منذ تصاعد النزاع من 5 وفيات أمهات يومياً عام 2013، إلى 12 حالة وفاة في 2018، وفق سلسلة الولادة والأبوة في بيئة الحرب، التي صدرت عن منظمة اليونيسف، منتصف يونيو 2019.
وهناك أكثر من مليون يمنية بحاجة ماسة إلى مساعدات للوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يشير إلى أن الوفيات الناتجة عن انعدام الخدمات الصحية، ترتفع نسبتها، خصوصاً في الأرياف، التي يسكن فيها نحو 65% من عدد السكان البالغ 24 مليون نسمة، إذ تضطر بعض النساء إلى السفر لساعات طويلة، للوصول إلى العاصمة، لتلقي العناية الصحية أو لإجراء عملية ولادة قيصرية.
وتلعب التغذية المناسبة للحوامل دوراً كبيراً في بقاء حديثي الولادة على قيد الحياة، وفق قول الدكتورة مريم المعمري، أخصائية أطفال، لـ”المشاهد”، مؤكدة أن آثار الحرب الدائرة منذ العام 2015، أثرت بشكل كبير على الاهتمام بصحة الأم والطفل على حد سواء.
وتقول الدكتور ة العمري: “أنا كأخصائية أطفال، شاهدت مواليد يعانون من سوء التغذية، والحرب هي السبب بعدم التغذية السليمة للأم الحامل في شهورها الأولى”.
وتضيف أن شهور الحمل الأولى من أهم مراحل الحمل بالنسبة لتغذية الجنين والأم الحامل، إذ تحتاج إلى سعرات حرارية يحتاجها الجنين. كما تحتاج إلى حمض الفوليك الذي يجنب الجنين التشوهات الخلقية.
لكن المعلمة أمرية عائض (32 عاماً)، لم تحصل على الغذاء الجيد أثناء فترة الحمل، إذ لم يكن بوسعها توفير المكملات الغذائية المقررة، قبل أن تنجب طفلاً صغير الحجم، يعاني من سوء التغذية، ليتوفى بعد شهر من ولادته.
وتقول عائض لـ”المشاهد”: “كدت أرى الموت أثناء الولادة، حيث وضعت المولود في الشهر السابع، بعدما حاولت جاهدة الحفاظ على حياتي وحياة طفلي الأول”، مضيفة أنها ماتزال تعاني آثار فترة الحمل وأتعابها بعد أكثر من 3 أشهر.

منظمة اليونيسف : نصف المرافق الصحية في اليمن لم تعد تعمل بسبب نقص الكوادر أو نقص الإمدادات، أو عدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية، أو بسبب محدودية الوصول. أما تلك التي لاتزال تعمل، فإنها تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين، مما يعرض الكثير من الأرواح للخطر، وفقاً للمنظمة.

ما الذي تحتاجه النساء الحوامل؟

وترى منظمة اليونيسف أن الوصول إلى خدمات رعاية للحوامل وما بعد الولادة، هو مفتاح بقاء حديثي الولادة والأمهات على قيد الحياة، إذ إن غياب الخدمات الملائمة، إضافةً إلى تعذر الحصول عليها، أو عدم القدرة على دفع تكاليف المواصلات، جعل العاملين الصحيين المجتمعيين، وعلى نحو متسارع، “الملاذ الأخير للحصول على تلك الخدمات” بالنسبة للنساء والأطفال، لاسيما في المناطق النائية والريفية والمتضررة من الحرب. مع ذلك فهم يواجهون أيضاً عدة تحديات كانعدام الأمن ونقص الإمدادات وغياب وسائل النقل.
نصف المرافق الصحية في اليمن لم تعد تعمل بسبب نقص الكوادر أو نقص الإمدادات، أو عدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية، أو بسبب محدودية الوصول. أما تلك التي لاتزال تعمل، فإنها تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين، مما يعرض الكثير من الأرواح للخطر، وفقاً للمنظمة.
وتؤكد الدكتورة العمري أن الأم الحامل تحتاج إلى التغذية السليمة، لتجنب نفسها الولادة المبكرة وعدم ولادة طفل معاق عقلياً”، لأن الدماغ أيضاً، يحتاج إلى تغذية ونمو طبيعي. كما أن الأم بحاجة إلى “الكالسيوم وفيتامين د” لنمو العظام والأسنان للطفل، لأن كل ما يتعلق بالأم يؤثر على الجنين بكل أشكاله.

إقرأ أيضاً  مخاوف الصيادين من تداعيات "روبيمار"

اقتراحات إنسانية

وتدعو منظمة اليونيسف، كافة أطراف النزاع والمجتمع الدولي، إلى تركيز الموارد بما يخدم المجتمعات الفقيرة والمهمشة ومجتمعات النزوح، وحماية نظام الرعاية الصحية في البلد، مع إيلاء اهتمام خاص بالرعاية الصحية الأولية، واستئناف دفع رواتب العاملين في القطاع الصحي، ودعم تقديم حوافز للموظفين المشاركين في تقديم الخدمات المنقذة للحياة، ضمان استدامة نُظم الحماية الصحية الاجتماعية، وتوسيع نطاقها، ومن ذلك التحويلات النقدية للأسر الضعيفة والقسائم الصحية.

مقالات مشابهة