المشاهد نت

قصة رندا والأحلام الضائعة بسبب الإنترنت في اليمن

صنعاء – صفية مهدي:

عام كامل قضته رندا العنسي (29 عاماً) في متابعة مواقع الإعلان عن منح دراسية، حتى تحقق حلمها بنيل القبول لدراسة الماجستير عن بعد، في جامعة كندية، لكنها عادت لتصطدم برداءة الإنترنت في اليمن، حالها حال الملايين من اليمنيين الذين يعيشون كابوس تدهور الشبكة في ظل ازدياد الحاجة إليها يومياً.
رندا حصلت على بكالوريوس آداب في اللغة الإنكليزية من جامعة صنعاء، لكن الحرب اضطرتها للمغادرة جنوباً مع عائلتها باتجاه مدينة ذمار التي تنحدر منها الأسرة، بعدما لم يعد بوسعهم دفع إيجار المنزل.
وتروي رندا لـ ” المشاهد”، قائلة: “خلال إقامتي في مدينة ذمار، كرست وقتي لمتابعة المواقع الخاصة بنشر الإعلانات عن فرص الحصول على منح مجانية لتحضير الماجستير عن بعد، لكن ضعف شبكة الإنترنت، وانقطاع الخدمة لساعات طويلة، جعلاني أُصاب بالإحباط، لاسيما بعد حصولي على المنحة”.
مع بدء الدراسة، تلقت رندا إشعارات عدة من الجامعة، تشدد على ضرورة إصلاح مشكلة الإنترنت لديها، لكن الوضع ازداد سوءاً، لاسيما أن فرص الحصول على خدمة إنترنت في الريف، تكون معدومة، باستثناء تلك التي توفرها شركات الهاتف المحمول، عبر “ثري جي”، والتي تبقى ضعيفة في تلبية احتياجات التعلم عن بعد.
وتقول: “فرصتي التي لطالما حلمت بها، ضاعت، بعدما وصلت لمتناول يدي، وكل ذلك بسبب ضعف الشبكة العنكبوتية”.
رندا هي واحدة من بين يمنيين كثر يدفعون ثمناً باهظاً جراء صعوبة الوصول إلى الشبكة العنكبوتية.
ولا تقتصر العقبات على أولئك المتواجدين في الريف وفي مناطق بعيدة، إذ إن الشبكة تضعف بدرجة كبيرة لساعات طويلة يومياً، حتى لدى أولئك المشتركين بخدمات (ADSL) في منازلهم، في حين أن الخدمات التي توفرها شبكات المحمول لا يمكن استخدامها سوى للوصول إلى بعض التطبيقات.
يقول الإعلامي عامر محمد، إنه ينتظر حتى منتصف الليل، وأحياناً للواحدة فجراً، كي يتمكن من تصفح مواقع إلكترونية، ومنها “فيسبوك”.
ويضيف لـ” المشاهد” : “هذا بالنسبة لي هو الوقت المتاح للمتابعة والتفاعل والعمل؛ ولذلك فإن وجود الخدمة يشبه عدمها”، معلقاً: “الأقسى من ذلك أنها تصيبك بالإحباط، وأحياناً تفقدك أعصابك إذا كان ثمة ما يتطلب تواصلاً عاجلاً أو متابعة سريعة”.

بين أسوأ 5 دول بالعالم

وفقاً لموقع “سبيد تست غلوبال إندكس” (Speedtest Global Index)، الخاص بترتيب سرعات الإنترنت حول العالم، فإن اليمن هو واحد من أسوأ 5 بلدان في العالم، تقدم الخدمة، يليه على التوالي، الجزائر، وفيتنام، وفانواتو، وأخيراً تركمانستان.
وفي الـ9 من يناير الماضي، ضعفت سرعة الإنترنت بنسبة 80%، جراء قطع تعرض له كابل بحري للسعات الدولية يدعى “فالكون”، في منطقة السويس في مصر.

زيادة كبيرة في أعداد المستخدمين، خلال السنوات الأخيرة، بينما لم تلحظ البنية التحتية للخدمة التي توفرها شركة “يمن نت” الحكومية في صنعاء، أي تطوير يُذكر، علماً أنها (البنية) خاضعة حالياً لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين).


وبينما تأثرت مختلف مناطق الشرق الأوسط بالانقطاع، كان اليمن الأشد تأثراً بينها، إذ أعلنت الشركة اليمنية للاتصالات الدولية “تيليمن”، أن البلاد تعتمد على الكابل في 80% من الخدمة، وقد أثر انقطاعه على العديد من نواحي الحياة في البلاد، بما فيها الحركة المصرفية.
في سياق متصل، تُظهر المعلومات المتوفرة زيادة كبيرة في أعداد المستخدمين، خلال السنوات الأخيرة، بينما لم تلحظ البنية التحتية للخدمة التي توفرها شركة “يمن نت” الحكومية في صنعاء، أي تطوير يُذكر، علماً أنها (البنية) خاضعة حالياً لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين).

