المشاهد نت

أيمن: قصة وفاة غامضة في سجن تابع لقيادة محور تعز

تعز – محمد محروس:


تطوى صفحة سنة مثيرة في تعز، وتفتح صفحة لسنة أخرى أكثر إثارة. هكذا يبدو المشهد اليومي لمدينة تتسيدها التجاذبات السياسية، وتتحكم السجالات البينية في مصيرها المعلّق بين حصار يفرضه الحوثيون منذ 5 سنوات، ومعاملة خاصة من الحكومة، جعلت منها قطاعاً منفصلاً، حتى على مستوى المصير، وصراعات بينية مستمرة.
الصوت المدني في تعز لم يعد ذا صدى، ووقعه بات خافتاً على غير ما اعتدناه، هناك صورة بورتريه للمنغصات اليومية، ذات الدلالات المختلفة، والإشارات التي لها ما وراءها، سواء شاء القائمون على إدارة المحافظة ذلك، أم لم يشاؤوا!

الصوت المدني في تعز لم يعد ذا صدى، ووقعه بات خافتاً على غير ما اعتدناه، هناك صورة بورتريه للمنغصات اليومية، ذات الدلالات المختلفة، والإشارات التي لها ما وراءها، سواء شاء القائمون على إدارة المحافظة ذلك، أم لم يشاؤوا!

أصوات غيبها الموت القسري


أحد هذه الأصوات هو أيمن محمد علي الوهابي (17 عاماً)، الذي قضى نحبه في سجن تابع لقيادة محور تعز، بعد أسابيع من الاحتجاز دون تهمة وجّهت له، ودون جريمة ارتكبها، كما يقول أصدقاؤه، مؤكدين أن أيمن وديعٌ، مثابرٌ، معطاء، يوزع خدماته بين أبناء حيّه، يساعد هذا، ويمد يد العون لذاك، ويطلق ابتسامته للجميع، لا استثناء عنده، فالكل يستحقون أن يكون معهم، مهتم بتفاصيل حياته، ومشارك لأصدقائه في كل ما يعنيهم، فهو منهم وإليهم، متقد بالنشاط والحيوية على الدوام.
وقال صديقه عبدالعزيز محمد المجيدي، في منشور على صفحته في “فيسبوك”، إنه تواصل مع أسرته، لكنهم لا يعرفون كيف مات أيمن.
وأضاف المجيدي أن شقيق أيمن أخبره قبل شهر أن أخاه احتُجز في قيادة المحور دون إطلاع أهله عن سبب الاحتجاز، وأنه أودع في سجون غريبة كأنها غير رسمية وغير قانونية، حد تعبيره.
وتابع أن قيادة المحور اتصلوا بوالد أيمن لأخذه بحجة العلاج وإرجاعه، فتفاجأ أنه قد مات، وهناك رغوة تخرج من أنفه وفمه.

شقيق أيمن اخبر صديق له قبل شهر أن أخاه احتُجز في قيادة المحور دون إطلاع أهله عن سبب الاحتجاز، وأنه أودع في سجون غريبة كأنها غير رسمية وغير قانونية، حد تعبيره.


في منشور آخر، قال المجيدي: “سكوت تام على قضية مقتل أيمن الوهابي”، والسبب -كما يرى- أنه “قُتل في المحور، ولو أنّه قُتل في التربة سيقلبون الدنيا رأساً على عقب”.
ويتساءل: “حتى لو ارتكب أيمن أكبر جريمة، هل يحق لهم إخفاؤه لمدة شهر، ثم تتم تصفيته في زنزانته؟ ما هي الجريمة التي ارتكبها؟”.
سؤال عبدالعزيز لايزال عالقاً، قيد النظر والبحث، في ظل تضارب الروايات، بين تهمة الانتماء لتنظيم إرهابي، وبين هروب عن المسؤولية، كتلك التي صرّح بها ناطق محور تعز العقيد عبدالباسط البحر، عن أن أيمن احتجز في سجن المحور، بعد أن تم اعتقاله من قبل الأمن القومي، نافياً تعرّض أيمن لأية ممارسات تعذيب خلال فترة احتجازه.
أما والد أيمن، فلا يملك إجابة لعشرات الأسئلة المثارة، واكتفى بمطالبة الجميع بعدم النشر حتى استكمال التحقيقات.
مطالب بفتح تحقيق بالحادثة

