المشاهد نت

القواعد العسكرية في المخا تحرم الصيادين من مصدر رزقهم

المخا – علي حسن :

على أحجار الميناء القديم لمدينة المخا، يقف الصياد مشعل (٤٠ عاماً)، منتظراً سمكة صغيرة تبتلع طعمه الذي ألقاه للتو. ساعات طويلة يقضيها في ممارسة مهنته بالطريقة التقليدية التي لا تعود عليه في كثير من الأحيان بفائدة تذكر، وطالما عاد إلى بيته خالي الوفاض.
لم يكن مشعل يمارس الصيد بتلك الطريقة، قبل الحرب، فقد كان يعمل بأحد القوارب المملوكة لكبار الصيادين، ويقضي أياماً في البحر، ليعود برزق وفير. هكذا اعتاد منذ كان شاباً في الـ15، لكن بعد دخول جماعة الحوثي للمدينة، ونشر شبكات الألغام البحرية في عرض البحر، واستهداف طيران التحالف العربي بقيادة السعودية، للصيادين، أصبحت مهنتهم خطرة على الحياة، وأكثر صعوبة.

قواعد عسكرية في مناطق الاصطياد

ورغم استبشار سكان المخا بسيطرة القوات الحكومية عليها، في 2016، إلا أن الواقع جاء عكس توقعاتهم، فالميناء الوحيد تحول إلى قاعدة عسكرية تابعة للقوات المشتركة بقيادة طارق صالح، المدعوم إماراتياً، وقوات التحالف العربي.
وتحولت الكثير من مناطق الصيد البحري إلى مناطق عسكرية محظورة، بالإضافة إلى بقاء الكثير من المعوقات السابقة، مثل انتشار الألغام البحرية، واعتداءات البحرية الإريترية والقراصنة الصوماليين، بحسب مشعل.
وأضاف مشعل لـ”المشاهد”: “كل المناطق المحيطة بالميناء كانت زاخرة بأنواع كثيرة من الأسماك، خصوصاً الجمبري والحبار. وكنا في المواسم لا نذهب إلى عمق البحر، بل نكتفي بما نحصل عليه في الأطراف. لكن هذه المناطق أصبحت محظورة، وممنوعاً علينا الاقتراب منها منذ تحرير المدينة، وتحويل الميناء إلى قاعدة عسكرية لقوات التحالف”.

المخاطر التي يواجهها الصيادون في الأعماق البعيدة للبحر، لا تتوقف عند تقلبات الطقس، فهناك القراصنة الصوماليون والبحرية الإريترية الذين يترصدون الصيادين اليمنيين، وفي كل مرة يعتقلون مجموعة صيادين، ويصادرون قواربهم، ويسجنونهم لأشهر


المخاطر التي يواجهها الصيادون في الأعماق البعيدة للبحر، لا تتوقف عند تقلبات الطقس، فهناك القراصنة الصوماليون والبحرية الإريترية الذين يترصدون الصيادين اليمنيين، وفي كل مرة يعتقلون مجموعة صيادين، ويصادرون قواربهم، ويسجنونهم لأشهر، ناهيك عن التعرض للضرب والإهانة. والمؤسف أنه لا يوجد أي دور حكومي للدفاع عنهم وحمايتهم من هذه الانتهاكات، بحسب مشعل.

القواعد العسكرية في المخا تحرم الصيادين من مصدر رزقهم
صيادون في مديرية المخا غرب مدينة تعز

معاناة الصيادين

فقد 30 ألف صيّاد مصادر دخلهم على طول الساحل الغربي لليمن، بسبب الحرب التي حصدت أرواح 133 صياداً، ودمرت 204 قوارب للصيادين، بحسب تقرير حكومي للهيئة العامة للمصائد السمكية.
وبدأ الصيادون يفقدون مصدر رزقهم على طول الساحل الغربي، منذ اجتياح جماعة الحوثي لمناطقهم.
وبعد دخول القوات المدعومة من التحالف العربي، على خط المواجهة في سواحل البحر الأحمر، ظلت معاناة الصيادين اليمنيين على حالها.
وعوضاً عن تسهيل مهنة الصيادين، وحمايتهم من الاعتداءات، عملت القوات المسيطرة على وضع عراقيل بديلة عن تلك التي كانت تضعها جماعة الحوثي، خصوصاً بعد استخدام الجماعة قوارب مفخخة لمهاجمة بوارج التحالف المتواجدة في عرض البحر الأحمر. وهو الأمر الذي جعل هذه الاخيرة تضع حدوداً في البحر، وإشارات حمراء يُمنع تجاوزها نحو الأعماق، ليظل الصياد اليمني يعاني الأمرّين؛ بين مطرقة الحوثيين وسندان التحالف.

إقرأ أيضاً  مسلسل «ممر آمن»… الأمن مسؤولية مشتركة

مناطق صيد خطرة

الصياد محمد عايش (٣٠ عاماً) انتقل من المخا، مع مجموعة من رفاقه، إلى منطقة رأس العارة التابعة لمحافظة لحج، والقريبة من باب المندب، وهناك تعاقدوا مع أحد ملاك القوارب الكبيرة، وبدأوا ممارسة مهنتهم في البحر، حيث يقضون أياماً في العمل، ثم يعودون إلى أهليهم في المخا بما توفر لديهم من مال يكفي لإعالة أسرهم، لكنه تحدث بمرارة عن استمرار المعاناة، وانعدام الأمن في منطقة الصيد الجديدة التي انتقلوا إليها، حيث تلاحقهم قوارب القراصنة الصوماليين، وتحتجزهم، وتصادر ما لديهم من أسماك، بمجرد الاقتراب من المياه الإقليمية الصومالية.
وأضاف عايش: “قبل عدة أشهر أسر القراصنة 7 صيادين من رفاقنا، واحتجزوهم مع القارب لأيام، وبعد تواصلهم مع أهاليهم ومالك القارب، اشترط القراصنة دفع 3000 دولار عن كل صياد، كفدية للإفراج عنهم، واضطر الأهالي ومالك القارب للاقتراض وتحمل الديون لدفع هذا المبلغ الباهظ من أجل تحرير أبنائهم”.
ويعمل الكثيرون لتسديد الديون، والبعض انتقل لمناطق بعيدة وآمنة نسبياً، مثل شبوة وحضرموت (شرق اليمن)، لكنها تختلف عن العمل في البحر الأحمر، كونها بعيدة ومناطق خطرة في البحر العربي.
ومع ذلك، يغامر الصيادون في تلك المناطق، لأن توقفهم عن الاصطياد هناك يعني عدم حصولهم على لقمة العيش، بحسب عايش.
وتمنى عايش من الحكومة أن تولي قضايا الصيادين الاهتمام والمتابعة، ووضع الحلول لمشاكلهم، وحمايتهم من الانتهاكات.

مقالات مشابهة