إقرأ أيضاً  معاناة جلب الماء في معافر تعز
قصة رندا والأحلام الضائعة بسبب الإنترنت في اليمن


ورغم الخدمة الرديئة التي تقدمها، رفعت “يمن نت” الأسعار أكثر من مرة، في الأعوام الأخيرة، وسط ردود فعل ساخطة، بينما دفعت رداءة الخدمة مستخدمين للقيام بالعديد من الحملات على شبكات التواصل الاجتماعي، وصفت الإنترنت الذي توفره الشركة بأنه الأغلى عالمياً، متهمة إياها بالتلاعب في الباقات.


عدا عن رداءة الخدمة، تحجب الشركة أغلب المواقع الإخبارية والصحف والقنوات المحلية والإقليمية التي لا تتفق مع توجه الجماعة المسيطرة على العاصمة اليمنية، فيما يسهم لجوء المستخدمين إلى الشبكة الخاصة الافتراضية (VPN)، في إضعاف سرعة الإنترنت الرديئة أصلاً.

الاتصالات ترد: “التحالف” مسؤول

في ظل الانتقادات المتزايدة، تواصل ” ” مع شركة الاتصالات في صنعاء، للرد على الانتقادات والأسئلة المُثارة بشأن ضعف الخدمة.
ويعزو مدير عام الإعلام في وزارة الاتصالات، محمد أبو نايف، المشكلة إلى “عوامل جوهرية”، أبرزها “فقدان مئات الأبراج ومحطات الاتصالات، بسبب تعرضها لأكثر من 1548 غارة جوية استهدفتها بشكل مباشر، وتسببت بتدمير كامل”.
ويشير إلى “عدم قدرة شركات الاتصالات على تعويض المحطات المفقودة، نتيجة منع دخول تجهيزات ومعدات الاتصالات وحظرها” من قبل من وصفه بـ”تحالف العدوان السعودي”، لافتاً إلى “استمرار الحظر حتى اللحظة”.
وينوّه المسؤول في وزارة الاتصالات في صنعاء، إلى أن “من أهم الأسباب الرئيسية لضعف الخدمة انتشار أجهزة والتشويش المخالفة للقانون”، مشيراً إلى أن الأجهزة “ينبعث منها ترددات عشوائية تؤثر على مسار الترددات والإرسال الخاصة بالشبكة الوطنية للاتصالات والإنترنت، ما يشكل أحد العوائق الكبيرة التي تشتكي منها شركات الاتصالات المشغلة للهاتف الجوال والإنترنت”.
ويرى أبو نايف أن معالجة الأزمة تكمن في “إجبار المجتمع الدولي للتحالف الذي تقوده السعودية، على رفع الحظر المفروض على تجهيزات الاتصالات”، بالإضافة إلى التوجهات التصحيحية من قبل الجهات المسؤولة، و”العمل على الحد من اتساع دائرة الانتشار العشوائي للأجهزة المخالفة للقانون”.

تعمل “عدن نت” التي توفر خدمات الجيل الرابع، في عدن بصورة أساسية، لكنها بدلاً من تقديم عروض لجذب المستخدمين، فرضت معوقات عليهم، منها مطالبتهم بشراء “خادم” (مودم) خاص من الشركة، على الرغم من أن الكثير من المستخدمين يمتلكون هواتف محمولة تدعم الاتصال بالجيل الرابع.

“عدن نت” محاولة للتطوير

اعتباراً من عام 2018، أدخلت الحكومة خدمة جديدة من خلال شركة “عدن نت”، كان من المقرر أن تمثل تحولاً في توفير خدمات الإنترنت في اليمن، إلا أنها بقيت محصورة في الحد الأدنى نتيجة لواقع الانقسام في البلاد بين أكثر من سلطة.
وتعمل “عدن نت” التي توفر خدمات الجيل الرابع، في عدن بصورة أساسية، لكنها بدلاً من تقديم عروض لجذب المستخدمين، فرضت معوقات عليهم، منها مطالبتهم بشراء “خادم” (مودم) خاص من الشركة، على الرغم من أن الكثير من المستخدمين يمتلكون هواتف محمولة تدعم الاتصال بالجيل الرابع.

  • تم إنجاز هذه المادة في إطار برنامج التدريب الذي ينظمه مكتب العلاقات الخارجية في “الجامعة الأمريكية في بيروت”، بالتعاون مع “مؤسسة دعم الإعلام الدولي”. اضغط هنا للمزيد من المعلومات حول البرنامج
مقالات مشابهة