المحامي توفيق الشعبي : جرائم مركبة، احتجاز حرية خلافاً للقانون، معاملة قاسية وسيئة، تعذيب، منع من الزيارة أو التواصل مع الأهل، عدم التحقيق أو توجيه أية تهمة طيلة شهر، حرمان المحتجز من أبسط حقوق التطبيب والتغذية وحقوق الدفاع المكفولة في الدستور والقوانين، احتجاز في سجن لا يخضع لإشراف النيابة، زيادة على ذلك محاولة التغطية على هذه الجرائم؛ باستدعاء والد الضحية، وإيهامه بأن ابنه حي يرزق، وأخذ تعهد منه بإعادته حال الطلب، وهم يعلمون أن الضحية قد توفي في الحجز.


وطالب المحامي توفيق الشعبي، نيابة استئناف تعز، بفتح تحقيق في حادثة وفاة أيمن، وإحالة مرتكبي الجريمة والمشاركين فيها إلى القضاء، وإغلاق أي سجن لا يخضع لإشراف النيابة بالمحافظة.
وأضاف الشعبي: “جرائم مركبة، احتجاز حرية خلافاً للقانون، معاملة قاسية وسيئة، تعذيب، منع من الزيارة أو التواصل مع الأهل، عدم التحقيق أو توجيه أية تهمة طيلة شهر، حرمان المحتجز من أبسط حقوق التطبيب والتغذية وحقوق الدفاع المكفولة في الدستور والقوانين، احتجاز في سجن لا يخضع لإشراف النيابة، زيادة على ذلك محاولة التغطية على هذه الجرائم؛ باستدعاء والد الضحية، وإيهامه بأن ابنه حي يرزق، وأخذ تعهد منه بإعادته حال الطلب، وهم يعلمون أن الضحية قد توفي في الحجز”.
وجدد طلبه الإفراج عن كافة المحتجزين خلافاً للقانون، أو إحالتهم إلى النيابة المختصة إن كانوا متهمين بأية جرائم.
الناشط عبدالعزيز سرحان، طالب بمعاقبة القائمين على قيادة المحور، وليس المطالبة بالتوضيح، لأن ما مضى من قت إعلان الجريمة إلى الآن كافٍ للتوضيح، حسب قوله.
وأضاف سرحان: سكوت محور تعز عن جريمة اختطاف وتعذيب الشاب الذي مات في الحجز، يعتبر اعترافاً، في إشارة منه لعدم صدور أي توضيح رسمي من قيادة المحور، حول حادثة أيمن الوهابي.
والد أيمن ينتظر نتائج التحقيق
الناشط الإعلامي محمد مهيوب، قال في منشور في صفحته على “فيسبوك”، حول قضية أيمن الوهابي: “زرت اليوم والده، الصديق الدكتور محمد الوهابي، لتعزيته، والوقوف معه في مصابه بوفاة ولده أيمن”.
وأكد مهيوب أنه طلب تصريحاً وتوضيحاً منه حول ملابسات وأسباب سجن ولده ووفاته، وأن الروايات كثيرة، والكل يكتب وينشر، والكثير ينسخ ويلصق ويكتب للمهاترات والمناكفات مثل كثير من القضايا، مضيفاً أن والد أيمن أخبره بأنه يرفض التصريح لمن يطلب منه، ولا يتحدث مع الآخرين حول كل التفاصيل التي يطلبونها ويسألون عنها.
وعما يتم نشره وتداوله من روايات في وسائل التواصل الاجتماعي، وأسباب سجن أيمن ووفاته، قال الوهابي: “القضية تسير بطرق وإجراءات قانونية عن طريق الجهات المختصة التي باشرت عملها من يوم وفاة أيمن، وعن طريق لجنة التحقيق التي شكلتها قيادة المحور، وأنا أتابعهم”، بحسب منشور مهيوب.
توضيح من محور تعز
الكثير من الجهات والأشخاص يبدون اهتمامًا مختلفًا تجاه تعز ويضعونها تحت المجهر ونحن نعتبر هذا من الإيجابيات وليس من السلبيات، بهذه الكلمات بدأ العقيد عبدالباسط البحر، الناطق باسم محور تعز، توضيحه بشأن قضية أيمن الوهابي، وأضاف: أيمن جندي “مجند بدائل” بإحدى كتائب اللواء 170 دفاع جوي بمحور تعز، وجاء احتجازه من قبل الأجهزة الأمنية على خلفية قضايا أمنية.
وأكد البحر لـ”المشاهد” بأن الجندي المذكور توفي ولم يُقتل حسب المعلومات الأولية لدينا، وهناك الطب الشرعي والأدلة الجنائية باشرت إجراءاتها منذ اللحظات الأولى ونحن بانتظار تقريرها النهائي والذي سيضع النقاط على الحروف، حسب قوله.

