المشاهد نت

معسكر “يفرس” بمحافظة تعز… مخاوف من تأجيج الصراع

تعز – أحمد عبدالله :

أُثيرت مؤخراً قضية المعسكر الذي أسسه الشيخ حمود سعيد المخلافي، القيادي في “المقاومة الشعبية بتعز”، التي تأسست في بداية الحرب ضد الحوثيين، وتم دمجها لاحقاً في الجيش الحكومي.

النواة الأولى لذلك المعسكر تشكلت عقب دعوة المخلافي لليمنيين الذين ينتمون لإقليم الجند الذي يضم كلاً من محافظتي تعز وإب، في الحد الجنوبي للسعودية، للعودة إلى جبهات القتال بتعز، لاستعادتها من الحوثيين.

جاءت دعوته تلك بعد توالي سقوط عشرات القتلى وإصابة العشرات من المجندين -بشكل مريب- في الحدود، الذين يقاتلون للدفاع عن المملكة العربية السعودية، فضلاً عن أسر الحوثيين المئات منهم في محافظات تابعة لجماعتهم، كمحافظة عمران.

المخلافي كان قد تحدث، في بيان نشره في صفحته على “فيسبوك”، عن ترتيبات لاستقبال المجندين واحتوائهم في صفوف الجيش. وما هي إلا أسابيع حتى ظهر في وسائل إعلام، المئات من الشبان وهم يتدربون في منطقة “يفرس” بريف تعز.

و يبرر البعض موافقتهم على مثل تلك المعسكرات، بالقول إن هناك كثيراً من الجماعات المسلحة ظهرت نتاجاً للحرب الحالية التي غابت فيها ملامح الدولة، كمسلحي جماعة الحوثي، وأبو العباس، والحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

أما الأحزاب السياسية في تعز، فأكدت رفضها تشكيل مكونات عسكرية خارج إطار المؤسسة الأمنية والعسكرية بالمحافظة، وتحويلها إلى ساحة حرب لتصفية صراعات وأجندة خارجية.

قطاع منفصل

وبين هذا وذاك، وبعد تزايد الدعوات لإصلاح مسار التحالف العربي، بخاصة مع تجميد كثير من جبهات القتال، بينها تعز، يؤيد الصحفي فاروق السامعي، فكرة عودة كل أبناء محافظة تعز الذين تم تجنيدهم في ما وصفها بـ”محارق الحدود”، وحرب “لا تخصهم وخارج نطاق الجيش اليمني”.

وعزز السامعي وجهة نظره تلك بقوله لـ”المشاهد”: “طالما الحكومة تتعامل مع تعز كقطاع منفصل، وفق تصريح سابق لوزير الدفاع، ولا تهتم لاستعادتها من سيطرة الحوثي، فعلينا أن نهتم في فعل ذلك من أجل معارك التحرير التي تخصنا وتهمنا”.

وتساءل عن سبب الخوف من دخول لاعبين جدد في المشهد اليمني (في إشارة إلى قطر أو تركيا)، طالما اللاعبون القدامى خذلوا تعز، ووقفوا ضدها وضد تحريرها. مستطرداً: “مع ذلك، من حقنا البحث عن قوى قادرة على دعم تعز، ومساعدتها وفق شروطنا نحن، وليس وفق مشاريعهم النزقة. نحن نفكر باستعادة تعز بسواعد أبنائها، ولا نرغب بتغيير المحتل أو الوصي”.

إعادة الشباب من الحدود مسألة مهمة، وحتى تشكيل “مقاومة شعبية غير تابعة لأي طرف”، لكن سيبقى المحدد النهائي لهذه الأمور من الذي سيعيد المجندين، وكيف ؟

تعقيدات جديدة

الكاتب وسام محمد، يخالف السامعي، قائلاً: “لست مع الفكرة أو ضدها”، لكنه يرى أنها تعقد الأمور، وتدخل تعز في مستنقع الجماعات المسلحة، بعد أن قطعت شوطاً كبيراً على صعيد بناء جيش مؤسسي.

إقرأ أيضاً  اقتصاديون ومواطنون: الوضع المعيشي «لم يعد يطاق»

وأفاد لـ”المشاهد” أن إعادة الشباب من الحدود مسألة مهمة، وحتى تشكيل “مقاومة شعبية غير تابعة لأي طرف”، لكن سيبقى المحدد النهائي لهذه الأمور من الذي سيعيد المجندين، وكيف، مستطرداً بتساؤل: “وإذا تشكلت “مقاومة شعبية”، هل تستطيع استئناف معركة استعادة السيطرة، أم ستكون مجرد أداة في يد الداعي؟”.

ساحة حرب مشتعلة

وفي قراءة كل ذلك، يعتقد أستاذ إدارة الأزمات بجامعة الحديدة نبيل الشرجبي، أن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً مما نتصور، فتعز باتت ساحة حرب مشتعلة لكل الأطراف المحلية والمشاركة في الحرب، وكذا مركزاً لترجيح صراعات كل الجميع، مؤكداً أنه مهما ادعى أي طرف امتلاكه المحافظة، فهو “يكذب”، حد تعبيره، فالمدينة على اختلاف كبير مع توجهات أغلب أطراف الصراع.

ولم يستبعد الشرجبي أن يكون معسكر يفرس نتيجة لدعوة المخلافي للمجندين للعودة إلى تعز، لكنه لفت إلى تعداد المعسكر الكبير، والذي من الصعوبة أن يقوم بتغطية نفقاته طرف حكومي أو غير حكومي يمني، وهو ما يوحي بوجود أطراف خارجية مولته، كما يقول لـ”المشاهد”.

سيناريوهات محتملة

ويأخذ ذلك -وفق الشرجبي- اتجاهات عدة، أولها، سمعة ومكانة الشيخ المخلافي، والتي يتمتع بها لدى غالبية أبناء تعز المقاومين، متوقعاً أنه إذا وجِّه ذلك المعسكر لخدمة هدف تحرير تعز، وحقق نتائج سريعة على الأرض، فالأمر سوف يتغير كثيراً لصالح المعركة ككل.

إضافة إلى ذلك، يشير الشرجبي، في النقطة الثانية، إلى وجود رأي عام مناهض إلى حد كبير في تعز لحزب الإصلاح أو قطر أو تركيا، ما يعني أنهم قد يعمدون إلى إفشال أي تحرك  لذلك المعسكر أو الاتجاه الذي يسعى إليه القائمون على ذلك الأمر، وبالتالي تتحول المحافظة إلى ساحة أوسع وأقصى للصراع، وندخل في ما يسمى “الصراع العميق”، والذي يشمل كل الصراعات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمذهبية والدينية، ويمتد لأطراف خارجية لتساعد الأطراف الداخلية.

ويتابع: “في حال تحققت النقطة الثانية، فإن الطرف الحاضر الغائب ممثلاً بجماعة الحوثي، هو من سيوجه دفة المعركة في الاتجاه الذي يقوي من فرصتها ومركزها، ويعمل على إضعاف كافة الأطراف الأخرى”.

وسيقود ذلك إن تحقق -وفق الشرجبي- إلى “زيادة دور قطر وتركيا، خصوصاً بعد أن تخلت الأخيرة عن دورها القديم الذي يخدم المصالح الأمريكية، إلى دور يعظم من مصالحها هي أولاً”. وطوال الأشهر الماضية، تم تجنيد المئات من محافظات يمنية أبرزها تعز، وذلك للقتال في الحدود السعودية ضد الحوثيين، وقُتل العشرات منهم، فيما لايزال هناك مفقودون منهم لا يعرف أهاليهم مصيرهم .

مقالات مشابهة