ناطق محور تعز : النيابة المختصة، والأدلة الجنائية والبحث والمعمل الجنائي والأجهزة المعنية تجري تحقيقاتها وتحرياتها حول الواقعة المشار إليها، والحقيقة التي تظهر حتى الآن من خلال التحقيقات الأولية غير ما ينشر تمامًا، ولكن وبحسب طلب من أسرة أيمن التي طلبت من الجميع عدم النشر والاستعجال حتى استكمال التحقيقات والتحريات


ونفى البحر أن أيمن كان محتجزًا من قبل قيادة المحور بل من الأجهزة الأمنية، حيث أن التوقيف الاحتياطي واحد بسبب أن بعض الأجهزة الأمنية لا يوجد لديها مكان للحجز الاحتياطي والتحفظي حتى استكمال الإجراءات القانونية ثم ينقلوا إلى السجن المركزي أو يطلقوا بضمانة حضورية بحسب نوع التهمة، والكلام للبحر.
وأضاف ناطق محور تعز: النيابة المختصة، والأدلة الجنائية والبحث والمعمل الجنائي والأجهزة المعنية تجري تحقيقاتها وتحرياتها حول الواقعة المشار إليها، والحقيقة التي تظهر حتى الآن من خلال التحقيقات الأولية غير ما ينشر تمامًا، ولكن وبحسب طلب من أسرة أيمن التي طلبت من الجميع عدم النشر والاستعجال حتى استكمال التحقيقات والتحريات، بالإضافة إلى المحذورات القانونية حال التناول الإعلامي الرسمي لها قبل ظهور نتائج التحقيق بشكل كامل ولذا لا يمكننا قول كل شيء الآن ..
وأشار إلى إن هناك لجنة رفيعة المستوى تم تشكيلها من مختصين ومهنيين للتحقيق في الموضوع وستعلن نتائجها بكل شفافية للرأي العام، مع ممثلين عن أسرة المتوفي، التي تتابع مجريات التحقيق أولاً بأول وعن كثب ..

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

وشدد على إن قيادة الجيش والأمن في تعز يهمها أن تظهر الحقيقة كاملة غير منقوصة وأن لا يتم التفريط بأي دم مهما كان، ونريد أن يطبق النظام والقانون والشرع على الجميع دون استثناء.
ودعا البحر كافة المهتمين إلى تحري الحقيقة والمصداقية وأن تكون تناولاتهم لمختلف الحوادث بمهنية وبما يخدم الحقيقة والعدالة، حسب وصفه.
وتؤكد معلومات أن أيمن الوهابي اختفى من منزله في الـ27 من نوفمبر الماضي، ليظهر بعد أيام من البحث والتواصل بأنه مسجون في سجن تابع لقيادة محور تعز، قبل أن تعلن وفاته في الـ24 من ديسمبر الجاري، في السجن الذي احتجز فيه بقيادة محور تعز.
هكذا تستمر القصة، دون وضوح، تصارع نفسها بنفسها، أما أيمن فقد رحل، تاركاً القرار لذويه، ولمن لهم علاقة بوفاته الغامضة، ومن يملكون إجابات الأسئلة المثارة تباعاً، حتى نصل لجواب شافٍ، ينهي اللبس القائم، ويضع حداً للتكهنات، في مدينة لا حدود لمعاناتها!

مقالات مشابهة